لم يكن بطلاً مطلقًا لكن شخصياته مؤثرة يتذكرها على الأقل جيلان ويعرفونه ممثلاً يغير جلده بمنتهى السهولة من شخصية إلى أخرى لا يمكن وصف أحمد راتب بوصف محدد، ولا أن تضعه فى سياق ما، هو دائم التغير ما بين الكوميديا والميلودراما، على المسرح وفى التليفزيون أو حتى فى السينما متغير، يتلون على كل الدرجات عندما يتطلب الأمر أداء شخصية ما، هذا العام يظهر فى ثلاثة ألوان أولهم الأسطى عبده والد يوسف الداعية المتشدد، الذى تبرأ من أبيه، الذى ما زال يعيش فى منطقة شعبية يدير ورشته التى مر عليها الزمن وتركها وذهب، فهو ليس نجارًا بل أويمجى، يشكل زخارف الخشب بأزميله، عاشق للحياة مقبل عليها يسمع الأغانى التى يحرمها ابنه ومتزوج من فتاة تصغره بأعوام يحبها، بوجه تغطيه لحية خفيفة نابعة من عدم الاهتمام لا التدين مثل ابنه، وشعر نصف مصبوغ، وغناء بصوت عالٍ لأم كلثوم، ومحمد قنديل فى أثناء سيره فى شوارع مصر القديمة، أو خلال جلسات المزاج تتكون شخصية الأسطى عبده على يد أحمد راتب، صاخبًا مجنونًا وحادًا فى أوقات، أب نادم على أخطائه التى بعدت عنه أبنائه فى أوقات أخرى، وزوج محب مع زوجته التى تقاسمه الشقاء، لكن اللواء رشدى حافظ مختلف شعره أبيض بالكامل يسير واثقًا فى فيلته على الرغم من عجزه وعدم قدرته على الإبصار، طريقة وأسلوب أحمد راتب، وهو يؤدى الشخصية فى مسلسل «بدون ذكر أسماء» تحمل معها عزة وقوة مقاتل حارب فى معارك 1973، لا يغنى ولا يدخن الحشيش مثل عبده، الشكل تغير وطبقة الصوت تغيرت، والأداء تغير. مسلسل «الصقر شاهين» المؤجل من العام الماضى يحمل أيضًا لراتب شخصية المعلم حسان، كبير الصيادين وواحد من اثنين يملكان مراكب صيد فى المنطقة التى تضمهما مع شاهين الشخصية الأساسية، الدور كالعادة يحمل بصمة أحمد راتب، الشعر هنا تختلف طريقة تصفيفه، ويبدو واثقًا ولم لا وهو كبير منطقته، وأهل مهنته، يتحدث وينفعل ويرتدى ما يضع هذه الشخصية فى أطار غير الإطار الذى تدور فيه شخصية الأسطى عبده بحمله الثقيل من سنوات الشقاوة، أو شخصية اللواء رشدى وحمله الثقيل من سنوات الشقاء، والأداء فى الثلاثة لممثل كبير تزداد خبرته عامًا بعد عام، ينحت أداءه فى عيون من يشاهده، لدرجة أنه كان شريكًا فى كثير من الأدوار التى يتذكرها المشاهد المصرى بعينها، سامح فى مسرحية «سك على بناتك» الذى يعانى من رغبات المشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة به دكتور رأفت أو الراحل فؤاد المهندس، أو دور عيسوى الفنان البوهيمى فى «يا رب ولد» مع فريد شوقى، لكن أكثر ما يميز مسيرته الضخمة التى تخطت المئة وخمسين عملًا ما بين السينما والتليفزيون والمسرح هو الثنائية الفنية مع عادل إمام، تضحك على وجهه الملون بعد انفجار معمل الدكتور أيوب فى أثناء بحثه عن الفنكوش فى فيلم «واحدة بواحدة» وعادل أمام يسأله «هو إنت لونك الأساسى كان إيه يا على؟»، ويجبرك على احترامه عندما يرفض فلوس سهلة ومكسبا سريعا بمجرد أن يؤلف عدة شعارات لصديقه فتحى فى فيلم «طيور الظلام» وغيرها من الأفلام التى لازم فيها إمام متباريًّا معه، لكنه ومع كثرة ما قدمه معه فإنه كان دائمًا ما ينطلق وحيدًا فى أعمال أخرى، ففى مسلسل «أم كلثوم» كان الملحن الكبير القصبجى، تملكه وكان الرجل ترك كرسيه المفضل وراء «الست»، وحل ضيفًا على المسلسل يحكى ما حدث، وهو أيضا السحت فى «المال والبنون» الرجل الذى بنى نفسه بكل ما هو سيئ مفضلًا الغناء على كل شىء، وغيرها من الأدوار التى قد لا تكون بطولة مطلقة، لكنها مؤثرة جدا يتذكرها على الأقل جيلان فى مصر بشكل جيد ويعرفون الممثل الذى يغير جلده بمنتهى السهولة من شخصية إلى أخرى، تشعر وكأنه يفرض أداءه على المشاهد، ومن قوته يظل ذكرى لا يمحوها إلا شخصية أخرى يؤديها أيضا هو بطريقته وأسلوبه.