حالة من السجال والخلاف دشنها الكاتب الصحفي، حلمي النمنم، وزير الثقافة، مع الأزهر الشريف خلال الساعات الماضية، حيث قال الوزير إن توغل التعليم الأزهري والتوسع فيه يعد السبب الرئيسي وراء انتشار العنف داخل المجتمع. وأكد الوزير خلال كلمته بالجلسة الختامية لمؤتمر السلام المجتمعي، الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية بالإسكندرية، بعنوان "دور المجتمع المدني فى مواجهة العنف"، أنه ليس هناك مجتمع يميل للعنف بالفطرة، بل هناك عوامل تساعد على انتشار الظاهرة، موضحًا أنه يتعين على الدولة مواجهة هذه العوامل للحد من غزو "الفكر المتطرف". ومن جانبه، شن الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، هجومًا مضادًا على تصريحات وزير الثقافة، قائلًا إنه كان يتمنى أن ينطلق "النمنم" في حديثه - وهو أحد المثقفين - من منطلق المسؤولية والموضوعية، الذي يقتضي تحمل كل المؤسسات للمسؤولية، حيث أن مهمة مواجهة العنف يجب أن يضطلع بها كل من الأزهر الشريف، ووزارات الثقافة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، إلى جانب الإعلام والكتاب والمبدعين. وأضاف عفيفي - فى بيان رسمي - أن "من أسباب انتشار العنف الديني في مصر تراجع - بل غياب - دور الثقافة في مناطق مهمة، من أبرزها المناطق الحدودية، كمطروح وحلايب وشلاتين وأبو رماد، إلى جانب عدد كبير من مدن وقرى الصعيد"، متابعًا: "من حق كل مواطن أن يسأل أين دور وزارة الثقافة في تلك المناطق؟ وما مظاهر نشاط الوزارة في ملف العنف الديني؟". وتستدعي هذه الاتهامات الصريحة المتبادلة بين مؤسستين من مؤسسات الدولة أن نطرح تساؤلًا هامًا، حول هوية المسئول عن انتشار العنف بالمجتمع.. هل هي وزارة الثقافة أم الأزهر؟ «عصفور»: الخطاب الديني المتشدد سبب رئيسي في انتشار العنف من جانبه، يرى الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة السابق، أن السبب في انتشار العنف، خاصةً خلال الآونة الأخيرة، هو الخطاب الديني المتطرف، مؤكدًا أنه يحرض على الإرهاب والتخريب، مشيرًا إلى أنه يصدر أيضًا عن دعاة منتمين للأزهر. وأضاف عصفور - في تصريحات خاصة ل"التحرير" - أن الأفكار والخطاب الدعوي المتشدد الذي يخرج من أفواه رجال الأزهر، عبر الكثير من المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام، يُعد "شريكًا أساسيًا" في نشر العنف بين فئات المجتمع، "ولعل تورط الكثير من طلاب جامعة الأزهر في وقائع اغتيالات خير شاهد على هذا الأمر"، على حد تعبيره. وأشار أيضًا إلى تحمل وزارة الثقافة جزء من المسئولية، حيث اعتبر أنها يجب عليها نشر "الثقافة المعتدلة". «آمنة نصير»: المسئولية مشتركة قالت الدكتورة آمنة نصير، عضوة مجلس النواب، وأستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن مما لاشك فيه أن التعليم الأزهري - خصوصًا في مرحلة المعاهد - يجري بطريقة لا تقوم على تأهيل الطلاب وتعريفهم بمستجدات العصر، وروح الواقع، مؤكدةً أن هذا التعليم يعتمد على ملأ المناهج بوقائع تاريخية قديمة، وأحداث لا تمت للواقع بصلة، ما يجعل طلاب المعاهد الأزهرية غير مؤهلين لاستقبال ما يطرأ على المجتمع من مستجدات ووقائع. وأضافت ل"التحرير" أن التعليم الأزهري "ساهم بشكل كبير في انتشار العنف، عبر تدريس مناهج خارج الواقع، وعلى المسئولين عن منظومة التعليم بالمعاهد الأزهرية سرعة العمل على معالجة هذه المنظومة. ولفتت "نصير" إلى أن "مسئولية تنمية الفكر ونشر الثقافة المعتدلة في المجتمع تُعد مسئولية جماعية، يقع عبئها على العديد من القطاعات إلى جانب الأزهر، منها الثقافة والتعليم ووسائل الإعلام المختلفة". وأكدت أنه يتعين على وزارة الثقافة استغلال دور الثقافة "التي كلفت الدولة ملايين الجنيهات" في نشر الاعتدال، والعمل على النهوض بالذوق العام، وحث الشباب على التعلم، والارتقاء بمستواهم من خلال عقد ندوات ولقاءات معهم، إلى جانب صالونات ثقافية يحاضر فيها متخصصون من كل القطاعات. وعبرت النائبة عن رفضها للاتهامات المتبادلة بين وزارة الثقافة والأزهر، معتبرةً أنه "يجب على الجميع أن يعمل كلٌ فى نطاق اختصاصه على النهوض بالفكر الوسطي والحد من تفشي الأفكار المتطرفة".