نُشر على لسان اللواء ممدوح شاهين قوله «مين قال إن مجلس الشعب القادم هيشكل الحكومة؟ إحنا لسه فى دولة رئاسية»، وهو ما وافق عليه وأكده الفريق سامى عنان رئيس أركان القوات المسلحة! فما معنى هذا الكلام؟! فهل نحن كنا فى دولة رئاسية؟! وهل نحن الآن فى دولة رئاسية؟! طبعا لا. نحن نعلم أن ما كنا فيه هو نظام ديكتاتورى، لا ينتمى بطبيعته إلى أى نظام حكم من النظم السياسية الحديثة. أما الآن، فنحن فى مرحلة انتقالية، تسمح للمجلس العسكرى أن يجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولذلك نتمنى أن ننتهى من هذه المرحلة بأسرع ما يمكن، حتى نصل إلى نظام حكم ديمقراطى حديث. وهذا الكلام، يجعلنا نتساءل: هل يعلم المجلس العسكرى -من الآن- شكل وطبيعة النظام السياسى فى دستورنا الجديد؟! فلعلنا بعد صياغة الدستور نكون فى دولة رئاسية، أو فى جمهورية برلمانية، أو فى نظام سياسى يجمع بين الرئاسى والبرلمانى. ومع ذلك فيمكننى أن أؤكد أننا فى جميع الحالات لن نكون أبدا فى نظام مثل النظام الساقط، ومن ثم لن نأتى -بعد الثورة- برئيس جمهورية يعيّن لنا طرطورا رئيسا للوزراء! ولا من هو صديق لابنه وزيرا للاستثمار، ولا وزيرا للمالية، ولا من ترضى عنه الهانم وزيرا للثقافة، أو وزيرا للإعلام! فزمن العبث هذا، قد ذهب بلا رجعة. فكيف يتصور كل من سيادة اللواء شاهين، وسيادة الفريق عنان معنى نجاح حزب ما فى الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان؟! أو حصول ائتلاف بين حزبين، أو أكثر يشكلون معا أغلبية فى البرلمان؟ ألا تعنى الأغلبية البرلمانية تشكيل حكومة تقود البلاد باختيار شعبى؟! إن السلطات المطلقة التى كان يتمتع بها رؤساء الجمهورية السابقون على ثورة يناير العظيمة، لن تعود مرة أخرى. ورئيس الجمهورية القادم سيكون محدود السلطات، ومراقَبا من البرلمان، بل ومن الشعب كله، أو يكون بلا سلطات حقيقية، كما فى نظام الجمهورية البرلمانية (مثل إيطاليا)، فتكون وظيفته شرفية، وأعتقد أن هذا هو النظام الأنسب لمصر بعد فترة طويلة من حكم الرئيس الديكتاتور الذى يجمع فى يده كل السلطات. وإذا كنا فى جمهورية برلمانية رئاسية، أى تجمع بين النظامين البرلمانى والرئاسى (مثل فرنسا)، فستكون سلطات الرئيس مقيَّدة، وحتى إذا كنا فى جمهورية رئاسية (مثل أمريكا)، فهذا النظام لن يعطى للرئيس القادم حرية مطلقة فى اختيار المسؤولين، كما يحلو له، ثم يعفيهم من مناصبهم، وقتما شاء مزاجه، فهذا عصر انتهى تماما بثورتنا المجيدة. والحكومات الديمقراطية تتشكل بناء على إرادة شعبية، إذ تنتخب الشعوب الحزب السياسى الذى يحكم البلاد لمدة محددة، فتتشكل الحكومة من قيادات الحزب الفائز بإرادة الأمة، كما تنتخب الرئيس الذى يمثل رمز الدولة، وفى كل الحالات يبقى البرلمان هو السلطة العظمى، فهو الذى يشرع القوانين الحاكمة للبلاد، وهو المراقب لعمل السلطة التنفيذية، وهو الذى يحاسب الحكومة، وهو القادر أيضا على سحب الثقة منها إذا لزم الأمر.