حاملا نسخة من الطلب، وأبياتا من الشعر، وتأييدا دوليا كبيرا، ذهب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليلقي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال66 بعد دقائق من تقديمه طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأممالمتحدة على كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، ذهب عباس بشجاعة رغم الرفض الأمريكي بعد أن قرر أنه دقت ساعة الربيع الفلسطيني متزامنة مع انطلاق ثورات تحرر الربيع العربي. كلمات عاطفية ولهجة حماسية ولغة ملونة بالشجاعة اختارها محمود عباس »أبو مازن« ليرسم بها كلمات خطابه الذي قاطعه الحاضرون بالتصفيق أكثر من مرة اتفاقا منهم مع اللغة والمضمون، بينما ظل ممثلو الولاياتالمتحدة وإسرائيل وحلفاؤهم باردين في كراسييهم ينتظرون نهاية الهجوم الكلامي الفلسطيني الذي بدأ بتبرير التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة بحثا عن اعتراف دولي بعد أن حطمت إسرائيل طاولة المفاوضات..
على صخرة الاستيطان وتعنت الحكومة الإسرائيلية تكسرت كل أمواج المفاوضات السابقة منذ اعتراف فلسطين وإسرائيل ببعضهما البعض قبل 18 عاما وقبل ذلك، هكذا تحدث عباس مستفيضا في شرح العوائق التي ظلت تل أبيب تتفنن في صناعتها ووضعها في طريق السلام موضحا أنه في الوقت الذي ترفض فيه سلطات الاحتلال إعطاءَ تراخيص بناء بيوت للفلسطينيين في القدسالشرقيةالمحتلة، فأنها تكثف حملة هدم ومصادرة البيوت وتشريد أصحابها وساكنيها منذ عشرات السنين، ضمن سياسة تطهير عرقي تعتمد أساليب متعددة بهدف إبعادهم عن أرض آبائهم وأجدادهم.
أبو مازن أشار أيضا إلى «تصاعد الدور الإجرامي لميليشيات المستوطنين المسلحين الذين يحظون بالحماية الاستثنائية من قبل جيش الاحتلال» وإلى الجدار العازل الذي تبنيه إسرائيل لتفتيت وتمزيق الأراضي الفلسطينية وكذلك إلى عدوانها الإجرامي على قطاع غزة قبل 3 سنوات وتدمير المدارس والمستشفيات وقتل الاطفال وحصار أهالي القطاع بخلاف المداهمة والاعتقالات والقتل على الحواجز في مناطق السلطة الوطنية وبالتالي فكما قال عباس «بعد 63 عاما على النكبة يجب أن نقول للظلم كفى كفى كفى، لا أحد لديه ذرة ضمير يمكنه رفض طلب فلسطين لعضوية كاملة في الأممالمتحدة».
التنازلات الفلسطينية التي تم تقديمها على مدار الأعوام كبيرة جدا والسبب الوحيد لها هو إيمان منظمة التحرير الفلسطينية بالسلام وسعيها له وأضاف أبو مازن «في ظل غياب العدل المطلق فقد اعتمدنا طريق العدل النسبي وصادقنا على إقامة دولة فلسطين فوق 22 % فقط من أراضي فلسطين التاريخية، أي فوق كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في العام 1967« وحذر عباس سلطات الاحتلال من عاقبة منع دولته قائلا «إن اليأس هو أقوى حلفاء التطرف»
ومتحدثا باسم منظمة التحرير الفلسطينية التي حرص على وصفها بالممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني حتى إنهاء الصراع وحل جميع قضايا المرحلة النهائية، لخص محمود عباس أهم أهداف السعي الفلسطيني في 5 محاور رئيسية هي، أولا الحصول على دولة مستقلة للفلسطينيين على كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزةالمحتلة عام 67، وحل قضية اللاجئين وفقا لقرار الأممالمتحدة رقم 194، والإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين السياسيين وهو شرط أساسي لتحقق السلام .
وثانيا تمسك منظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني بنبذ العنف ورفض وإدانة جميع أشكال الإرهاب، وخاصة إرهاب الدولة، والتمسك بجميع الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير وإسرائيل، وثالثا التمسك بخيار التفاوض للتوصل إلى حل دائم للصراع وفق قرارات الشرعية الدولية، على أن يعود التفاوض بعد وقف الاستيطان، ورابعا التمسك بمواصلة المقاومة الشعبية «السلمية» للاحتلال الإسرائيلي ولسياسات التفرقة العنصرية ضد «الشعب الأعزل إلا من حلمه وشجاعته وأمله وهتافاته في مواجهة الرصاص والمدرعات وقنابل الغاز والجرافات»
وأنهى عباس نقاطه ال5 بالتأكيد على اعتماد السلطة الفلسطينية للخيار السياسي والدبلوماسي، وعدم سعيها ل«عزل إسرائيل أو نزع شرعيتها» ولم يفت الرئيس الفلسطيني الإشارة للجاهزية الكاملة للشعب الفلسطيني ومؤسساته لإقامة دولة فلسطين المستقلة على الفور بحسب شهادات دولية أهمها للجنة التنسيق للدول المانحة.
وقبل النهاية وعلى خطى الراحل عرفات استشهد عباس بأبيات شعر للشاعر الفلسطيني الراحل الأشهر محمود درويش حركت عاصفة من التصفيق داخل القاعة وقال عباس من كلمات درويش «واقفون هنا، قاعدون هنا، دائمون هنا، خالدون هنا ، ولنا هدف واحد واحد واحد .. أن نكون وسنكون»