عدما قرأت نص المادة 23 من مسودة الدستور التى أعدتها لجنة الخبراء أو لجنة العشرة كما يطلق عليها إعلاميا قفزت إلى ذهنى عبارة الأستاذ/ فؤاد المهندس الشهيرة «القانون مافيهوش زينب»، والتى أطلقها وهو يرقص من الفرح فى مسرحيته الشهيرة «أنا وهو وهى» كدليل على براءته.. حيث جاء ضمن نص المادة 23 هذه العبارة «وتقريب الفوارق بين الدخول من خلال وضع حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة للمواطنين»، ولكن عكس المهندس لم أرقص فرحا بل رحت أتساءل مين كريمة؟ التى جعلتها لجنة العشرة ودونا عن دساتير العالم التى أقرت حق عمالها فى الحد الأدنى تتحكم فى قيمة الحد الأدنى، لأنه من المعروف والمنطقى أن الحد الأدنى يقاس طبقا لمعدلات التضخم، ولكن أن يكفل حياة كريمة هذا أمر مثير للخلاف فهناك من سيرى أن الحد الأدنى الذى يضمن حياة كريمة 1200 جنيه فى الشهر، وآخر سيرى أكثر من ذلك، وثالث سيرى أقل من ذلك لأن كريمة ليست معيارا للقياس أبدا. على كل حال تعالوا نغتنم هذه الفرصة لنوضح بعض الحقائق حول موضوع الحد الأدنى المثير للجدل منذ سنوات.. الحقيقة الأولى: هى أن الحد الأدنى يوضع كبداية للأجر الأول الذى يتقاضاه العامل عند بداية تعيينه دون أى حوافز أو بدلات، ويوضع طبقا لمعدلات الأسعار والتضخم فى الوقت الذى وضع فيه هذا بالنسبة إلى الداخلين الجدد إلى سوق العمل، أما العاملون القدامى فإنه يتم تدرج رواتبهم طبقا لسنوات خدمتهم ودرجتهم الوظيفية. والحقيقة الثانية: رغم أنها واضحة للعالم كله فإنها تاهت وضاعت فى مصر على يد البعض، ألا وهى أن تحديد حد أدنى أيا كان الرقم الذى سيحدد عليه لا يحقق العدالة الاجتماعية ولكنه أحد أسباب تحقيقها إلى جانب أسباب كثيرة أغفلتها بعض القوى السياسية على مدى السنوات الماضية. والحقيقة الثالثة: لقد كان مثيرا للدهشة أن تستخدم لجنة العشرة هذا التعبير الفضفاض المثير للجدل، والذى إن بقى على حاله ولم تغيره لجنة الخمسين وتأتى بتعبير علمى منضبط، لن تصبح كريمة مثل زينب دليل براءة بل ستكون كريمة خميرة عكننة دائمة فى المجتمع، وستصبح مثيرة للقلاقل ومهددة للاستقرار وأحد أهم أسباب الإضرابات العمالية فى المستقبل.