ينتهي شهر رمضان الكريم، ويبدأ العالم الإسلامي بالتجهيز لعيد الفطر واستطلاع هلاله ليأتي العيد هذا العام بمظاهره المتعارف عليها، لكن وعلى الرغم من الهجمات الأخيرة التي شهدتها المنطقة وما تشهده بعض الدول من حروب وصراعات، إلا أن الاحتفال بالعيد وطقوسه مازالت مستمرة، فالأحداث الأخيرة لم تمنع المسلمين حول العالم من الاحتفال بعيد الفطر. طقوس عيد الفطر تعتبر واحدة حول العالم، تختلف في مواقيت الصلاة ومظاهر التعبير عن العيد لكنها واحدة في التنفيذ، ليأتي أول أيام عيد الفطر أمس الأربعاء بأداء المسلمين حول العالم لصلاة العيد والتكبيرات في المساجد المختلفة وارتداء الملابس الجديدة، ثم نجد بائعي اللعب والبلالين في الشوارع، ثم العيدية والتي تعتب من أهم الطقوس الشائعة خاصة في عيد الفطر. نرصد من خلال هذه الصور مظاهر الاحتفال بأول أيام عيد الفطر حول العالم: مصر في مصر يحتفل المسلمون بعيد الفطر على طريقتهم الخاصة، فأغلب البيوت المصرية تربط عيد الفطر بتناول السمك والرنجة بالإضافة إلى الكحك والذي يعتبر أشهر ما يميز مصر أثناء العيد. تمتلئ ساحات المساجد في الخامسة صباحاً بالمصلين، لتكبيرات العيد ثم الصلاة، ليبدأ يوم المصريين بالزيارات العائلية المختلفة وإستقبال الأطفال للعيديات والتي تعتبر أهم ما يميز العيد بالنسبة للأطفال، ثم الانطلاق لشراء اللعب، ليبدأ ثاني أيام العيد بالفسح مع الأصدقاء. الجزائر يشرع المصلون الساعة السابعة في صلاة العيد بالمساجد الجزائرية، والتى بعد انتهائها يعودون إلى منازلهم ، حيث تتناول العائلة حلوى العيد والتي تختلف في أنواعها عن المتعارف عليه في مصر، لكن المشترك هو "العيدية" ليستقبل الأطفال الجزائريين العيدية وملابسهم الجديدة كمظهر من مظاهر الاحتفال بالعيد وتضع النساء الحنة في أكفهن وأكف أطفالهم. في العيد تمتلئ المقابر بالزوار، فزيارة المقابر عادة لازمة في الجزائر بحلول الأعياد، كما أن الجمعيات الخيرية من أنشط الأماكن في الجزائر، بتنظيم زيارات للمشافي ودور المسنين ومراكز الطفولة المسعفة ، فيحملون لهم الهدايا والحلوى والورد ، يشعرونهم بجو العائلة المفقود لديهم. المغرب كعب الغزال، والفقاص، والزنجلان، أشهر الحلويات التي يتناولها الشعب المغربي في العيد، حيث تعكف النساء على صناعتها لأكثر من يومين، حتى تأتي صلاة العيد ويتبادل المسلمون في المغرب التهاني. السعودية تختلف مظاهر الاحتفال بالعيد في السعودية من منطقة إلى أخرى، ففي الرياض ينظم عدد من برامج الاحتفال بعيد الفطر المبارك، لتكون رائدة العمل الاحتفالي بتلك المناسبة، أما غيرها من المناطق فتكتفي باحتفال بسيط بالعيد بإقامة ساحات لصلاة العيد فقط. وتتميز احتفالات العيد في المملكة بما يسمّى "بالاستراحات "الموزعة بين المدينة وضواحيها التي يتمّ استئجارها لتجتمع فيها العائلات السعودية بجميع أفرادها، وهم يجتمعون حول موائد وولائم فاخرة في جوٍ ساحر. اليمن تبدو مظاهر العيد في اليمن في العشر الأواخر من رمضان الكريم، حيث ينشغل الصغار والكبار بجمع الحطب ووضعه على هيئة أكوام عالية؛ ليتم حرقها ليلة العيد تعبيرًا عن فرحتهم بقدوم عيد الفطر وحزنًا على وداعه. ونجد أهل القرى في اليمن ينحرون الذبائح ويوزعون لحومها على الجيران والأصدقاء، والجلوس في مجالس طيلة أيام العيد لتبادل الحكايات المختلفة. العراق على الرغم مما شهدته العاصمة العراقيةبغداد من هجوم إرهابي يعتبر الأعنف في تاريخها، إلا أن مظاهر الاحتفال بالعيد لم تختف، فللمرة الأولى منذ سنوات يتوحد علماء السٌنة والشيعة في العراق بإعلان عيد الفطر المبارك في يوم واحد بعد سنوات من الخلاف، لكن اختلفت مظاهر الاحتفال بالعيد بعد حرب العراق عمَّا كان سائدًا قبل الحرب فقد تلاشت المراجيح ودواليب الهواء وتوقفت البنات مع الأمهات عن صنع الأكلات الخاصة بالعيد، والتي من بينها ما يسمى بالكليجة وهي عجين يحشى بالتمر العراقي المعروف، أو السمسم. سوريا بين إلغاء الاحتفال ومحاولات الإحساس به، هكذا استقبلت سوريا عيد الفطر، فالحرب جعلت منها دولة تخلو من الفرحة والبهجة، فتقلص الاحتفال الفولكلوري والديني بعيد الفطر في سوريا عامة وحلب خاصة بسبب الأزمة التي تمر بها البلاد. هذا لا يمنع ذكر بعض مظاهر الاحتفال التي كانت تستقبل به سوريا عيد الفطر، حيث يبدأ الناس بالاستعداد له منذ أواخر رمضان فتكتظ الأسواق بالمشترين إذ لابد لكل عائلة أن يكون العيد أيام عطاء وفرح، فتشتري حاجياتها من الطعام والحلوى والملابس الجديدة للأولاد.
إندونيسيا من أكبر الدول الإسلامية من حيث تعداد السكان، وتتشابه مراسم احتفالات العيد فيها مع ماليزيا، كما تشهد البلاد واحدة من أكبر الهجرات البشرية المؤقتة على الصعيد العالمي، وهو العرف السائد حيث يعود العمال والطلاب إلى قراهم ومدنهم الأصلية للاحتفال مع أسرهم. هناك حوالي 30 مليون من الإندونيسيين يسافرون إلى مسقط رأسهم خلال عطلة عيد الفطر من كل عام، وتعرف هذه الهجرة السنوية في إندونيسيا باسم "موديك" (وتعني الذهاب إلى منطقة الأصول) أو بولانج كامبونج (العودة إلى القرية). ويتميز الإندونيسيون عن غيرهم في هذا اليوم بتناول كعك تقليدي اسمه "Lapis Legit" مكون من طبقات عديدة قد تصل للألف، ورثوه من الحقبة الاستعمارية الهولندية. ماليزيا يجتمع ملايين المسلمين في العاصمة الماليزية كوالا لامبور صباح عيد الفطر في المساجد لأداء صلاة العيد ولسماع الخطبة، وهم يلبسون ملابسهم التقليدية المتميزة التي تتميز بألوانها الزاهية، وأغطية الرأس التي تشتهر بها، كما ينظم المسلمون في ماليزيا تقليدًا خاصًا يُعرف ب "البيت المفتوح" وهو عادة محلية يتم خلالها فتح أبواب المنازل لاستقبال الجيران والأصدقاء والأقارب، وقد ينضم كذلك المسلمون الصينيون والهنود وحتى الغرباء. الصين يعتبر الإسلام هو ثاني الأديان الأساسية في الصين بعد البوذية وقبل المسيحية، فيعيش بالصين نحو 25 مليون مسلم، وفي الأعياد يزور كثير من المسلمين قبر "سيد أجل شمس الدين عمر" أول حاكم لمقاطعة يونان الذي روج للإسلام، ليقوموا بتنظيف المنطقة ويجتمعون معا لقراءة القرآن. موسكو يعتبر المسلمون في موسكو جاليات، تخصص لهم الحكومة الروسية ساحات للصلاة والاحتفال بالعيد، كما يحصلون على إجازة من أعمالهم، هذا العام أكثر من 200 ألف مسلم شاركوا في احتفالات عيد الفطر المبارك في موسكو. الولاياتالمتحدة يقوم المسلمون فى أمريكا بأداء صلاة العيد فى المراكز الإسلامية أشهرها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) وفى بعض الأحيان تقام الصلاة فى الحدائق المفتوحة أو قاعات المؤتمرات، وذلك فى حال زيادة أعدام المصلين إلى حد كبير وعدم وجود أماكن كافية داخل المساجد أو المراكز الإسلامية. كما يقيم البيت الأبيض فى بعض الأحيان حفل عشاء خلال العيد، يحضره العاملون المسئولون الحكوميون وغيرهم من الضيوف. جاء عيد الفطر هذا العام على مسلمي دول أوروبا وسط انتشار ما يسمي ب"الإسلاموفوبيا"، لذلك خرج الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ليتعهد بمناسبة عيد الفطر بحماية مسلمي أمريكا في مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة من موجات الإسلاموفوبيا، كما أضيئت ناطحة سحاب "امباير استيت" في مدينة نيويوركبالولاياتالمتحدةالأمريكية باللون الأخضر احتفالًا بالعيد.