3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 16-6-2025    خلال عودته من الديوان العام للاستراحة.. المحافظ يتجول بدراجة هوائية بشوارع قنا    ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين بعد انتشال جثتين من موقع سقوط صاروخ إيراني بمدينة بات يام    الأمن الإيراني يطارد سيارة تابعة للموساد الإسرائيلي وسط إطلاق نار| فيديو    الآن.. ارتفاع عدد القتلى في إسرائيل بعد الهجوم الإيراني الجديد    بعد نهاية الجولة الأولى| ترتيب مجموعة الأهلي بكأس العالم للأندية    مفاجآت في تشكيل السعودية ضد هايتي بكأس كونكاكاف الذهبية 2025    لحظة انتشال الضحايا من أسفل مدخنة مصنع طوب بالصف (فيديو)    ننشر حالة الطقس اليوم الاثنين ودرجات الحرارة المتوقعة بالمحافظات    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    مجموعة الأهلي - بورتو وبالميراس يتعادلان في مباراة رائعة    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    كأس العالم للأندية.. الأهلي يحافظ على الصدارة بعد تعادل بورتو أمام بالميراس    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    ترامب: سنواصل دعم إسرائيل للدفاع عن نفسها    زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    الأكل بايت من الفرح.. إصابة سيدة وأبنائها الثلاثة بتسمم غذائي في قنا    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    ملخص وأهداف مباراة بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد فى كأس العالم للأندية    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    علاقة مهمة ستنشئ قريبًا.. توقعات برج العقرب اليوم 16 يونيو    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    رياضة ½ الليل| الأهلي يفسخ عقد لاعبه.. غرامة تريزيجيه.. عودة إمام عاشور.. والاستعانة بخبير أجنبي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توحدهم الأحلام.. وتفرقهم السياسة والأفكار أحيانا:
الجماعة الثقافية، هل هي شيء واحد؟ هل كانت في الأصل شيئاً واحداً؟
نشر في أخبار الأدب يوم 21 - 09 - 2013


photo:andre kertesz
يوماً ما كنا أكثر تماسكاً.
هذا لسان حال الكثيرين الآن بين المثقفين. يوماً ما كنا قادرين علي منع مشاركة إسرائيل في معرض الكتاب، وعلي مقاطعة علي سالم لزيارته إسرائيل. يوماً ما كنا قادرين علي أن نبدأ بياناتنا ب"جموع المثقفين تؤيد كذا"، أو "جموع المثقفين ينددون بكذا". ساعد علي هذا أن أغلب صداقات المثقفين، وزيجاتهم أحياناً، تحدث من داخل الوسط الثقافي. ما الذي حدث من بعد الثورة؟ كيف أصبح مستحيلاً الكلام باسم مجتمع متجانس هو "مجتمع المثقفين"؟ هل تغير شيء حقيقي داخل جوهر الجماعة الثقافية؟ أم أن هناك إجابة أخري هي الصحيحة، وهي أن الجماعة الثقافية لم تكن أبداً موحدة. نستطلع هنا آراء عدد من الأدباء والمثقفين، سواء المنتمين بقوة لهذه الجماعة، أو المنشغلين بتحليل بنيتها.
مجتمع من رافضي المجتمع
في أثناء الصراعات التي أصبحت شائعة الحدوث الآن بين المثقفين حول قضايا سياسية، كتب الروائي والمترجم إيهاب عبد الحميد علي صفحته الشخصية ما معناه أننا مختلفون الآن حول بعض القضايا، وسوف نتوحد فيما بعد حول بعض القضايا، لذا، رجاء، ألا نكون عنيفين هكذا ضد بعضنا البعض. يبدو إيهاب مشغولاً جداً بفكرة "الصداقة"، وأهمية ألا نخسر أصدقائنا بسبب مواقف سياسية قد تتباين أحيانا وقد تتماهي أحياناً أخري. الصداقة هنا ليست مجرد قيمة مطلقة، إنها شيء أساسي وجذري في مفهوم "الجماعة الثقافية".
يبدأ إيهاب كلامه بالمفارقة الكامنة في هذا المفهوم: "الانضمام إلي هذه الجماعة يتطلب شيئاً من الإبداع، والإبداع في حد ذاته تمايز عن الجماعة". أي أن مؤهلات الانضمام إلي هذه الجماعة هي القدرة علي التميز عن الجماعة وعلي التفكير الحر خارج إطارها". إذن ما الذي يجمع هذه "الجماعة"؟ يجيب إيهاب: "نحن جماعة من المنفردين والخارجين عن الجماعة، من المغردين خارج السرب، من غير الأسوياء فكريا، سلوكياً أو نفسياً. نحن جماعة يسير كل فرد من أفرادها في طريق، بحيث لا يمكن للناظر أن يرانا جماعة أصلا. ما يجمع بيننا هو الأحلام وليس الأفكار". ما الحلم الذي جمع هذه الجماعة؟ "هي اللحظة التي اكتشفنا فيها وحدتنا أكثر من أي وقت، لحظة ثورة يناير، وهي لحظة الحلم، أما فيما بعد تحول الحلم إلي واقع، فقد عادت الأفكار والآراء تتباين".
ولكن هذا أمر طبيعي، بل هو من واجب الجماعة أن تنتج آراء وأفكاراً متباينة لا منسجمة، كما يقول، والجماعة سوف تعاني من مشكلة حقيقية إذا توحدت رؤاها، وبالتالي فالاختلاف السياسي أمر حتمي.
إيهاب نفسه يقول إن أغلب أصدقائه من داخل "الجماعة الثقافية"، والصداقة ليست شيئاً جامداً، بل يتغير بحسب تغير سلوك الأصدقاء وآرائهم. هو نفسه يحدد عدة صفات في أصدقائه يمكن بعدها أن يحدث الشرخ في الصداقة، قد يلتئم فيما بعدها أو يزداد اتساعا. هو ينفر من المتطرفين والعنصريين، من دعاة العنف والأغبياء والمغرورين وثقيلي الظل.
هناك مشكلة أخري بحسب إيهاب، وهي مشكلة
جذرية، عنوانها الفيسبوك: "مشكلة الفيس بوك أنه يعطيك إحساساً بالقوة والانتشاء. ال"لايك" و"الشير" و"الكومينت" و"الفولو"، تهيء لك أنك زعيم له أتباع، تصيبك أمراض الزعامة: الغرور، الإحساس بامتلاك الحقيقة، الاستهزاء بالآخرين والتسفيه منهم. من حقك ومن واجبك أن تطرح رؤاك المتفردة، لكنك تخطيء مثلا حين تستخدم صيغة "من يقول كذا فهو ابن كذا". هذه صيغة فيها قدر من الخسة، لأنك تطعن في أصدقاء لك، ولكن دون أن تواجههم. تضرب تحت الحزام. هذه هي الصيغة الأخطر علي فيس بوك. وبخلاف ذلك، فنادرا ما تؤثر الأفكار والآراء علي صداقتي للأشخاص".
تاريخ التمرد
علي الجماعة
ومن يمكنه التأريخ لمفهوم الجماعة الثقافية والتمرد عليها أكثر من شعبان يوسف؟ يبدأ الناقد والشاعر كلامه بأن "المثقفين لا يحتاجون لجماعة نوعية". يبدأ من السبعينيات، مع إغلاق المجلات الثقافية وتوقف الدولة عن تقديم أي دعم إيجابي للمثقفين الطليعيين، حيث بدأت جمعية "كتاب الغد"، وكان يمثلها حشد من كتاب ومثقفين يغردون خارج مؤسسات الدولة وعلي رأسهم إبراهيم فتحي ومحمد ابراهيم مبروك وعبد المنعم تليمة ومحمد روميش وغيرهم. أصدرت الجمعية ثلاثة دواوين هي "وش مصر" للشاعر زين العابدين فؤاد، "مدخل إلي الحدائق الطاغورية" للشاعر عزت عامر، و"أشعار أحمد عبيده" للشاعر أحمد عبيده، الذي عذبته المباحث وسلبت منه حقيبة ضخمة كان يتحرك بها دوماً، وكانت تحتوي علي كل إبداعه وترجماته، ووصل لمرحلة تقترب من الجنون، قبل أن يموت منتحراً بعد أن أشعل في جسده النار. هذا لم يبدأ في السبعينيات. يعود شعبان إلي الستينيات حيث بدأ المثقفون تمرسهم علي إصدار مطبوعات مستقلة، مثل "جاليري 68" علي سبيل المثال.
بعد جمعية "كتاب الغد"، تكونت عدة جماعات مثل "إضاءة 77"، و"أصوات"،
وصولاً إلي التسعينيات التي ظهرت فيها "جماعة الجراد"، التي كان للشاعر أحمد طه دور أساسي في تأسيسها، ومن هذه الجماعة خرج أسامة الدناصوري وأحمد يماني وياسر عبد اللطيف وهدي حسين وشحاتة العريان وغيرهم.
يضيف شعبان: "أعتقد أن "جماعة الجراد" كانت آخر الجماعات القوية والفاعلة، والتي كانت تقوم علي أفكار في الفن والكتابة والحياة كذلك، ولم يكن دافعها الأساسي النشر فقط، علي عكس كثير من الجماعات التي لم يربط بينها سوي النشر، وربما كانت الجماعة في حد ذاتها تعمل علي ترويج الشخص نفسه، لذلك كانت هناك جماعات أخري تعبر عن السخط من التهميش والإقصاء مثل جماعة "البطة السودة"، التي شاركت فيها الكاتبة الراحلة نعمات البحيري والكاتبة صفاء عبد المنعم والكاتب فتحي امبابي، وكان الأساس لقيام هذه الجماعة هو فضح الطرق التي تروج بها الدولة لكتاب دون آخرين".
بعدها، كما يضيف شعبان، لم يعد الكتاب بحاجة لمثل هذه الجماعات، لأن التجمعات بالفعل متحققة عبر وسائط عديدة دون أسس أيديولوجية: "هناك الآن آلاف المنتديات والجروبات التي تستقبل كتابات الناس جميعا دون تفريق، كذلك انتشرت تجمعات أدبية في ندوات كثيرة مثل المكتبات وغيرها"، أما بعد الثورة فقد ذابت الفوارق الفكرية بين الكتاب كما يشرح، حيث تركوا الخنادق الأيديولوجية الضيقة: "لم تعد الجماعة الآن تحمل أي مبررات أيديولوجية حادة مثلما كان يتطلب الماضي. الآن لا يمكن تمييز الاختلاف الأيديولوجي بين قصيدة شاعر وشاعر إلا في الصفات الفنية الخاصة وفقط، وهذا ما ينطبق علي جميع الفنون ،لذلك فكل مبدع يحمل في تكوينه "جماعة"كاملة".
غرباء يعيشون بين غرباء
يصف الروائي خالد البري نفسه بأنه ليبرالي يؤمن بالرأسمالية. هذا يبدو انشقاقا خطيراً في الجماعة. لطالما وصف المثقفون أنفسهم بأنهم "يسار"، أو "علي يسار النظام"، أو "أميل إلي اليسار"، ولكن أن يأتي روائي من قلب الجماعة الثقافية ويعلن عن إيمانه بالرأسمالية، خاصة مع تقلبات البري العنيفة، من كونه جهادياً وثق لتجربته في كتاب "الدنيا أجمل من الجنة"، لكونه علمانياً راديكالياً كما يبدو من مقالاته الصحفية. يبدو هنا وكأن انتهاكا خطيراً قد حدث لجسم الجماعة الثقافية الذي يبدو متجانساً. البري نفسه يرد علي هذا بأن وصف الجماعة الثقافية لنفسها بأنها "يسار"، هو مجرد افتراض: "المجموعة الثقافية التي نشأت ضمن دولة ناصر - بخطابها المناهض للاستعمار - وضعت نفسها علي يسار "النظام العالمي". لكنها بالنسبة للنظام المصري علي يمين النظام شوفينية وانغماسا في
النموذج الأخلاقي الذكوري التقليدي. أنا لا يعنيني هنا كيف تصف نفسها، وإنما تعنيني القيم التي تتبناها".
يبدو البري شديد الراديكالية في انتقاده لأفكار اليسار. يري أن الفن والثقافة فعل فردي بطبيعته، يبدأ من الفرد وينتهي إليه، وحين يؤثر في المجموع فيجب أن يؤثر فيه بوصفه مجموعة من الأفراد، وإلا صار تعبئة حشدية، وعلي الناحية الأخري فهناك المجتمع القبلي والزراعي والذي كانت بنيته الأساسية العائلة، صلة الدم، احترام الكبير، حماية الأفراد في مقابل دخولهم في طوع الجماعة، وهذا قريب في رأيه من التفكير اليساري الجمعي، أما المجتمع المديني فقد حول مركز القيم إلي تركيبة المدينة، غرباء يعيشون بين غرباء، وبالتالي صارت الفردية معيارا لا يمكن تغافله في بناء المجتمع المعاصر".
نتيجة لهذا، ففردنة الجماعة الثقافية مؤشر جيد تماماً بالنسبة له، بنفس القدر الذي كان اجتماعها فيه علي سمات جامعة مانعة مؤشرا سيئا لم تنتبه إليه: "الأصوات الليبرالية في مصر كثيرة جداً لكنها تاريخياً أقل تعبيرا عن ميولها بسبب سيادة قيم العائلة والوحدوية". ولكن هل هذا يفسد للود قضية؟ يجيب بأنه لا، رغم أنه شديد النفور من أصحاب الآراء الوحدوية ضمن المجموعة الثقافية، ليس بسبب آرائهم وإنما بسبب لجوئهم لاستخدام قيم الأمر الواقع والخطاب الشعبوي للترويج لفكرهم "اليساري التقدمي" (يضحك باستهزاء)، من دون أن يلاحظوا أنهم يهزمون فكرة التقدمية باستدلالهم بمفاهيم عائلية تشبه ما كان يستخدمه موسوليني، يستدرك: "أما ما عدا هذا، فهناك أشخاص (زي الفل)، نختلف في الرؤية ولكن أصحابها لديهم منطق متماسك، ليس رخيصاً ولا استسهالياً".
أدباء وحقوقيون..
ليسوا سواء
أتي محمد خير من عائلة موزعة بين العمل السياسي والثقافي والفني، وأصدقاؤه أيضاً موزعون بين هذه المجالات، وكتب الشعر والرواية والقصة القصيرة. لهذا يبدو شخصية شديدة المركزية داخل الجيل الجديد من "الجماعة الثقافية"، وفوق هذا، فعلي غير عادة الأدباء، خاض خير عدداً كبيراً من النقاشات السياسية المحتدمة، وفي أوقات معينة، مثل لحظة ظهور المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، أو لحظة المفاضلة الصعبة بين مرسي وشفيق، فإن أي جدل سياسي كان سرعان ما يتحول إلي شجار عنيف، حتي لو حدث الجدل بين فردين من أبناء "الجماعة الثقافية". خاض خير جميع هذه النقاشات بهدوء وخرج منها كما دخلها: شخصية مركزية داخل الجماعة الثقافية. ينتج أدبا رائق المزاج. كيف يفعلها؟ يقول: "بشكل عام فأنا أفصل بين الواقع والفيسبوك. لا يمكنني حذف شخص في الواقع بسبب رأي قاله علي الفيسبوك. لو فعلت هذا سأكون قد دخلت عالم الإدمان رسمياً".
بالنسبة للجماعة الثقافية نفسها يبدأ خير باقتباس فكاهي من إحدي المسرحيات: "عمر الجماعة الثقافية ما كانت مبسوطة، لم تكن هذه الجماعة موحدة أبداً، ولكن الفارق الآن هو أن الجميع معرضون للآراء الجميع لمدة 24 ساعة في ال24 ساعة، بدلا من التلاقي مع فلان في تظاهرة ضد التطبيع مثلا كل عدة سنوات كما كان يحدث
سابقاً، فأنت أصبحت تصطدم بآرائه حول الألتراس والإسلام الوسطي مرورا بشركة الإنترنت المفضلة لديه، وهذا ببساطة يرفع نسبة الخلافات المحتملة بقدر كمية القضايا اليومية".
ولكن برغم هذا، فهناك خطوط عريضة جداً مازالت تجمع بين المثقفين في رأيه: "معظمهم أيد أو شارك في ثورة يناير، معظمهم كان ضد الإخوان، معظمهم أيد بالكلام أو الصمت موجة 30 يونيو وتغييراتها، والخلافات في جميع هذه القضايا كان حول التفاصيل وطرق المعالجة والهواجس لا علي الخطوط الرئيسية، كما أن مشروع الدولة المدنية الحديثة، لا يزال هو مشروع الجماعة الثقافية، والخلاف فقط حول التكتيكات". يؤكد خير علي أنه يتحدث عن "الجسم التقليدي" للجماعة الثقافية"، أي الأدباء والشعراء والنقاد والناشرين. هذا تمييز ضروري كما يشرح، لأن أغلب من يختلف جذرياً لا في التكتيك- مع 30 يونيو وانتزاع الإخوان من السلطة، أو لا يري في 30 يونيو سوي انقلاب صريح علي الشرعية الديمقراطية، يأتون من بين النشطاء السياسيين وبعض الحقوقيين، أي أنهم لا ينتمون إلي الجسم التقليدي لما اعتددنا تسميته بالجماعة الثقافية: "بل علي العكس، فقد اجتذبت الجماعة الثقافية ذ التي أري أنها لم تتفتت رغم ما يبدو عليها من خلافات العديد من النشطاء وبعض الحقوقيين إلي اتخا الموقف الثقافي التقليدي الصارم ضد الإسلام السياسي".
لا يري خير في هذا المفهوم أي تناقض مع فردية الفنان أو استقلالية المثقف "لأن مفهوم الجماعة لا يظهر سوي في لحظات الصدام الوجودي أو القضايا الكبري، ومن المهم هنا أن نري تلك الخطوط الجامعة العريضة، حيث تم تشويشها في لحظات قديمة في طهران وقريبة في غزة وأقرب في سوريا، وكانت النتائج مأساوية حقًا".
العلاقة بالدولة هي الأساس
تبدو بسمة الحسيني لمن يتابعها شديدة النقدية تجاه فكرة الدولة وارتباط المثقفين بها، تتأمل مديرة مؤسسة المورد المستقلة، التي طالما تم الهجوم عليها عبر عناوين مثل "التمويلات الأجنبية" وغيرها، في وحدة الجماعة الثقافية سابقاً والآن: "بالتأكيد كانت هناك في السابق مجموعات متماسكة ضد التطبيع مع إسرائيل مثلاً أو
قضايا أخري، أما بالنسبة للمواجهة الآن مع جماعات الإسلام السياسي فالجماعة الثقافية لا تقف بنفس تماسكها السابق. هناك درجات متفاوتة في موقف المثقفين من الإسلاميين، هناك من يقول إنه لابد من حرقهم بالنار ومن يقول بأنه لا مانع من التسامح معهم شريطة التزامهم بالقانون، هناك من ينادون بمنع الأحزاب علي أساس ديني ومن يرون أنه في كل دول العالم ثمة أحزاب علي أساس ديني. يمكننا تعريف الجماعة الثقافية بالسلب. أي انها الجماعة التي رفضت التطبيع مع إسرائيل وترفض الإسلام السياسي الآن، ولكن هذا يبدو أقل تماسكا الآن مما كان عليه في السابق". ولكن حتي بالنسبة للموقف من إسرائيل، تشير بسمة إلي ازدواجية ما كانت تحدث، فهناك مثقف يزور إسرائيل ولاينتمي للجماعة الثقافية ومثقف يزور إسرائيل وينتمي إليها، الأول يتم وصمه والثاني يتم التسامح معه!
هناك تقسيم أيديولوجي للجماعة تشير إليه، وهو ليس صلبا بشكل كاف بالنسبة لها، لأن الأيديولوجيات جميعها مختلطة الآن، والفكر لا يلعب دوراً أساسياً في المعركة، وهناك تقسيم جيلي تراه أكثر تماسكاً، فهناك فروق حقيقية بين من هو أصغر مثلاً من 35 سنة ومن هو أكبر.
وهناك شيء آخر تشير إليه وهو العلاقة مع الدولة: "لو تحول كل المثقفين إلي ليبراليين أو يساريين، فسوف تظل العلاقة بالدولة هي المحدد الرئيسي. هل ينتمي المثقف للمركز أو للهامش؟ هناك مركز مرتبط بالدولة بشكل مباشر ومصطف الآن مع الدولة تماماً، وهناك هوامش أخري، هناك هوامش جغرافية، مثل مثقفي الأقاليم، وهناك أقلية منهم مرتبطة بالدولة والأغلبية بعيدة عنها. وهامش من درسوا بالخارج أو من يقومون بالتدريس في الجامعات غير المصرية مثلاً، وهناك هامش من هم ضد الدولة علي طول الخط. هذه الهوامش مبعثرة جداً وعلاقتها ببعضها متوترة. مثقف الأقاليم مثلا ينظر بتوجس شديد إلي مثقف التمويل الأجنبي. السؤال هنا هو من بإمكانه تقديم طرح يجتذب سائر الهوامش أو يؤثر علي المركز«.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.