عمن يتحدثون؟ وأى وفاق وأى مصالحة؟ عندما تنفض فكرة الحساب والمحاسبة وتتوارى فى خضم خطاب واسع عن «اندماجهم».. أو العمل على إدماجهم ونبذ خطاب الكراهية الذى سوف يحرمهم حقهم.. و...و.. أتلفت حولى- كما الملايين- لأسأل عمن يتحدثون؟! وتثور داخلى تساؤلات أشبه بتساؤلات الأطفال من يقصدون.. مَن يصالح مَن؟ وإن لم يحاسب من أمسك بالسلاح وقتل.. من حرق بيوت الله وبيوت الناس والمصالح والجامعات.. من عذب على الملأ وهدد وتوعد؟ فلمن يكون الحساب؟ عمن يتحدثون؟ ومن هم هؤلاء الضحايا المساكين الذين يطالبون ملايين المصريين باحتوائهم والغفران والتسامح معهم؟ هل المقصود من رأيناهم رَأْىَ العين عبر الشاشات يتوعدون المصريين بالقتل والحرق منذ اللحظات الأولى، إن لم يفوزوا بالرئاسة؟ هل المعنيون هم الذين استجلبوا حثالة الإرهاب إلى سيناء بالقصد والعنية، تمهيدا وتوطئة لما هو أفظع؟ كيف تختلط الأمور وتعالج بهذا القدر من الرخاوة والطراوة، والمدافع والرشاشات والأسلحة ما زالت فى أيديهم مصوبة إلى رؤوس جنود وضباط جيشنا والشرطة؟! قالتها سيدة بسيطة فى مداخلة تليفزيونية وبتلقائية لا يعوزها الصدق.. والله إن لم نمت برصاصات الإخوان لمتنا من رخاوة وميوعة المنادين بالمصالحة.. متنا كمدا و«سفورا» بأن الأمور فى أيادٍ عاجزة عن القرار. يتحدث البعض عن وحش استيقظ فينا.. وحش لا يستهدف الإقصاء فقط، بل يسعى لاقتلاع الإخوان وحرمانهم من حقهم فى الكرامة والحياة والوجود. أقرأ هذا وأتلفت حولى.. عمن يتحدثون؟ الوحش الذى استيقظ هو فى داخل مَنْ؟ فى داخل الملايين التى تريد العيش فى دولة.. ووطن وليس إمارة يقتطع منها الهبات والمنح؟ أو هو فى داخل الذين أعلنها واحد منهم سوف نسحقكم أو الذى اعترف دون مواربة أن الإرهاب فى سيناء سوف يتوقف فى لحظة عودة مرسى رئىسا؟ الوحش الذى استيقظ يكمن فى داخل مَن؟ فى داخل ملايين الرهائن المصريين القابعين داخل جدران البيوت هلعا وخوفا أو داخل الذين يكبرون باسم الله ورشاشاتهم تقتل جنودا عزلا بالقميص والبنطلون رؤوسهم مدفونة بالرمال وظهورهم تتلقى رصاصا.. رصاص مَن؟ كيف ترويدوننا أن نسميهم؟ هل هؤلاء هم من تقصدونهم بشركاء الوطن؟ والله أنا أسأل جادة.. عمن تتحدثون؟ مَن نصالح؟ تقصدون الذين يلقون بالبشر من الأدوار العليا وبطرق مبتكرة لقصم الرقاب؟ أو الذين يمثلون مشاهد سينمائية بممثلين يرتدون زى الجيش «ويضبطون وهم يفعلون ذلك» ليصرخوا مستجلبين القوى الخارجية ضد جيش مصر؟ يقولون إن حملة «كراهية» قد أطلقت فى الوقت الراهن، ويتساءل كاتب كبير عمن يقف وراءها؟ ومن يتولى بثها والترويج لها؟ ثم يفهم منابر تلك الحملة بأنها ليست فوق الشبهات.. وأنا والله ببساطة أتساءل: هل يرى الأستاذ الكاتب أن ممارسات الإخوان المسلمين فى ربوع مصر تحتاج لحملة وراءها مؤجج؟ يعنى الناس ظالماهم؟ الأستاذ الكاتب يرى فى ما يسميه حملة الكراهية فى الوقت الراهن، حملة تستهدف بث السموم وزرع الفتنة وتمزيق أواصر المجتمع و.. و.. يحذر من أن «الوحش.. لن يصيب الآخر وحده، لكنه يسمم الأجواء ويلوث الإدراك العام، بل سوف يحول المواطنين العاديين إلى وحوش صغار.. طيب دعونا نقلب الآية كيف تريدوننا- وأحسب نفسى- من المواطنين العاديين- أن نرى ممارسات الإخوان التى نعيشها.. وأقول نعيشها.. يعنى لماذا تريدوننى أن أشعر وأن أرى احتراق عشرات الكنائس؟ أقول مثلا عيل وغلط أو ألوذ بمعنى المسامح كريم؟ أقسم أنا أتساءل: بعيدا عن أى هزر.. كيف للمواطن العادى أن يحس مثلا مع حريق مبنى كلية هندسة القاهرة الآثار والأبحاث النادرة التى راحت ثم العثور بداخل الحريق على 12 قطعة سلاح وأجهزة اتصالات مشفرة؟ هل المسألة هنا فى حاجة إلى خطة لإطلاق «الوحش» وعناصر لبث السموم؟ وأيهما أو فى أيهما يكمن الوحش فى من أحرق أو فى من رأى فى فعل الحرق عداء أو معاداة؟! الذين يرون فى الإخوان ضحية مستهدفة لحملة تريد القضاء عليهم نهائيا، أتساءل من موقع ومسافة المواطن العادى الذى هو أنا.. ألم يمنح المصريون أو قطاع منهم الإخوان فرصة ذهبية وأوصلوهم إلى مقعد الرئاسة.؟ ألم يتغاضَ هؤلاء المصريون عن كل التاريخ السابق وارتضوا للإخوان سدة الحكم؟ ماذا فعل الإخوان بعد أن وصل أحدهم إلى الحكم؟ من أصدر الإعلان الدستورى؟ من أقصى الشركاء؟ مَن أزاح مِن مؤسسات عديدة مَن هم غير الإخوان؟ أين قصّر الناس؟ وهل أتى رفضهم للإخوان نظريا وبغير تجربة؟ سؤال آخر: من أدخل الدم ولغته إلى الشارع المصرى؟ وإذا لم يكن الممسكون بالسلاح إرهابيين فبماذا تسمونهم؟ الكاتب الكبير يدعو لبذل ولو عُشر الجهد المبذول فى ما يسميه حملة كراهية الإخوان لماذا؟ «لاحتوائهم وتشجيعهم على مراجعة أخطائهم وتصحيح علاقتهم بالمجتمع ومؤسساته المختلفة».. ويرى أن ذلك كان الأجدى والأنجح والأقرب لتحقيق الوطنية. فى الحقيقة أن أنتمى إلى فريق يكره القبح فى اللفظ والسلوك، وأتمنى لو ساد المنطق، ولو إلى حين عندما يراجع المواطن العادى ممارسات الإخوان، إجمالا وتفصيلا، هل ما سببوه للوطن يندرج فعلا تحت توصيف «أخطاء»؟ هل العفو عن إرهابيين محكوم عليهم قضائيا خطأ؟ مجرد خطأ؟ هل فتح الباب وزرع حملة السلاح فى سيناء مجرد خطأ؟ «مش حا أقول إرهابيين» هل ما نُشر من خطط لسيناء هو مجرد خطأ؟ وعن أى مصلحة قومية تتحدثون؟ أنا أريد أن يجيب أحدكم عن سؤال بسيط: هل شعر المواطن المصرى فى أى لحظة طوال حكم الإخوان بأن «المصلحة الوطنية» لمصر فى الحفظ والصون؟ إذا ذهب رئىس الإخوان إلى السودان وضعنا قلبنا على حلايب وشلاتين، إن أرهفنا السمع لسيناء خفنا على ضياعها، إما بالمنح أو الإرهاب.. دلونا على بلد واحد فى الدنيا يخطف جنوده بالسلاح، ثم يخرج رئىس البلاد «ليحافظ أو يعلن خوفه على حياة الخاطف والمختطف» ده إيه الإنسانية دى؟! وإيه الأمانة دى؟ دلونى على سابقة مماثلة.. قولوا لنا يا من تريدون العفو والصفح والمبادرة «والصلح خير على طريقة نادية مصطفى» أين يكمن الوحش؟ وكيف يكبح جماحه بغير «حساب»؟ ويا مَن تتهمون الناس بشيطنة الإخوان ماذا رأت مصر من الإخوان؟ أقولها ثانية وثالثة إلى ما لا نهاية، الناس خرجت للشوارع ليس بحثا عن إقصاء أو سعيا لمكسب.. الناس أدركت أن مصر تضيع.. تحت حكم الإخوان وما عشناه بعد لحظة الخروج العظيم فى 6/30 يؤكد فى كل لحظة أن هذه فطرة الناس ولا أتحدث عن إعلام ولا ساسة ولا فرقاء.. الناس.. نفس الناس التى منحت الإخوان الفرصة ليصلوا إلى الحكم هم أنفسهم من أدركوا أين يكمن الوحش، وكيف للشيطان أن يعظ؟!