الأرجنتينى حارب مرضه بالتوحد ونقص النمو ليصبح «الأسطورة» حكاية ليونيل ميسى ليست فقط حكاية لاعب كرة قدم أسطورى، وليست فقط رواية رياضى فذّ أبهر العالم بموهبته الفريدة، بل هى حكاية أب وأم آمنا إيمانا مطلقا بموهبة وحظوظ ابنهما الصغير على الرغم من إصابته بمرض (التوحُّد) فى سن الثامنة -الذى ما زال يترك بصماته عليه حتى الآن- وكذلك إصابته بمرض (نقص النمو) فى سن 13 عاما حتى إن طوله لم يكن يتجاوز وقتها 115 سم، وحسب رأى الأطباء فإن طوله لم يكن ليتجاوز 150 سم فى أحسن الأحوال باقى عمره! إنها حكاية حياة... فى يوم 24 يونيو من عام 1987 أطلق المولود ليونيل صرخته الأولى معلنًا قدومه إلى دنيانا فى حى روساريو المتواضع بالعاصمة الأرجنتينية بوينوس إيريس، لأبوين فقيرين. فى سن السابعة بدأ لعب الكرة فى شوارع الحى، حيث بدأت كراماته فى الظهور، فقام الأب بإلحاقه بنادى الحى الصغير وفيه بدأت موهبته فى الظهور بوضوح. إلا أن ضآلة جسمه وإمكاناته البدنية الضعيفة كانت عائقا كبيرا له ومثارا للشك فى مستقبله الكروى، فقام والده بعرضه على مجموعة من الأطباء المتخصصين الذين أجمعوا على ضرورة علاجه بهرمونات النمو وإلا سيعيش بقية حياته قِزمًا! كان هذا العلاج يتكلف شهريا ألف يورو، وهو ما يعادل دخل الأسرة بالكامل فى أربعة أشهر، فعرض الأب على النادى أن يتكفل بمصاريف العلاج مقابل أن يلعب له ابنه مجانا، إلا أن الإجابة كانت الرفض القاطع! فقام بعرضه على نادى «ريفر بليت» أكبر نوادى العاصمة فاقتنع المدربون بموهبة الصغير إلا أن الإدارة رفضت أيضا علاجه مقابل اللعب مجانا! استمر الأب فى كفاحه من أجل مستقبل ابنه وقرر الهجرة معه إلى أوروبا قبل أن يبلغ عامه الثالث عشر، وبمساعدة عمه الصغير دبَّر تكاليف السفر وحطَّ الرحال فى مدينة برشلونة عام 2000.. بعدها بأيام قليلة كان ليو يخضع لأول وآخر اختبار فنى فى نادى برشلونة.. فقط بعد حصتين تدريبيتين كان الطلب المباشر من المدربين هو التعاقد الفورى مع هذه الموهبة الفذة، فاستدعت إدارة النادى الأب لمعرفة شروطه، وكانت مفاجآة مذهلة للمسؤولين أن شروط الأب هى فقط تحمل النادى تكاليف علاج ميسى، وبالطبع تم توقيع العقد فى نفس اليوم وانضم ليو رسميًّا إلى فريق الناشئين فى النادى وهو دون سن الثالثة عشرة. طوال فترة 42 شهرا خضع ميسى للعلاج بالحقن اليومى بهرمون للنمو اسمه «SMOATOPIN» وهو عقار محظور من منظمة الصحة العالمية ويسمح فقط باستخدامه بشروط معينة للحالات التى تعانى نقصا شديدا فى النمو.. واستجاب جسد الصغير للعلاج وأصبح طوله اليوم يصل إلى 169 سم. وفى سن السابعة عشرة وقَّع ليو ميسى أول عقد احتراف مع النادى للّعب لفريق برشلونة B، إلا أن موهبته كانت أكبر بكثير فتم تصعيده بعد خمس مباريات فقط للعب مع الفريق الأول «البارسا» وكانت أولى مبارياته الرسمية فى الليجا فى 16 أكتوبر 2004. بدأ ميسى فى هواية تحطيم الأرقام القياسية مبكرا، ففى أول مايو من عام 2005 سجَّل أول أهدافه الرسمية مع البارسا فى الليجا ليتحول إلى أصغر لاعب فى تاريخ النادى يسجل هدفا للفريق فى مباراة رسمية. وفى عام 2009 تحول ميسى إلى أسطورة فى البارسا ومعبود للجماهير بعد أن قاد الفريق إلى تحقيق السداسية المقدسة فى عام واحد (بطولة الليجا + بطولة كأس إسبانيا + بطولة السوبر الإسبانية + بطولة أبطال أوروبا + بطولة السوبر الأوروبية + بطولة العالم للأندية)، وبالطبع نال ميسى وقتها لقب أفضل لاعب فى العالم والتى لم يتخلَّ عنها منذ حينها حتى الآن! وهكذا بدأ ميسى بعَقد للّعب مجانًا مقابل العلاج وانتهى الآن إلى عقد يتيح له الحصول على 22 مليون يورو سنويا ويتضمن عقده بندين مهمين: الأول ينص على أن يكون هو دائما الأعلى أجرا فى الفريق، والثانى ينص على أن أى فريق يرغب فى فسخ عقد ميسى مع البارسا ليتعاقد معه فعليه دفع مبلغ 250 مليون يورو بالتمام والكمال! ما زال ميسى هو نفس الشخص الخجول المتواضع العاشق لبرشلونة ولناديها حتى إنه يقول عن نفسه: «أنا أرجنتينىّ بقلب وروح كتالانية». مؤخرا انتهى المهندس المعمارى من إنشاء منزل ميسى الجديد بحى «بدرالس» الراقى فى برشلونة، وحسب رغبة ميسى فإن المنزل على شكل كرة قدم ويطل على ملعب الكامب نو! السؤال التاريخى لعشاق كرة القدم هو: أيّهما أفضل.. ميسى أم مارادونا؟ إجابتى ستكون بسؤال آخر: النخلة أعلى أم القطار أسرع؟ الحقيقة أن كلا منهما يتمتع بمواهب خارقة قد تتشابه مع الآخر. قد يكون ميسى أعلى مهاريًّا فى المراوغة وأسرع فى الجرى بالكرة. إلا أن مارادونا قاد بلاده للفوز بكأس العالم مرتين وهو ما لم يفعله ميسى حتى الآن. بالمناسبة إيه رأيك فى مستوى اللاعبين المصريين؟ أعتقد أن الفارق بين مستوى ميسى الكروى وبين مستوى اللاعبين المصريين، هو نفس الفارق بين مستوى النظافة والنظام فى إسبانيا وبين مستويهما فى مصر! بس خلاص!