بعد انتشار المرض النفسي بمسلسلات رمضان..«التحرير» ترصد الوضع في العباسية

تصوير - إسلام مصدق:
المسلسلات زادت من حالات العنف و«الإدمان»
مستشفى العباسية للصحة النفسية استقبلت العام الماضي 26 ألف حالة إدمان
لا توجد علاقة بين الإبداع وتناول المخدرات
الحشيش في المرتبة الأولى يليه الترامادول ثم الهيروين
بعض الأهالي يغيرون عناوينهم حتى لا يستلموا ذويهم.. وهناك حالات مقيمة منذ 30 عاما
رغم انتشار الإعلانات التي تحذر من خطورة تعاطي المخدرات وآخرها إعلان محمد رمضان "أقوى من المخدرات" ورغم كثرة الأفلام والمسلسلات التي تتناول ظاهرة الإدمان بشكل أو بآخر، مثل مسلسل "الكيف" و"الخانكة" فإن حالات التعاطي للمخدرات تتزايد يومًا بعد آخر، فإن تناول المسلسلات لظاهرة الإدمان تسبب بحسب الدكتور عبد الرحمن حماد مدير وحدة الإدمان بالمستشفى، في زيادة عدد المدمنين، على الرغم من أن مستشفى العباسية تعاني من نقص شديد في عدد الأَسِرة للمرضى النفسيين مقارنة بالإقبال على المستشفى.
« التحرير » التقت بالدكتور عبد الرحمن حماد مدير وحدة الإدمان بمستشفى العباسية للصحة النفسية، وتحدثت معه حول دور الذي لعتبه المسلسلات التي تتناول إدمان المخدرات، وطرحت عليه ما يثار حول علاج حالات الإدمان بالمخدرات وحول علاج المرضى بالتدريج من خلال إعطائهم جرعات تدريجية من المخدرات، وحول تعذيب المرضى بالجلسات التي تعرف بجلسات الكهرباء أو تنظيم إيقاع المخ.. وإلى نص الحوار:
في البداية هل ترى أن هناك نوع من العلاقة بين العبقرية وبين المرض النفسي ؟
- بالعكس العبقرية تحتاج إلى الاستقرار والثبات الانفعالي لكن من الممكن أن الظروف السيئة التي يمر بها الفرد كالاكتئاب مثلا تجعله يكتب قصيدة جيدة والبعض يدعى أن هناك علاقة بين العبقرية والمخدرات والبعض يقول إن مطرب معين أو شاعر معين عندما يتعاطى المخدرات يبدع في الغناء أو الشعر ويغني لفترات طويلة وهذا غير حقيقي لأن ذلك يمكن أن يحدث في بداية التعاطي للمخدرات التي تؤدي إلى إحساس بالنشوة ونسيان الأحاسيس السلبية لكنه في حالة استمراره في تعاطي المخدرات والكحول سيؤدي ذلك إلى انخفاض في الأداء والقدرات وتفكيره سيقل .
ما هي أكثر الأمراض انتشارًا داخل مستشفى العباسية ؟
- بعض المرضى يتم استقبالهم في العيادات الخارجية والبعض يحتاج إلى الحجز داخل المستشفى والذين يتم استقبالهم بالعيادات الخارجية هم الذين يتعرضون لمرض الاكتئاب والاضطرابات الذهانية مثل الفصام، والذين يتعرضون إلى كرب ما بعد الصدمة، وهؤلاء الذين يتعرضوا لصدمات نتيجة تعرضهم لحوادث أليمة، وهؤلاء بعضهم يحتاج إلى الحجز داخل المستشفى.
كم عدد الأَسِرة داخل المستفى وهل هي كافية ؟
- هناك نقص كبير في عدد الأَسِرة نتيجة الإحلال والتجديد داخل المستشفى وهي تتجاوز حاليا 1200 سرير، وعدد المرضى أكثر من عدد الأسرة المتاحة، وبالتالي هناك نقص في عدد الأسرة مقارنة بعدد المرضى ويتردد شهريًا على قسم الأدمان وحده 2500 حالة، كما تردد علينا العام الماضي فقط 26 ألف حالة إدمان بالعيادات الخارجية وحجز في القسم الداخلي 1200 حالة.
هل يرفض بعض الأهالي استلام ذويهم ؟
- هذه إحدى المشكلات التي نعاني منها داخل المستشفى كثير من الأهالي يعتقدون أن المريض النفسي يجب أن يبقى مدى حياته داخل المستشفى وفي الحقيقة المرض النفسي مثله مثل أي مرض من حق صاحبه أن يعيش داخل المجتمع كفرد منتج وما يحدث أن ذويهم يتركوهم بل إن هناك أكثر من ذلك إذ يقوم بعض الأهالي بتسجيل بيانات غير حقيقية لعناوينهم حتى لا يقوموا باستلام ذويهم، وهناك من يرفض استلام ذويه، وهناك التزام أخلاقي من المستشفى بألا يتم تسليمهم سوى لذويهم ومن حق المستشفى أن تطرد المريض لكن نتيجة التزام أخلاقي لا يتم ذلك، وقد استطعنا أن نرجع بعض المرضى لأهاليهم وأنشانا قسم الطب النفسي المجتمعي لمتابعة المرضى بعد تحسن حالتهم .
ما هي أسباب انتشار العنف بهذا الشكل داخل المجتمع المصري ؟
- أسباب انتشار العنف كثيرة منها انتشار ثقافة تعاطي المخدرات وكانت هناك دراسة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان حول ذلك وثانيا الاضطرابات بأنواعها المختلفة والأحداث التي تمر بها أي دولة مثل حالات عدم الاستقرار.
ما هي أسباب انتشار المرض النفسي بشكل كبير في المجتمع ؟
- الأسباب ترجع إلى أسباب بيولوجية أو اجتماعية ونتيجة الظروف الاقتصادية السيئة والظروف النفسية والأسباب الروحانية فالمجتمع الذي يخلو من انتشار الاستقرار الروحاني يعاني أيضا من الأمراض النفسية فالذي لا يعيش من أجل أهداف سامية وقيم نبيلة يعاني من الاضطرابات النفسية ويشعر بأنه لا قيمة من حياته فيعاني من الاضطرابات .
هل هناك علاقة بين العنف وبين المسلسلات والأفلام التي تقدم للجماهير ؟
- بعض الأفلام التجارية التي تنتشر بها توليفة من العنف والمخدرات والجنس أدت إلى زيادة انتشار ثقافة العنف والمخدرات وما يحدث في الأفلام يغير نمط حياة المواطنيين وليس كما يقال بأنها تعكس حياة المجتمع وأسلوب حياته وهناك من يقوم بتقليد البطل في الفيلم والذي يقوم بمظاهر سلبية وما يحدث أن الأفلام تسلط الضوء على سلوكيات مهملة وبالتالي تركز الجماهير عليها بعد مشاهدة العمل الفني .
هل هناك نسبة للوفيات داخل المستشفى نتيجة تناول الأدوية النفسية ؟
- النسبة قليلة للغاية وهي في المعدلات العادية وهي معدلات أقل من تناول المريض للعلاج بنفسه .
هل ما نراه في الأفلام من تعذيب للمرضى النفسيين من خلال جلسات الكهرباء صحيحا؟
- هذه الجلسات يطلق عليها جلسات تنظيم إيقاع المخ وهو نوع علاج عالمي من العلاج النفسي وهناك دراسات كثيرة أجريت عليه ومن أكثر أنواع العلاج فائدة ويؤدي إلى نتائج علاج سريعة وهناك بعض الحالات يفضل العلاج بها، وهي تحسن من حالات الشفاء، والصورة النمطية صورة سلبية وغير موجودة في الواقع، والمريض يحصل على الجلسة تحت إشراف طبي كامل من خلال ثلاثة أطباء وتحت تخدير كامل ولا يتعدى الجلسة 55 ثانية ولا يخرج المريض إلا بعد إفاقته ويتم تجهيز المريض قبل الجلسة بيوم ويتم إيقاف بعض الأدوية ليلا قبل اليوم التالي للجلسة وهي لها مثل أنواع كثيرة من العلاج لها تأثيرات سلبية مثل فقدان لحظي للذاكرة وسرعان ما تعود .
ما هي أهم الأنشطة التي يمارسها المرضى داخل المستشفى ؟
- الهدف الأسمى من العلاج هو إعادة دمج المريض مرة أخرى داخل المجتمع ونحن نواجه وصمة النظر للمرض النفسي ويتم دمج المريض ليس فقط من خلال الأدوية بل من خلال جلسات تأهيل نفسي من خلال الطبيب والأخصائي النفسي، وكيفية التعامل مع المريض لتجهيزه، وكيف يتعامل مع المجتمع.
كيف يتم التعامل مع المرضى النفسيين الذين يرتكبون جرائم داخل المجتمع ؟
- هذه المشكلة لها بعدان بعد نفسي وبعد قانوني حيث هناك من يرتكب جريمة ويدعى المرض النفسي وهؤلاء يتم حجزهم بقسم الطب الشرعي النفسي وهذا القسم عليه حراسة من وزارة الداخلية وتحت إشراف وزارة العدل، ويتم ملاحظة هؤلاء المرضى لفترة معينة من خلال لجنة طبية وتكتب تقريرًا للمحكمة يكون غير ملزم.
وهناك البعد الثاني وهو مريض نفسي ارتكب جريمة نتيجة مرضه النفسي وهؤلاء يتم حجز الرجال منهم بمستشفى الخانكة بينما يتم حجز النساء المرتكبات لجرائم نتيجة المرض النفسي داخل مستشفى العباسية للصحة النفسية، وهؤلاء يتم علاجهم لكن تكون هناك حراسة مشددة عليهم ويتم حجزهم بمبنى له أسوار مشددة .
هل يمكن أن يرتكب المريض النفسي جريمة ؟
- هذه نسبة قليلة جدا ولا يميل المريض النفسي إلى العنف بل على العكس المريض النفسي يخشى الناس ولكن يمكن للمريض النفسي أن يرتكب جريمة فى حالات محددة مثل بعض حالات الهياج والهوس والفصام، وهناك من يرتكب جرائم تحت تأثير المخدرات .
هل هناك حالات هروب من المستشفى؟
- هناك بعض الأشخاص المحجوزين على غير رغبتهم يحاولون الهروب وعددهم قليل جدا خاصة الحالات الخطرة جدا .
بعض الأعمال الفنية تصور أن هناك بعض الممرضين يمارسون بلطجة على المرضى هل يحدث هذا فى الواقع ؟
مثل أي مهنة هناك الطبيب الجيد والسيء ولكن النسبة الأكبر تظل تتعامل بشكل جيد مع المريض .
كيف يتم التعامل مع التجاوزات التي تحدث ضد المرضى سواء من الممرضين أو الأطباء ؟
- هناك لجنة تسمى لجنة حقوق المرضى وهي لجنة مستقلة يشكلها مدير المستشفى ومن حق أي مريض أن يشكوا لها ويتم التحقيق في أي شكوى تقدم وإذا رأت اللجنة أنه غير فاقد الأهلية وأثبت الواقعة يتم مجازاة المسئول عنها وأنا أعلم وقائع تم مجازاة بعض الأشخاص فيها .
هناك أشخاص تجاوزت فترة بقائهم في المستشفى 30 عاما لماذا كل هذه الفترة ؟
- بعض المرضى لا يستدل على ذويهم وهناك من يرفض استلام ذويهم ونتيجة التزام أخلاقى من المستشفى فهي لا تقوم بطردهم فى الشارع بل تقوم بتشغيل بعضهم بأجر وهم يعملون بإرادتهم والمستشفى مكان للعلاج وليس دار إيواء وذلك لاستقبال المرضى الجدد .
ما هي تكلفة العلاج داخل المستشفى ؟
- هناك علاج مجاني وهناك علاج اقتصادي والأقسام المميزة بألف جنيه شهريا وهناك أكثر من 95% من مرضى الأدمان يتم حجزهم بالمجان من خلال الخط الساخن .
ما هى المشاكل التى تواجهكم فى علاج المرضى ؟
- هناك إقبال كبير من المرضى على المستشفى فى ظل عدم توافر الأسرة الكافية لهذا الإقبال.
كيف يتم علاج الإدمان داخل المستشفى ؟
- نحن نستقبل المرضى من خلال العيادات الخارجية ونقترح على المريض إما الحجز داخل المستشفى أو استكمال العلاج من خلال العيادات الخارجية وتكون أول مرحلة في العلاج هي مرحلة إزالة السموم وتستمر هذه المرحلة 10 أيام وهنا تظهر ما تسمى بأعراض الانسحاب بعد التوقف عن تعاطي المخدرات ثم تاتى بعد ذلك مرحلة التأهيل وهي جلسات تأهيل نفسي واجتماعي من خلال قسم التأهيل وهناك جلسات للعلاج بالفن والعلاج الروحاني.
حيث يتحدث بعض المتعافين عن بعض المبادئ السامية مثل الصدق والأمانة إذ يفقد متعاطي المخدرات بعض هذه القيم
أثناء تناوله للمخدر ويظل العلاج لمدة 90 يوما ووتتاح الزيارات لأهله بعد 45 يوما، ويبدأ العلاج ببعض الحبوب التى تعطى للمريض وهى ليست حبوب مخدرات كما يشاع وبالتالى نحن لا نعالج بالمخدرات ولا يقوم المريض بالعلاج من خلال التدريج فى تناول المخدر بل يتم التوقف الفوري عن تناول المخدرات وتستقبل المستشفى يوميا ما يقرب من 90 حالة والمواعيد تبدأ من 8 صباحا حتى 1 ظهرا.
هل يؤدي تعاطي المخدرات للإصابة ببعض الأمراض النفسية ؟
نعم هناك بعض أنواع المخدرات تؤدى إلى ذلك مثل الذهان والاكتئاب والاضطرابات الوجدانية.
ما هى أكثر أنواع المخدرات التى تنتشر بين المرضى ؟
أكثر أنواع المخدرات هى الحشيش فى المرتبة الأولى ثم الترامادول ثم الهيروين وأغلب الذين يتناولون الحشيش لا يعتبروه إدمانا.
كيف تكتشف الأُسرة أن في بيتها مدمن ؟
- هناك دراسة أمريكية تقول إن التحدث مع الأبناء عن المخدرات يقلل من تعرضهم لتناولها وهناك أعراض تظهر على المدمن التغيب عن المنزل والانفعال الكثير ومزاجه مضطرب وطلب أموال أكثر من اللازم .
- ما هي أسباب انتشار الاكتئاب داخل المجتمع ؟
هناك أسباب بيولوجية وأخرى اجتماعية واقتصادية وهناك أسباب روحانية، والعلاج يكون من خلال الأدوية ثم التدخلات الأسرية.