بعد بيان النيابة الليبية، عقوبة غير متوقعة في انتظار صاحب واقعة مزاح الأسد مع عامل مصري    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    طارق سعدة: معركة الوعي مستمرة.. ومركز لمكافحة الشائعات يعمل على مدار الساعة    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    «القومي للمرأة» ينظم ندوة "معًا بالوعي نحميها" بالتعاون مع منطقة عظ الإسماعيلية    الجاليات المصرية بالخارج تدعم جهود OMC الاقتصادية في التنمية المستدامة    أخبار× 24 ساعة.. مياه الجيزة: عودة الخدمة تدريجيا لمنطقة كفر طهرمس    محافظ دمياط يتابع الاستعدادات النهائية لمهرجان دمياط فى نسخته الثانية    جامعة دمنهور تعقد فعاليات ورشة عمل "بناء القدرات فى مجال الوعى المناخى"    ديبال SO7 الكهربائية الجديدة تنطلق رسميًا ولأول مرة في مصر.. أسعار ومواصفات    حماس: إعلان جيش الاحتلال بدء عملية "عربات جدعون 2" "استهتار" بجهود الوسطاء    مسؤول إسرائيلي: سننفذ عملية تدريجية ودقيقة ومحددة الأهداف في غزة ومحيطها    رئيس الأركان الأوكراني: الحلفاء بدأوا خطة عسكرية للضمانات الأمنية    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    زعيم كوريا الشمالية يدعو لتوسيع الترسانة النووية لبلاده    الأونروا: تضاعف مقلق لحالات سوء التغذية بين أطفال غزة    الأمم المتحدة: هجمات إسرائيل في غزة "تدمير منهجي" وتهجير قسري يهدد المدنيين    عودة شيكو بانزا| قائمة الزمالك لمواجهة مودرن سبورت    طلب الاستماع لمحادثات الVAR.. الإسماعيلي يحتج على حكام مباراة الاتحاد    90 دقيقة تحسم 7 بطاقات أخيرة.. من يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا؟    ملف يلا كورة.. موقف ثنائي الأهلي.. الإسماعيلي يحتج.. واستبعاد 8 لاعبين من قائمة الزمالك    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    شراكة جديدة بين «المتحدة» و«تيك توك» لتعزيز الحضور الإعلامى وتوسيع الانتشار    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    أحمد شيبة يوضح واقعة سرقة شقته: "الخبر قديم.. كان في دهب مسروق ولقيته"    تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد بين المحافظات    إيهاب توفيق في مهرجان القلعة يستدعي ذكريات الحب بأغانيه    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    بالصور.. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا الشربيني بفستان قصير    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    افتتاح معرض "آثار المدينة الغارقة" بالمتحف القومي (صور)    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    "صحة اإسكندرية" تعتمد 7 مدارس ثانوية فنية للتمريض بنظام 5 سنوات بدلاً من 3 سنوات    عودة المياه تدريجيا إلى كفر طهرمس بالجيزة بعد إصلاح خط الطرد الرئيسي    سيد ياسين: المصري قادر على المنافسة على لقب الدوري    الأهلي يتعامل بحذر مع إمام عاشور «كنز مصر»    شريف الخشاب: الأداء في الدوري لا يزال عشوائيًا    افتتاح قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي بحضور هنو ومبارك وعمار وعبدالغفار وسعده    جريمة غامضة.. زوج يطلق النار على زوجته لاعبة الجودو لأسباب مجهولة    لميس الحديدي: ظهوري على شاشة النهار تأخر 14 عامًا    صلاح دندش يكتب : تخاريف    عصام عطية يكتب: الأوبرا بلا رؤية!    اعترافات المتهمة بحريق مستشفى حلوان| شروق: «أنا اللي حرقت قسم العناية المركزة»!    ضبط مكان لذبح الحيوانات بمدينة منوف بالمنوفية غير صالحة للاستهلاك الادمى    حدث ليلًا| أسعار عمرة أغسطس 2026 وموجة حارة جديدة بهذا الموعد    بسعة 350 سريرًا وتكلفة 2.175 مليارجنيه.. وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي بالعاصمة الإدارية (صور )    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    "الفنية العسكرية" تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا بالفصل الدراسي الأول    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزت عامر.. رائد قصيدة النثر الذى لا يزاحم أحدًا
نشر في التحرير يوم 10 - 10 - 2013

فى مقالى السابق عن الشاعر محمود الشاذلى المنشور بجريدة «التحرير»، كنت ألمحت إلى سيرة الشاذلى السياسية، ونوهت عن اتهامه فى القضية الأشهر رقم 100 لعام 1977، التى كانت تشمل مناضلين وشعراء وكتابا وعمالا، وقلت فى سياق ما كتبت أن محمود الشاذلى هو المتهم الأول فى هذه القضية، مما جعل الشاعر والصديق عزت عامر يهاتفنى موضحا ومصححا لى مشكورا أنه هو المتهم الأول فى القضية، وهذا يجعلنى أقدم التحية لهذا الرجل الذى آثر أن يقول كلمته ويمضى، لا يبحث عن مجد ولا عن دور غير الدور الذى أداه مثل القديسين والرهبان، فى زمن كان الإنكار هو العنصر المهيمن والفاعل فى الحركات السياسية والثقافية. والمعروف أن القضية 100 التى كانت فى أعقاب انتفاضة 18و19 يناير 1977، تضم عددا من الشعراء والمثقفين، حيث كان المثقفون وما زالوا فى طليعة الأحداث السياسية، وكان من أبرز هؤلاء الكتاب صلاح عيسى ومحمود أمين العالم وزكى مراد وإبراهيم عبد الحليم، وزين العابدين فؤاد وأحمد فؤاد نجم وغيرهم. وكان القاضى العظيم حكيم منير صليب هو الذى وقف بقوة فى وجه الحاكم، وقضى ببراءة غالبية المتهمين، وعلى رأس هؤلاء الشاعر الكبير عزت عامر، الذى لعب دورا آخر وهو اقتحام قلعة الشعر الكلاسيكية، وكتابة نموذج لم يكن مألوفا فى ذلك الوقت، وكان يعمل ضابطا بالمعهد الفنى للقوات المسلحة ومهندسا بوزارة التخطيط.
بدأ عزت كتابة الشعر منذ عام 1960، ونشر قصائده فى جريدتى المساء والأخبار، ثم المجلة الطليعية «جاليرى 68»، وأذيعت قصائده فى إذاعة الشعب، ثم أصدر ديوانه الأول «مدخل إلى الحدائق الطاغورية» عام 1971 عن سلسلة كتاب الغد، وهذه سلسلة أنشأها كتاب طليعيون يحلمون بعالم جديد، وفى التقديم الذى استهلت به السلسلة إصداراتها نقرأ: «هذه السلسلة يصدرها أدباء لا ينتمون إلى مدرسة فكرية واحدة، ولا إلى مدرسة فنية واحدة، بل هم لا ينتمون إلى جيل واحد، ولكنهم على اختلافهم، تجمعهم ملامح مشتركة، فالفنان عندهم جميعا ليس حرفيا حاذقا فحسب يتعامل مع الشخصية الإنسانية والمصير الإنسانى فى جوانبه المتعددة، والشاعر الذى يستخلص المعنى من التجربة الحسية والانفعالية الجزئية، لا بد أن يحتضن الخلق الفنى عنده موقفا والتزاما»، وهذا الاقتباس من مقدمة طويلة تصدرت الديوان، وتعتبر هذه المقدمة بمثابة بيان يصدر عن جمعية كتاب الغد، التى ضمت فى إهابها الكتاب إبراهيم فتحى ومحمد إبراهيم مبروك وعبد المنعم تليمة وخليل كلفت ومحمد روميش وآخرين، وكان أول إصدارات الجمعية هذا الديوان الرائد فى قصيدة النثر، الذى كتب عنه إبراهيم فتحى دراسة نقدية وألحقها بالديوان، وجاء فى هذه الدراسة: «الشاعر لم يقف عند هذا الرفض الذى كان بمثابة الزى الشعبى الرسمى لشعراء الفصحى، فبذرة الرفض المتضمنة فى محاولاته الأولى لم تذهب هباء فى الأشجان الخانعة والتفلسف السطحى عن مأساة الإنسان المعاصر فى الكون القديم».
كان هذا الديوان الأول للشاعر عزت عامر، الذى يهديه: إلى «بلدى.. من أجل هذه الحقائق البسيطة، يمكننا أن نناضل حتى الموت من أجلك» فتحا جديدا فى عالم الشعر، وكان فى ذلك الوقت الهجوم على قصيدة النثر شبه دائم، يقيم له النقاد والشعراء والمثقفون حفلات وحملات شتائم مستمرة، على صفحات المجلات والصحف، ولم يكتب أحد من الشعراء الشباب آنذاك فى هذا الشكل وبهذه الطريقة مطلقا، كانت قصائد أمل دنقل ومحمد إبراهيم أبو سنة ومحمد عفيفى مطر وكمال عمار وحسن توفيق هى الأكثر شيوعا والأكثر قبولا، ولكن ما كتبه عزت عامر هو خروج على هذا الإجماع الفنى والنقدى على نموذج محدد من الكابة، وجاءت قصائد الديوان دون عناوين، ولكنها أخذت منحى ترقيم القصائد، وأيضا هذا ما لم يفعله آخرون، إذن فهذه انتفاضة كاملة لقصيدة أرادت أن تخط لنفسها خطا ليتلقفه آخرون، وتنسب لهم ريادة مكذوبة، ولا يدافع عنها شاعرنا الكبير عزت عامر.
ورغم أن أبعادا فلسفية تطوف بالقصائد، فإننا سنلمح لغة واضحة وقوية ومشبعة بحس الأسطورة، وهذا واضح من العنوان غير التقليدى كذلك. لقد فاجأ شاعرنا الحياة الثقافية فى مطلع سبعينيات القرن الماضى، واستقبله المثقفون بطرق مختلفة، وظل هو الملهم الأبعد تأثيرا على كل من خاضوا معركة كتابة قصيدة النثر فى ما بعد، ولكن عزت نفسه كتب ديوانا آخر بعد ذلك، ثم اتجه إلى كتابة القصة، ثم انخرط فى العمل السياسى، وأصدر مجلة ثقافية مهمة تحت عنوان «أدب الغد»، كانت نافذة لكثير من الأدباء الطليعيين والشباب فى الثمانينيات الماضية، وأعتقد أنه اتجه لدراسة التصوف، ثم اتجه إلى ترجمة كتب علمية مهمة، وأدار الملحق العلمى الخاص الذى تصدره مجلة «العربى» الكويتية. حياة ثرية ومليئة بالإنجازات الحافلة بالقيمة، تدفعنا بقوة إلى تقدير هذا الرجل صاحب الرحلة الثقافية والعلمية والأدبية العميقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.