قال إيريك تراجر، زميل معهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، وخبير شؤون الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية، إن الخلاف بين المملكة العربية السعودية ومصر يمثل نمطا مألوفا، وذلك في مقالة له بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية. تراجر أشار إلى أن دعم مصر لمشروع القرار الروسي في مجلس الأمن بشأن سوريا، أغضب المملكة العربية السعودية، إلى حد دفع السفير السعودي بالأمم المتحدة إلى انتقاد مصر بشكل علني، إذ أن السعودية ترفض مجهودات روسيا التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد وتفضل المشروع الفرنسي الذي يسعى لإيقاف القصف الروسي لحلب. ولفت تراجر إلى أن السعودية أنفقت مساعدات هائلة لإنقاذ مصر، خاصة في السنوات الأخيرة، ففي 2013 أرسلت الرياض 5 مليارات دولار إلى القاهرة، و4 مليارات في 4 مارس 2015، كما وقع الملك سلمان بن عبد العزيز اتفاقيات بقيمة 25 مليار دولار في شهر إبريل الماضي. الكاتب ذكر أن هذه المساعدات، التي أرسلتها السعودية بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، تعكس مخاوف المملكة من طموح جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، بجانب اعتقاد السعودية بأن استقرار مصر سوف يعزز صد الرياضلطهران ووكلائها. وأضاف تراجر: "وبدا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل هذه الصفقة الضمنية، معلنا للملك سلمان أن مصر تعتبر أمن دول الخليج العربي خط أحمر". "بالنسبة للمسؤولين في الرياض، فإن الرئيس السيسي لم يكمل الاتفاق للنهاية، فقد رفض إرسال قوات عسكرية لتعزيز مجهودات السعودية لصد جماعة الحوثيين، المدعومة من طهران، في اليمن، كما رفض طلب السعودية للتدخل العسكري في سوريا". تراجر قال إنه في أثناء زيارة الملك سلمان للقاهرة في شهر إبريل، حاولت الحكومة المصرية لتسوية الخلافات بالاعتراف بملكية السعودية لجزيرتي تيران وصنافير، ولكن محكمة مصرية أوقفت عملية التسليم. الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط قال إن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أكد الاختلافات بين نظرة كلا من مصر والسعودية للصراع في سوريا، إذ أن السعودية تعتبر بقاء الأسد يعزز قوة إيران، والقاهرة تخشى من الجماعات الإسلامية السنية التي تحارب الأسد، إذ تضع في اعتبارها معاركها الخاصة ضد الجماعات الإسلامية. تراجر ذكر أن القاهرة تنظر لهذه الاختلافات بنظرة استراتيجية، مشيرا إلى ما قاله وزير الخارجية، سامح شكري، بعد لقائه مع نظيره الإيراني في سبتمبر من أن "التحالف الذي يقاتل في سوريا قد يرغب في تغيير النظام الحاكم، ولكن هذا ليس موقف مصر". وأضاف تراجر: "وظهر السيسي، يوم الأحد، مهتما بتحسين العلاقات مع المملكة، فقد شكر الرياض على دعمها الواسع للقاهرة منذ الإطاحة بمرسي، كما ذكر أن الاختلافات بشأن سوريا لا يجب أن تعرقل الشراكة الأوسع، كما دعا إلى عودة شحنات النفط من آرامكو للقاهرة، والتي كانت قد توقفت بعد تصويت مجلس الأمن". ولكن المسؤولين المصريين استضافوا رئيس جهاز الأمن القومي السوري لإجراء مباحثات بشأن تعزيز التعاون في مجال محاربة الإرهاب، بحسب ما أفادت الوكالة السورية. وأكد تراجر أن السيسي لم يخضع لداعمه الرئيسي، لأنه يعلم أن السعودية تعتبر مصر أساسا لمصالحها الإقليمية، وتابع حديثه، قائلا "المراقبون في واشنطن من الممكن أن يعرفوا هذا النمط: فإنه على الرغم من المساعدات الأمريكية العسكرية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا، فإن العلاقات بين البلدين قد تدهورت بسبب اختلافات سياسية". "وفي الوقت نفسه، يعزز الرئيس المصري شراكته مع روسيا: فوقعت القاهرة صفقة أسلحة بقيمة 3.5 مليارات دولار مع موسكو في سبتمبر 2014. كما تم الاتفاق على قرض بقيمة 25 مليار دولار لبناء محطة طاقة نووية. واستقبلت القاهرة، في الشهر الحالي، مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا". وأضاف تراجر "كما هو الحال في نهجها مع سوريا، فإن تبني حكومة السيسي لروسيا يعكس تماشي المصالح ضد الجماعات الإسلامية السنية. مثلما يفعل مع السعودية، فإن السيسي يؤكد دائما على رغبته لتعزيز العلاقات المصرية الأمريكية الاستراتيجية، حتى وهو يوثق ارتباطه بعدو واشنطن الأول". واختتم الكاتب مقاله بالقول "حتى الآن، رهان السيسي على أنه يمكن أن يتخذ هذا السلوك من دون أن يخسر المساعدات الأجنبية هو أمرا صحيحا. ولكن حجب السعودية للمساعدات النفطية وقرار واشنطن بتحويل أكثر من 100 مليون دولار من مخصصات مصر إلى دول أخرى، يشير إلى تغيرات يمكن أن تكون جارية الآن".