أى عرى هذا الذى عرانا أمام أنفسنا؟! أى تعرية تلك التى لا تنتهك جسدا فقط بل تنتهك الروح؟! وللعرى فى الذهن مواصفات قياسية.. نقيس به العُهر أحيانا وأحيانا أخرى نقيس به الجمال المتقن فنا فى تمثالٍ أو لوحة. وقد يختل بنا التفكير أحيانا لنتصور أن فتاة الاستربتيز التقليدية التى تتجرد من ملابسها قطعة قطعة فى استعراض لمفاتن جسدها أكثر عهرًا من رجال ونساء يظنون أنفسهم من الصفوة والمثقفين والسياسيين الكبار الذين أراهم يمارسون الاستربتيز بالتعرى قيمة تلو قيمة.. ولعُرى الأخلاق والقيم أشد وأفتك!! عُرى يجعلنا نذوق من شجرة الحكمة فتتبدى لنا سوآتنا فنطفِق نخصِف علينا من قيم تتلاشى نغطى أنفسنا بها ونحفظها من التناسى والنسيان! والمقصد عندى ولعلنى أستطيع إيضاحه كما أراه، أن الشرف الذى سكبناه بتعد صريح على معناه الحقيقى حين قلصناه فى منطقة بعينها.. هذا الشرف يشغل مساحات أخرى فى العقل والقلب والروح.. شرف لا يقع فى جهاز المرأة التناسلى، بل فى التركيبة الإنسانية للرجال والنساء معا.. فللرجال أيضا شرف لا يخص غشاء البكارة والعرض.. وأشد ما يدهشنى ويضحكنى حتى الاستلقاء على قفاى أن هذا الشرف المسكوب.. وهذا الرفيع الذى لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم صار يُصنع فى الصين ويمكن غشه وتزويره ببساطة بعمليات ترقيع رخيصة ولم يعد هناك شرف كالكبريت، بل كالولاعة «تمام التمام»! دعونى أقولها بمنتهى الصراحة.. إن مفاهيم الشرف والتعرى وأى أفعال أخرى صارت ببساطة معانى تتجاوز السطحية التى نتناولها بها.. فأى دفع للعُرى وتعرى هذا الذى يجبر السيدة سعاد ثابت المعروفة بسيدة الكرم لتكذيب ما حدث لها من تعرية فى قريتها على أيدى حثالة؟! وأى تعرية لنا أمام أنفسنا ما فعله بقوة الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وأبو قرقاص حين اتهم شرطة أبو قرقاص بتقطيع محضر «سيدة الكرم» وإجبارها على توقيع محضر آخر يخالف واقعة الاعتداء عليها؟! أى عُرى هذا الذى يريد بنا أن نكشف سوءاتنا بالنصح لأهالى المنيا المجنى عليهم بالتصالح؟!! وأى مجلس عرفى هذا الذى يتحدثون عنه؟.. وأى تصالح هذا الذى يجلب إلى ذاكرتى المنهكة بالألم؟.. صوت أمل دنقل يصرخ: لا تصالحْ! ولو منحوك الذهب أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى..؟ هي أشياء لا تشترى.. .. لا تصالح على الدم.. حتى بدم! لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟ أقلب الغريب كقلب أخيك؟! أعيناه عينا أخيك؟! ........... هل هناك تعرٍّ أقوى من أن نجد معلما أو معلمة ينهرون تلميذا، يسقطونه فى الامتحان لأنه أجاب سؤالا بأن الحب أشد قوة على الأرض؟! حتى وإن أخطأ اليافع حين كتب إجابة إنسانية فى اختبار علمى.. ولكن لم يكن من الإنسانى مطلقا أن تشطب على كلمة حب أو love المكتوبة! إنه جهل المعلم المزعوم الذى يعرينا ويعرى طفلا تلميذا أو مراهقا أراد أن يبين قيمة يعتز بها فقوبل بالتحدى والجهل. ... ويا لجمال تلك الشابة التى أعلنت بفيلمها القصير عن تعريتها لصلف العنجهية الرجولية الفحولية الشوفينية البذيئة.. فلم تمرر عبارته البذيئة المتحرشة وهى تمر أمامه متجهة إلى السوبرماركت.. وتراجعت بخطواتها للوراء ثانية ووقفت فى مواجهته بعزة وإباء وقوة لتقول له إنت مش هتخلص منى النهارده أنا بقى معاك للصبح أنت بتقول إيه؟! فيتلفت حوله محاولا أن يقنع المارة بأنه لم يقل شيئا وأنها ست مجنونة.. الست ما سكتتش ولا بلعت البذاءة وقلة الشرف التى صدرها لها هذا المتهتك... تلك السيدة المحترمة رغم كل تلك النظرة السافلة التى ينظرون بها لعرى كتفيها وملابسها الكاشة التى بالتأكيد هى أشرف من كل أغطية الرأس التى يتخفون بإجرامهم تحتها.. الشرف والأخلاق فى العقل وليس الملابس التى تغطى الجسد.. رجاء الفهم والمراجعة والتراجع..... يا أهل مصر المحروسة.. عُرْيُنا عارُنا.. وتعريتهم لنا عارنا.. لأنه فعل مسىء.. وحين نعرى أنفسنا من الشهامة والشرف والقيم والأخلاق نكون مجرمين.. وعندما نتغاضى ونغض الطرف عن تعريتهم لنا وتعرّينا نكون مجرمين.. تأكدوا أن شرفنا أهم من كل ما يتحدث عنه هؤلاء الأوغاد المتصالحون على العُرى والانتهاك.. هؤلاء الموصومون الموبوؤن الذين عرتهم سناء سيف حين قامت بتسليم نفسها.. أرجوكم يا أيها المصريون: قفوا فى وجه عدماء الشرف الموصومين.. واذكروا معى أمل حين قال: وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك بيدٍ سيفها أثْكَلك؟ سيقولون: جئناك كي تحقن الدم.. جئناك. كن -يا أمير- الحكم.