لا تعتبروني أبالغ حين أقول أن أفكار الحملات الإعلانية التليفزيونية لرمضان 2013 - والتي لا تتعدي دقيقة أو دقيقة ونصف تفوقت علي نصف ساعة كاملة من سيناريوهات حلقات مسلسلات رمضان 2013 والتى تغمر شاشاتنا بالسباب والشتائم والمبالغة في بعض الجوانب. إذ تتميز أغلب إعلانات رمضان الحالي بالأفكار الخلاقة فضلا عن التنفيذ المبهر علي مستوي الإخراج والتصوير وحسن استخدام أحدث تقنيات الجرافيك ثلاثي الأبعاد. منذ فترة ليست ببعيدة كنَا نجزم بأن الإعلانات تقتحم شاشاتنا اقتحاما أما الآن فنحن نستمتع بمشاهدة هذا الكم الهائل من الإعلانات التي لا نجدها ضيفا ثقيلا علي الإطلاق بل نرحب بها ..نتفاعل معها ..ندندن علي نغماتها..نتذكر أجمل ذكريات ونستحضر أمتع لحظات عشناها يوما عبر رؤية هذه الإعلانات. وقبل كل شئ لا أود أن يعتبر القراء الأعزاء هذا المقال مقالا نقديا تحليليا علميا بحتا بل اعتبروه أشبه برحلة لطيفة علي متن قطاري الخاص كمُشاهِدة أولا وأخيرا ومعجبة بهذه الإعلانات المبدعة علي كافة المستويات..ولنبدأ رحلتنا ب: كوكاكولا وبيبسي يغردان خارج السرب : تبهرنا كوكاكولا دوما بأغنياتها التي تُشعِرنا بحاجتنا إلي الوحدة الوطنية علي كافة الطوائف والقطاعات " وتخليك تقول ياه إحنا إزاي بقينا كده وبعدنا أوي عن بعض ليه؟ كلنا نفسنا أن مصر تبقي زي اللي في إعلانات كوكاكولا " ، أما بيبسي فقد أبدعت بكل ما للكلمة من معني فأحسنت اللعب علي تيما مهمة وعلي وتر حساس نفتقده حاليا وهو الإحساس برمضان وبقدوم هذا الضيف من عام لآخر وجعلنا هذا الإعلان نسأل أنفسنا ألف سؤال ؛ " هو إحنا ليه مش حاسين برمضان بتاع زمان؟؟ هو ليه رمضان بيجري من غير ما نحس بيه ؟ ، فين ذكريات طفولتنا مع رمضان ؟ فين فوازير نيللي اللي كانت بتجي علي القناة الأولي الساعة 8؟ ، فين فوازير عمو فؤاد وأغنياته الشهيرة؟ ، فين بوجي وطمطم وفطوطة؟ ، فين لمتنا علي الفطار وبعد الفطار؟ولو عيطت أو أتأثرت افتكر إن إحنا اللي ضيعنا لمة رمضان وقتلنا جوانا فرحتنا بيه " وأهم سؤال سألته لنفسي بعد رؤية هذا الإعلان : هو رمضان هو اللي نسينا ولا إحنا نسينا يعني إيه رمضان؟؟ ويعني إيه لمة؟ ويعني إيه عيلة فرحانة وسط هذا الاحتقان السياسي اللي قتل جوانا معاني و طقوس رمضان؟ ..مع الأسف بات رمضان ضيفا يذهب مسرعا خوفا منَا وعلينا.. · بنك مصر يتألق : أكثر ما أثار إعجابي في هذا الإعلان هو حسن استغلال التشكيلات البشرية " تحس إنك عايز تقول الإعلان ده باين الصرف فيه" وتبقي محتار وتقول دول ناس بجد ولا شغل مونتاج وجرافيك ولا الاتنين مع بعض، ولعل القائمين علي هذا الإعلان أحسنوا اختيار موقع التصوير وسط المعابد الفرعونية فمصر الفرعونية أساس وإمتداد مصر الحالية فالعودة للجذور أمر مطلوب في ظل انتشرت به القشور. موبينيل تعيد أمجاد علشان لازم نكون مع بعض : قدمت موبينيل هذا العام أغنية (دايما مع بعض أو باحتاجلك) وهي الامتداد أو الجزء الثاني لأغنية ( علشان لازم نكون مع بعض) وتعليقا علي ذلك اعجبني قول أحد أصدقائي حينما قال لي حرفيا : "هي ليه موبينيل بتطلعنا حلوين مع بعض مع إننا بنحس أن مصر بقت كلها بتكره بعض؟ "، وكان ردي حرفيا كالتالي : احنا محتاجين فعلا أغاني زي دي يمكن ما تفرقش معاك الأغنية دي بس إما حد تاني يسمعها ويشوف الكليب جايز يحس بحاجة حلوة بتربطه بمصر فيرجع يحبها أو يحب الحياة.. مين عارف؟؟ الموسيقي والأغاني ليها لغة خاصة وقولت له : بزمتك يا أخي مش جسمك بيقشعر إما بتسمع حاجة زي دي ..ده دليل أن لسه فيه حاجة كويسة جوانا مستنية حد يطلعها..صديقي ده قعد يضحك عليه برضو ؟! بيريل تسعي لمداعبة قلوب الجمهور النسائي: لستُ من محبي حملات بيريل استرجل علي الإطلاق لكنني لن انكر ( نجاح حملة أبراج بيريل استذكر) فقد نجحت في استقطاب الجميع ، فمن منَا لم يتذكر صديقه أو صديقته أو بالبلدي حد من أهله حتي و إن كان باباه أو مامته إما شاف حملة بيريل السنة دي وربط بين صفات كل برج مع مواقف للي حواليه بتأكد له أن صفات البرج ده حقيقي ، مين فينا ما قالش ايوه صح أنا صاحبي عنده نفس الصفة دي؟؟ لو مش مصدقني أنت حر وده رأيك بس لو معجبكش مقالي فسوف أشعر بالقمص " أنثي الحمل بقي ". · قطونيل احترمت نفسها: حتي قطونيل عرفت تستغل أوجه الانتقاد التي وُجهت إليها وقالتلك هنرفع البنطلون..حتي قطونيل ابدعت يا راجل!! يارب تستمر العدوي الإعلانية الإيجابية علي طول مش في رمضان بس. لمحات كوميدية من "فون كاش" برعاية البنك الأهلي المصري: المواقف الكوميدية المميزة في حملة فون كاش عجبتني جدا لأنها بتستثمر مواقف حياتية بنتعرض ليها ومش بيكون معانا فلوس ودي نقطة مهمة لعب عليها الإعلان وكما هو معروف الإعلان الناجح بيكون نابع من حياة الناس وإلي الناس. فودافون مش بطال : الاستعانة بالكينج "محمد منير" وفريق غنائي آخر واستخدام موسيقي أغنية "علي رمش عيونها" تفكير مش بطال حتي التيما اللي بيلعب عليها جيدة وهي فكرة المشاركة بس ما ننكرش أن كلنا فاهمين ومتأكدين أن الفيديوهات دي متصورة بالطريقة دي مخصوص علشان تبان إنها فيديوهات مرسلة من ناس عاديين ، سوري فوادفون لست مبهرا للدرجة..تعوضها السنة الجاية ، بقي كتر شيرها يا جماعة . موبينيل رمضانهم " كريم " : يُحسب لموبينيل استخدام النجم المحبوب ذي الدم الخفيف و الوجه اللطيف " كريم عبد العزيز" فخفة ظله طغت أصلا علي فكرة الإعلان، موبينيل تبرع في الأغنيات أكتر بصراحة. المصرية للاتصالات دور جوه ذاتك أهراماتك يا ألشاتك ؟! : فكرة الإعلان حماسية و كلمات الأغنية المصاحبة حلوة وجذابة وتحس إنها بتشدك خصوصا جملة : "قوم بدل ملامح يومك ..قوم واضحك في وش همومك" وده فعلا محتاجينه اليومين دول لكن بداية الأغنية تقفلك وتغريك بأن تألش عليها أدور جوه ذاتي وأهراماتي ؟؟ الاتنين زي اذاكر وانجح كده. عِز و ماهي المنتظرة: في الأول افتكرنا عز هيتجوز؟؟ لا لا كلنا عارفين إنه إعلان تشويقي بيمهد لك حاجة جامدة خاصة بأحمد عز الجامد توقعنا أنها أكيد عربية ..أكيد شقق سكنية..بتقول إيه طلع إعلان أجهزة منزلية؟!!!!! وطلعت أجهزة سخانات وبوتاجازات وغسالات "يونيفرسال" الفكرة حلوة ويُحسب لهذه الحملة حسن استغلالها لحس الدعابة والكاريزما المحيطة بأحمد عز والموظفة في سياق درامي كأنه مسلسل عز في كل بلد ؟؟ بس في النهاية هل هنلاقي عز مع ماهي المصرية وتطلع حلاوة يونيفرسال نابعة من كونه في مصانع وأيد مصرية؟؟ وجو المصرية فوق الجميع وهل أحمد عز ممكن يتجوز ويحطم القلوب بجد؟؟ ربنا يستر..· سمنة جنة تدخل بقوة : شابوه لإعلان سمنة "جنة" بتاع المطبخ لعبتي ؛ فكرة وتعليق صوتي وتنفيذ جرافيكي متميز بجد ..أظن أن جنة هتنافس "روابي" من حيث الإعلانات يعني وتحدي.· لامار و هل يفهم الحمار؟: حد يكسب فيا ثواب ويفهمني إيه علاقة الأغنية بالمنطاد بالفاكهة اللي بتنزل علي الأرض الزراعية؟ يعني لو شيلنا الأغنية بالفرقة الغريبة اللي بتغني هأقولك مقبولة وشغال ؟؟ لكن الفرقة دي يعني بتمثل الطبيعة الأم؟؟ أهو ده مثال الإعلان عديم الفكرة والهدف و اللي يقفلك من شرب أم هذا العصير أصلا مع أنه أول مرة ينزل السوق!! إتصالات انطلقي كما تعودنا منك : تستمر اتصالات في إبهارنا من رمضان لآخر وختامها مسك فعلا وتحديدا إعلان "اتصالات" الذي يحمل عنوان ( كل يوم جديد) اللي فكرته غاية في الروعة وتنفيذه بتصويره غاية في الاحترافية والإبداع يمكن كفاية جملة " إحنا شعب ذكي مبتكر .. والأجانب بيجيوا عندنا يقولوا يا ولاد اللذينة" إعلان يعتمد فقط علي المشاهد الطريفة لكن التعليق الصوتي VO والجمل القريبة من قلوبنا واللي تقدر تقول عليها في الجول ومربوطة صح بالأهداف التسويقية لشركة اتصالات ومكتوبة بذكاء شديد. ويبرهن هذا الإعلان علي أن الإعلانات التي تعتمد فقط علي التعليق الصوتي علي المشاهد المعروضة لسه ليها جمهورها طالما إن التعليق الصوتي مكتوب بفن علشان يلمس كل واحد فينا أيا كانت وظيفته أو سنه أو عمره أو دينه أو نوعه والأهم إن الكلام يبقي نابع من هويتنا المصرية..و أكبر تحية لإعلان اتصالات. ختاما أتمني أن يستمر الإبداع الإعلاني لما بعد رمضان و آمل أن تستمر تلك الأفكار الإعلانية المصرية الخالصة في التألق والتميز والإبهار ، وأتمني أن يتم تخصيص مهرجان للإعلانات المصرية لتكريم الجنود المجهولين وراء خروج هذه الإعلانات المبدعة الخلاقة وعلشان يحس القائمين علي هذه الإعلانات أن في حد بيقدرهم وبيقدر مجهودهم ولو حتي بشكل معنوي . وتحية شكر واحترام وإشادة لكل المبدعين والمتميزين ممن قدموا لنا هذه الإعلانات.