لا تتوقف الأزمات بين الفلبين والولايات المتحدة، والتي كان آخرها تصريحات الرئيس الفلبيني، والتي وصف فيها السفير الأمريكي بأنه "مثلي الجنس وابن عاهرة"، ما أثار جدلًا جديدًا واستغراب واشنطن التي استدعت على إثرها القائم بالأعمال الفلبينية. وكان الرئيس الفلبيني رودريجو دوترتي قد أدلى بهذه التصريحات التي انتقد فيها مثليي الجنس متطرقًا إلى السفير الأمريكي، باللهجة المحلية التاجالوجية خلال لقاء تلفزيوني قائلاً: "كما تعرفون، أبذل جهودًا مع سفير وزير الخارجية جون كيري، المثلي الجنس، ابن العاهرة، فلقد أثار استيائي، وتدخل في الانتخابات، وأدلى بتصريحات هنا وهناك، لم يكن مفترضًا به أن يفعل ذلك". في المقابل، أعلنت الخارجية الأمريكية أنها استدعت القائم بالأعمال الفلبيني باتريك شواسوتو، بسبب تصريحات رئيسه، وقالت إليزابيث ترودو -المتحدثة باسم الخارجية: "أجرينا محادثات، كنا نريد أن نفهم بشكل أفضل سبب الإدلاء بهذا التصريح". وانتخب دوترتي (71 عامًا) مطلع مايو الماضي بعد حملة شعبية زاد خلالها من إطلاق الشتائم ضد خصومه السياسيين، وحتى ضد بابا الفاتيكان الذي وصفه أيضًا بأنه "ابن عاهرة" لأنه تسبب بازدحام سير في مانيلا، وكان "دوترتي" هدد بقطع العلاقات مع واشنطن وكانبيرا في حال انتخابه رئيسًا للبلاد. ومؤخرًا اندلعت أزمة أخرى بين الدولتين، بعد اتهام دوتيرت للولايات المتحدة بأنها "الضالع الأكبر، إن لم تكن الوحيد في تصدير الإرهاب في سوريا وليبيا والعراق"، موضحًا "انظروا إلى هذه الدول، كيف أصابها الإرهاب وتدهورت وحال أطفالها الذين وصلت بهم الدرجة لأن يبيتون غاطسين في براميل الجاز، مبتعدين عن القصف والتفجير والموت الذي يلاحقهم بشتى الطرق" ووجَّه أصابع الاتهام إلى أمريكا وبريطانيا بأنهما وراء الحجج الواهية فيما يتعلق بوصف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالديكتاتور، وذلك كي يقوما بغزو العراق وكشف ما بها من أسلحة ومسببات للإرهاب، وعليهم أن يصححا أخطاءهما الفادحة، خاصة بعد ما يزيد عن 10 أعوام". وتطرح الأزمة الجديدة بين واشنطن ومانيلا، تساؤلات حول تدريبات عسكرية مشتركة يقوم بها الجانبان من فترة لأخرى، كان آخرها في منطقة خليج سوبيك بالجزء الشمالي من الفلبين، وكان تشارلز ويليامز – قائد بالبحرية الأمريكية- وصف هذه التدريبات بأنها "تمكن قوات المارينز من تنمية علاقات قوية مع البحرية الفلبينية". وتأتي التدريبات في إطار سلسلة مناورات عسكرية أوسع، تقوم بها البحرية الأمريكية مع شركاء لها في جنوب وجنوب شرق آسيا من أجل التعامل مع أولويات الأمن البحري المشترك وتعزيز الشراكة البحرية وتعزيز قدرة العمل المشترك بين القوات المشاركة، حيث بدأت الفلبين المشاركة بهذه التدريبات منذ عام 1995. وكان السفير الأمريكي الذي اتهمه الرئيس الفلبيني بالشذوذ الجنسي؛ سببًا لأزمة أخرى شهدتها مانيلا وواشنطن، فقبل شهور وبعد حادث إطلاق النار على الداعية عائض القرني بمنطقة زامنوانجا الفلبينية، قال السفير: إن "واشنطن غير راضية عما أسفرت عنه تحقيقات السلطات الفلبينية في القضية، ما دفع واشنطن لإرسال فريق من المحققين لمتابعة سير التحقيقات فيه". وأضاف جولدبرج "لم تتمكن التحقيقات التي أجرتها الفلبين من الكشف عن الأسباب التي أدت لوقوع الحادث، أعتقد أنه من الضروري جدًا معرفة الأسباب التي دفعت الطالب الفلبيني للإقدام على هذا العمل"، لافتًا إلى أن الجميع يريدون معرفة من يقف وراء الحادث وما هي العلاقة التي ربطت مرتكبي الحادث بتنظيم داعش. وبعيدًا عن الحروب الكلامية بين الجانبين، هناك نزاع بحري بين مانيلا وواشنطن على عدد من الجزر التي يطلق عليها "سبراتلي" وهي عبارة عن مجموعة جزء مرجانية سغيرة غير مأهولة تقع بين الجانبين، وتبلغ مساحتها نحو 4 كيلومترات مربعة موزعة على 425000 كيلومتر مربع من البحر. ولهذه الجزر أهمية كبيرة في ترسيم الحدود الدولية في منطقة شرق آسيا، وتضم مصايد أسماك غنية، وكميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، مما جعلها مطمعًا للعديد من الدول ومحلًا للنزاع بينهم. توتر آخر نشب بين البلدين، حينما نددت الإدارة الأمريكية بانتهاكات حقوق الإنسان والإعدامات خارج نطاق القضاء التي تحصل في الفيليبين بسبب الحملة الشعواء التي أطلقها الرئيس الجديد، رودريغو دوتيرتي، ضد مهربي المخدرات، وجاء الموقف الأمريكي غداة إعلان "دوتيرتي" رفضه التراجع عن الأوامر التي أصدرها لقوات الأمن بفتح النار بهدف قتل المهربين، مؤكدًا أنه "لا يكترث بحقوق الإنسان". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إليزابيت ترودو وقتها: "نحن قلقون من عمليات الاعتقال والقتل خارج نطاق القضاء لأفراد يشتبه بتورطهم في قضايا مخدرات في الفلبين"، مضيفة "نحض بقوة الفلبين على العمل من أجل أن تتفق جهودها الرامية لتطبيق القانون مع واجباتها في مجال حقوق الإنسان".