يختلف المؤرخون، حسب هوياتهم الطائفية، حول تحديد زمن مبدأ النزاع حول خلافة النبى، وبالتالى انقسام المسلمين إلى سلطة ورافضة (معارضة)، أو سنة وشيعة. لكن سبب النزاع معروف ومتفق عليه من الجميع. السُّنة يقولون إن الخلافة فى بطون قريش كلها، وما بنو هاشم إلا بطنٌ منها، والشيعة يقولون إن الخلافة نصًّا فى بنى هاشم، بدءًا بعلى بن أبى طالب ثم نسل فاطمة الزهراء. السنة حجتهم «توافق الأمة» وتحقيق المصلحة، والشيعة حجتهم تأويل النصوص الدينية. ما معنى هذا؟ معناه أن السنة اعتبروا الأمر سياسة، وأن حسن السياسة، الحفاظ على دولة الإسلام، يقتضى تداول السلطة وعدم الاستئثار بها من بيت واحد. وإصرارهم على عدم البدء ببنى هاشم فى الخلافة إصرار على تجنب التوريث. وإصرار أكبر على تجنب الجمع بين الدين والملك. تجنب الجمع بين الدين والسلطة. تجنب الجمع بين الدين والسلطة السياسية. وهذا له معنى واحد: الفصل بين رجال الدين، بصفتهم رجال دين، وبين السياسة. وأول من طبق عليه هذا المبدأ على بن أبى طالب. أما الشيعة فاعتبروا أن الدولة قامت على الدين، وأن قائدها الأول، النبى محمدا، كان مرجعيتها الدينية، وأن هذا يجب أن يستمر حتى المهدى المنتظر. سنترك الشيعة فى حالهم، فخطابهم معروف، إما بنو هاشم وإلا بلاش. لكننا سنبقى مع السنة، لنرى ماذا فعل الصراع على السلطة بمذهبهم. 1- المذهب السنى نشأ على التوافق وتداول السلطة، فى المبدأ، لكنه تغير مع الدولة الأموية وشرَّع التوريث، ورضى بانتقال الحكم إلى أبناء معاوية. وفعل ذلك مع بنى العباس بعدها. وصار هذا فِقْهًا. أى أن علماء السلطة نقضوا سريعا المبدأ الأساسى الذى قام عليه المذهب. انتقلوا سريعا من رفض توريث السلطة فى بنى هاشم إلى قبول توريثها فى بنى أمية. ولأنها صارت، خلى بالك، فقهًا، فقد استمرت فى كل الإمبراطوريات الإسلامية التالية. استمر هذا واستمر اسم الخلافة!! 2- واستمر أيضا انقلاب السنة على أنفسهم، فهم فى العصر الحديث يناقضون المبدأ الآخر الذى عبّر عنه الصحابة صراحة، مبدأ عدم الجمع بين الملك والدين. لم يفعل هذا قديما أبو حنيفة ولا ابن حنبل، ولا غيرهما من علماء السنة القدامى. إنما من طالبوا بالجمع بين القيادة السياسية والسلطة الدينية طائفتان: الشيعة والخوارج، كلٌّ على طريقته. أكرر الجملة السابقة. ما يطالب به الإسلامجية حاليا يشبه ما طالب به الشيعة والخوارج. مرة ثالثة: هذا ما طالب به الشيعة والخوارج. ومعنى هذا الكلام أن مصلحة السلطة، لا الدين، هى التى تحكم سلوك الجماعات الإسلامجية، وأسلافهم من علماء أهل السنة. فهم يشابهون الشيعة والخوارج، أو يخالفونهم، حسب مصلحتهم، وليس حسب أحكام دينية واضحة. لو لم يكونوا يتحدثون باسم الدين لفهمنا ذلك. فالتغير فى الموقف من طبائع سياسة «هذا العالم». لكنهم يزعمون فى النقيضين أن ما لديهم دينا. مرة يلومون على الشيعة والخوارج شق عصا الأمة. ومرة يشقون هم عصا الأمة باسم «الحق». وآية هذا الاتباع من قبل الجماعات الإسلامية السنية للشيعة أن تلك الجماعات لم تستطع حتى الآن أن تقدم صورة ولو نظرية لنظام حكم متكامل، بل إن صورتهم، لو طبقتِها على الأرض، مجرد اقتباس حرفى من نظام الثورة الإيرانية، بالمللى. الفارق الوحيد أن لدى الشيعة إماما يجب تقليده، ولدى السنة أمير، ماله الأمير؟ آه. خدى بالك من الخدعة الجاية دى. لديهم أمير ليس واجبا تقليده إنما محظور مخالفته، ومستباح دم من «يخرج» عليه. مجرد لعب بالكلام. غرضى إيه من الكلام دا؟ ولا حاجة خالص. أنا بس محتار هى الجماعات الإسلامجية السنية زعلانة من الشيعة ليه؟ علشان بيتهموا الصحابة فى دينهم؟ طيب ما انتو بتتهموا الناس فى دينها برضو. قصدى إن الصحابة هم مسلمو العصر اللى حصل فيه الخلاف. يعنى طبيعى، من وجهة نظر الشيعة، إنهم لما يتهموا اللى حواليهم فى دينهم تيجى فى الصحابة. لكن الجوهر واحد. هم كانوا بيتهموا الناس فى معتقداتهم ونياتهم، وانتو، يا إسلامجية، بتتهموا الناس فى معتقداتهم ونياتهم. الشيعة والخوارج رفعوا السلاح فى وجه من لم يحكم بحكم الله ورسوله، وانتو كمان بترفعوا السلاح فى وجه من لم يحكم بحكم الله ورسوله. الجوهر، الجوهر، واحد. بلاش غيرة أولاد الكار دى.