تصوير:- إسلام مصدق فى اتصاله الأخير بوالدته: «مش هتعرفي تلحقيني.. ولما تيجي متزعليش من اللي هتشوفيه» جيران المنتحر: فرحه من عروسه الجديدة كان ثالث أيام العيد صديقه: الضغوط الأسرية هي السبب وليس المال الطفل فارس: عمو محمد كان بيلعب معانا كورة وعرفني على إسلام ابنه في العقار رقم 3 شارع سيد فهمي، المتفرع من حلمى همام بمنشأة البكاري بالهرم، تحديدًا في الطابع الرابع من العقار، تجسدت مأساة إنسانية لا يستوعبها عقل، ولو على سبيل كونها مشهد سينمائي، فالأب أحمد فتحى رجب، 35 سنة، اصطحب طفليه إلى النيل، إسلام، 10 سنوات، النيل، ومحمد، 5 سنوات، وألقاهما في مياه النهر، وهرول إلى سيارته واتصل بوالدته يخبرها: "تعاليلي الشقة.. إنتي مش هتلحقيني ومتزعليش من اللي هتشوفيه"، وبمجرد أن يصل العقار يترك سيارته مفتوحة، ويصعد إلى شقته ويشنق نفسه بملاءة السرير في حديدة بسقف حجرة نومه المجهزة لاستقبال عروسه الجديدة خلال أيام. محمد أحمد، سائق، جار المنتحر، يسكن في الطابق الثالث من ذات العقار محل واقعة الانتحار، يعمل على سيارة أجرة بشارع فيصل، قال في شهادته ل"التحرير" عن الحادث المأساوي: "أحمد صاحبى من 13 سنة، لأنه كان سائق ميكروباص، وكان ضحوك وبشوش، ولا استوعب حتى الآن ما فعله، كأني دخلت فجأة بعربيتي في حائط سد دون مقدمات أو أفهم ما حدث، مش عارف إزاي جاله قلب يشيل عياله واحد واحد بإيده ويرميهم في النيل يموتوا قدام عينه، يمكن علشان كدا مستحملش وجرى على موته هنا في البيت". وأضاف: "لم تكن مشكلته مادية، ولكنها ضعوط أسرية، فخلافاته مع مطلقته لا تنتهي، وتمت خطبتها مؤخرًا، وهو أيضًا قرر الزواج من أخرى، واتخذ شقة في ذات العقار الذي اسكنه لذلك، وأعدها لاستقبال عروسه الجديد وكان عرسهما ثالث أيام عيد الأضحى، لكن مطلقته قررت التخلي عن طفليها، ورفضت والدته كذلك استقبالهما، ولم يكن يدري ماذا يفعل". وأوضح: "فوجئنا بوالدته تهرول إلى العقار، وهي تصرخ: الحقوني اكسروا الباب، ففعلنا بعد إصرارها، لنجد أحمد معلق من عنقه بملاءة وبين قدمه والأرض شبر واحد فقط، ولسانه وجسده كله أزرق وعيناه جاحظتان، وقد فارق الحياة، وظلت والدته تصرخ فأنزلناه ووضعناه على سريره وغطينا الجثة واتصلنا بالشرطة والإسعاف وذلك قرابة الساعة الحادية عشر قبل منتصف ليلة، أمس الأحد". فايز منير نور الدين، مالك العقار الذي شهد الجريمة، أكد: أحمد، ساكن جديد، جاء للعيش في شقته بالطابق الرابع قبل 20 يومًا فقط، وتحديدًا في 15 أغسطس الماضي، يبدو أن الجميع تخلى عن أولاده فجأة، فوالدتهما ألقت بهما إليه لعلمها باعتزامه الزواج، ووالدته رفضت إبقائهما معها وتركتهما له، قبل يوم واحد من الحادثة، وبالأمس جاءت والدته وهي تصرخ وتلطم رأسها وخديها، وطلبت أن نكسر لها باب الشقة وقالت إنه اتصل بها وأخبرها: أنا رميت العيال في النيل وهموت نفسي تعالي الشقة مش هتلحقيني ومتزعليش من اللي هتشوفيه". وتابع نور الدين: "بالفعل صعدنا معها ولم نفلح في فتح الباب فكسر الشباب نافذة المطبخ من المنور وفتحوا لنا الشقة لنعثر على الجثة، وظلت الأم تصرخ "تلاتة يا أولادي"، قاصدة نجلها وطفليه، وحينما قدم معاون مباحث الهرم وسأل الأم عن أسباب الجريمة رفضت التحدث أمامنا، فكلف رئيس المباحث أمين شرطة بصرف الجميع وحكت لرئيس المباحث تفاصيل أزمة نجلها العائلية". يسكن في ذات العقار فارس محمد، طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، تطوع ليؤكد أنه شاهد إسلام قبل موته، وكان رفقة والده "عم أحمد"، وقال: "عمى أحمد كان كويس، بيضحك معايا وياكل ويلعب كورة معانا، هو اللي عرفني على إسلام ابنه الكبير، وقال لي دا إسلام ابني وسلمت عليه"، وتابع الطفل، الذي تغيرت ملامح وجهه وهو يدقق في الحديث عن إسلام: "هو أمور قوي وكان فرحان إنه مع باباه عم أحمد، وضحك ليا وهو بيسلم عليا، لكننا ملحقناش نلعب مع بعض، أنا مش عارف عم أحمد عمل كدا إزاي". وعن رؤيته يوم الحادث، قال الطفل فارس: "أنا شوفت إسلام يومها وسلمت عليه وأنا راجع من عند ستي، هو كان مبسوط مع والده، بعد كدا نمت وصحيت على صويت في العمارة وشفت البوليس جه، وسمعت إن عم أحمد رمى إسلام وابنه التاني في النيل وشنق نفسه، وأنا مشفتوش، لكن شوفت الملاية اللي شنق نفسه بيها". استمع أحمد إسماعيل، وكيل نيابة الأهرام، إلى أقوال والدة المنتحر، التي أكدت وقوع خلافات زوجية مع مطلقته وانفصالهما بسبب شكه في سلوكها، ورفضها العودة له، وأنه ذهب لاصطحاب نجله الأكبر إسلام، وأبقاه معه في شقته الجديدة، ثم توجه لأخذ طفله الثاني محمد من منزل أسرة مطلقته، فلم يجدها بما أعاد الشك إلى قلبه، واتصل بها يخبرها أنه ألقى طفليه في النيل وسينتحر وهي لن تلحقه وقال لها: "لما تيجى متزعليش من اللي هتشوفيه". كما استمعت النيابة كذلك إلى أقوال والدة الطفلين ضحيتا الحادث، وأكدت سوء أحوالها مع طليقها بسبب نفقات المنزل، لأنه كان يعمل سائق على سيارة ميكروباص ويتعاطى "الحشيش"، وأكدت أنها كانت تضطر للعمل لتوفير نفقة المنزل، وأنه كان دائم الشك فيها ويتوهم سوء سلوكها، حتى استحالت المعيشة بينهما فقررت الانفصال، وحاول ردها أكثر من مرة، لكنها علمت أنه تنازل عن عقد إيجار مسكن الزوجية "شقة إيجار قديم"، فأصرت على عدم العودة له، حتى طلب منها الطفلين فلم تمانع، وبعد أن أخذهما فوجئت به يتصل بها وبشقيقها ويخبرهما أنه ألقى بالطفلين في النيل وسينتحر، واعتقدت أنه يضغط عليها نفسيًا ليجبرها على العودة له، فاتجهت لتحرير محضر ضده في قسم شرطة إمبابة، لكنها علمت بانتحار طليقها في الهرم، واستدعتها نيابة الهرم لسماع أقوالها في الواقعة.