خداع النفس أسوأ فخ يمكن أن يقع فيه إنسان. وجماعة الإخوان لم تسقط فى هذا الفخ فحسب، بل غاصت فى مستنقعه حتى أذنيها.. فمع حالة الغرور والغطرسة والتعالى والمقت والغل والغضب، لا تريد الجماعة الاعتراف بأنها قد خسرت المعركة. والخاسر الأحمق، هو الذى لا يدرك متى ينسحب فى الوقت المناسب، عندما تشتد النيران؛ حتى يحافظ على قوّاته، استعدادا لجولة جديدة، أما القائد الفاشل، الذى يترك نفسه نهبًا للغضب والغل والانفعال، ويصر على عدم الانسحاب، متصوّرا أن التراجع يمسّ كرامته وشرفه، فهو الذى يخسر فى النهاية جنوده، ومعهم كرامته وشرفه، ويحمل هو ونسله عاره، إلى أبد الآبدين. فعلى الرغم من قيام ثورة شعبية، أقرّ العالم كله بأنها أكبر خروج رافض فى تاريخ البشرية، رفض الإخوان التراجع والانسحاب، على الرغم من أنهم لو فعلوا، لبقىَ لديهم رصيد لدى الشعب، يمكن أن يفيد فى جولة تالية. ولكنهم كعادتهم تكبّروا وتجبّروا، وتعالَوا، وتغطرسوا، وطغوا واستبَدُّوا. وتحامقوا. تحامقوا حتى إنهم هددوا الجيش، وتوعّدوه بالويل والثبور وعظائم الأمور، لو أنه جرؤ على التصدّى لهم! وفى العلوم الأمنية، يعد هذا أكبر مثال على حماقة و(خيابة) وغرور الخصم، الذى يبالغ فى تقدير قوته، ويهوّن من قوة خصمه. وعندما تحين ساعة المواجهة، يفاجأ بأنه قد بنى كل حساباته على الغطرسة، لا على المعلومات والحسابات الصحيحة. وحتى فى هذه الحالة، يمكنه إنقاذ ما تبقى من قوّاته، عبر الاستسلام أو الانسحاب. ولكن يبدو أننى لم أخطئ كثيرا، عندما شبّهت يوما، وقبل ثورة يونيو، جماعة الإخوان بالنازية. فعندما صار الحلفاء على بُعد خطوات من برلين، رفض هتلر الاستسلام أو الانسحاب، وترك آلاف الألمان يلقون حتفهم، فقط حتى يظل متغطرسا حتى اللحظة الأخيرة. وعلى الرغم من هذا فقد كان أجبن من أن يواجه مصيره، عندما صارت الهزيمة حتمية يستحيل إنكارها، وانتحر تاركا غيره يواجه المستنقع، الذى دفع بجنوده وغروره وغطرسته ألمانيا كلها فيه. والإخوان اليوم أصابهم جنون غير طبيعى، فراحوا يحاربون الشعب المصرى كله، ويسعون إلى نشر الفوضى فى البلاد، بوسائل صبيانية تافهة، مثل تعطيل الطرقات، وشراء كميات كبيرة من الغذاء، وتركها تتلف؛ حتى لا يحصل عليها الشعب، والازدحام عند محطات البنزين، وشراء الخبز بأعداد كبيرة، ورشّ الزيت على الطرقات السريعة، كأنهم يناشدون الشعب الانقضاض عليهم، والسعى لتصفيتهم، حتى يستعيد حياته. ويبدو أن هذا الجيل (العبيط) منهم يخطّط لتصعيد الأمور، بحيث يبخّون المياه فى وجوه المارة، ويرمون فى ظهورهم بودرة عفريت، وربما تمادوا إلى مرحلة دق جرس الباب والجرى وكل تلك المؤامرات العظيمة، التى تعلّموها فى رياض الأطفال أو من كتاب «تعلّم التآمر فى عشرة أيام بدون معلّم». أو ربما من المرجع المهم «المرجع الوسيط فى التآمر العبيط» أو «التآمر للمغفلين». وعلى الرغم من حديثهم الدائم عن أنهم العيال إللى همّا، تجد وسائلهم تؤكّد فقط أنهم (العيال). وسبحان الله العلىّ العظيم. حكموا فظلموا وتجبّروا وتكبّروا، وأَقْصُوا الشعب، واصطفوا أهلهم وعشيرتهم، وطغوا واستبدوا، وعادَوا مصر كلها، وأثبتوا أنهم فاشلون كاذبون مخادعون متآمرون خائنون، يقولون لمصرنا (طظ)، ثم يؤكّدون أن شعبها معهم! أليس هذا أكبر دليل، على أن المكان الوحيد الذى يناسبهم، بهذه العقلية المسكينة، ليس هو مستشفى الأمراض النفسية فحسب، ولكنه المكان الذى اختاروه لأنفسهم بأنفسهم، عندما خانوا مصر، وسعوا لبيع أرضها لغيرها.. المستنقع؟