أعلن مسؤولون أفغان أمس الأحد مقتل زعيم حركة طالبان "الملا أختر منصور" في غارة جوية أمريكية بالتعاون مع السلطات الأفغانية، وذلك عقب ساعات من إعلان الولاياتالمتحدة أنها قتلت منصور. الملا منصور كان يقف بحسب تصريحات المسؤولين الأمركيين كحائط سد أمان مباحثات السلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان، كما وصفه وزير الخارجية جون كيري بأنه يمثل تهديدا خطيرا على الولاياتالمتحدة. صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أفردت تقريرا مطولا عن حياة منصور، قالت فيه إنه ولد بأفغانستان عام 1963 بقرية دوراني. وأشارت الصحيفة إلى توليه عددا من الوظائف بالحركة كنائب لرئيس الحركة الملا محمد عمر، حيث كان يقوم بالتصديق على إصدار بيانات الملا عمر الدورية على موقع حركة طالبان الرسمي على الإنترنت حتى بعد وفاته ما أثار اتهامات ضده بأنه تآمر مع بعض حلفاء القبائل أو العناصر الموالية بباكستان لاغتيال الملا عمر. من جانب آخر، يتهمه كثير من خصومه بأنه خاضع بصورة كبيرة لسيطرة جهاز الاستخبارات الباكستاني، ويتهمونه أيضا بأن باكستان توفر له حماية وملاذاً آمناً. الملا منصور كان مقاتلا منذ صغر سنه، وشارك إبان اجتياح الاتحاد السوفيتي أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي بحمل السلاح، والوقوف بجانب مقاتلي المقاومة الإسلامية من المجاهدين، ثم انضم إلى جماعة محلية بقيادة الملا حجي محمد، الذي كان القائد العسكري الإقليمي ل"الحزب الإسلامي"، وهو واحد من 7 جماعات مقاومة مقرها باكستان بقيادة مولوي يونس خالص. وفي عام 1987، يعتقد بأن منصور انتقل إلى مدينة كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان الباكستاني، ثم إلى بيشاور في الشمال الغربي، فيما يعرف الآن بإقليم خيبر باختونخو، حيث استأنف تعليمه الديني التي قطعه بسبب الحرب في أفغانستان. وكان الملا منصور من بين المجموعات لحركة طالبان، أو طلاب الحوزة، الذين انحدروا من باكستان للسيطرة على إقليم قندهار، ومن ثم إلى باقي أفغانستان في حرب خاطفة قضت على جميع جماعات المجاهدين العديدة باستثناء "تحالف الشمال". الملا منصور وزيرا بحكومة طالبان في الفترة بين عامي 1996 و2001 التي حكمت بها حركة طالبان أفغانستان، عين الملا منصور مديرا للخطوط الجوية الأفغانية، ثم وزيراً للطيران المدني إلى جانب مسؤولية إضافية في مجال النقل وسلاح الجو. وخلال مشاركته في حكم طالبان، أثيرت اتهامات ضد الملا منصور، باستخدام أموال المخدرات من حقول نبات الخشخاش في الجنوب لإنشاء شركات في دول الخليج. وبعد عام 2001 كلفته الحركة بإدارة الشؤون العسكرية والسياسية في مجلس الشورى التابع لها وبنيابة رئيس هذا المجلس، ثم صار نائباً لأمير طالبان الملا عمر بدلاً من عبدالغني برادار الذي اعتقل في باكستان 2010. انشقاقات داخل الحركة بعد انتخابه زعيما بعد وفاة مؤسس الحركة والأب الروحي لها الملا عمر، انتخب مجلس شورى طالبان في يوليو العام الماضي الملا منصور زعيما لها بالإجماع، ما أحدث خلافات حادة داخلها. قادة من طالبان كانوا قد حضروا الاجتماع الذي انتخب فيه الملا منصور، وقالوا إن ابنين للملا عمر غادرا الاجتماع لعدم رضاهما عن كيفية الاختيار، فيما رأى آخرون أن مجلس الشورى تسرع في اختياره زعيماً للحركة، واعتبر بعضهم الآخر أن يعقوب بن الملا محمد عمر كان أجدر منه بخلافة والده، كما نشرت معلومات عن رفض شقيق الملا عمر لاختيار منصور خلفاً له. وعلى الرغم من هذه الخلافات، إلا أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أعلن ولاءه للملا منصور، واعتبره "خليفة شرعياً للملا عمر". ومن جانبها كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن خطاب توبيخ وزجر وجهه مجموعة من الزعماء الدينيين لحركة طالبان هذا الشهر، لزعيم الحركة الملا أختر منصور، بسبب حملة عنيفة يشنها ضد القادة المعارضين له، وهو ما اعتبرته الصحيفة إشارة على توتر سياسي عميق داخل حركة التمرد. واطلعت الصحيفة على نسخة من الخطاب الذي أكده بعض قادة طالبان خلال مقابلات صحافية، لكن من غير الواضح ما إذا كان الخطاب أكثر من مجرد انتكاسة لزعم طالبان الجديد، الذي يحاول تعزيز سلطته منذ تسميته زعيما جديدا وفي ظل هيمنته على أكبر مصادر تمويل الحركة بما فيها الاتجار بالأفيون. وأضافت الصحيفة أن قادة وأعضاء المجلس الحاكم لحركة طالبان الذي يتخذ من مدينة كويتا الباكستانية مقرا له، اختلفت آراؤهم حول مدى التأثر الذي أحدثه هذا الخطاب من جانب الزعماء الدينيين، لكنهم أجمعوا على أنه يكشف عن عدم ارتياح إزاء الصراع الداخلي والحملة الدموية التي أمر بها الملا أختر، ومن ضمنها نشر مئات المقاتلين من الحركة لاغتيال قائد رفيع منافس له خلال الشهر الجاري. لقائه ببوتين وتهديد الجماعات الجهادية له نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية تقريرا في ديسمبر الماضي يتضمن تصريحات لمسؤولين كبار في حركة طالبان يقولون فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عقد اجتماعا غير معلن مع الملا أختر منصور، وتناقشا بشأن تقديم روسيا مساعدات لحركة طالبان. ولفتت إلى أنه يعتقد أن بوتين التقى منصور، زعيم حركة طالبان، على مأدبة عشاء في قاعدة عسكرية بطاجكستان في سبتمبر، عندما كان بوتين في العاصمة دوشمبي يحضر اجتماعا إقليميا لمكافحة الإرهاب، إلا أن متحدثا باسم الكرملين نفى حضور بوتين الاجتماع، ووصف التقارير بأنها محض ادعاءات. وأفاد المسؤولون في حركة طالبان بأن الكرملين يدعم تمردهم حتى يجعل كابول أكثر ارتباطا بموسكو، مثلما كانت بعد الاجتياح السوفييتي عام 1979. وكانت الأممالمتحدة أدرجت اسم الملا أختر منذ 25 يناير2001 في قائمة المستهدفين بالعقوبات المفروضة على تنظيم القاعدة والمرتبطين به، وتتهمه المنظمة بأنه "ضالع في أنشطة الاتجار بالمخدرات".