كتبت: أسماء فتحي البحوث الدوائية : الشركات تعتمد على الاستثمار لتجنى إرباحا إضافية .. وفكري :القرار في خدمة رجال الإعمال وليس مصانع الدولة مصادر: الصحة تتنبه لحيل شركات الأدوية.. وتحاول تعديل برنامج تعديل الأسعار بالإدارة المركزية للصيادلة "عم منصور" رجل في العقد الخامس من العمر، أصيب ب"دور أنفلونزا" بسبب تقلب الأحوال الجوية، فتوجَّه على إثره إلى الطبيب المعالج الذي وصف له نوعًا من المضادات الحيوية "هاي بيوتك 625 ". روى "عم منصور" أنَّه فوجئ بأنَّ سعر العقار 62.40 جينهًا بدلاً من 40 جنيهًا، الأمر الذي دفعه إلى التحدث مع الصيدلي الذي صرف له العلاج ليؤكد له أنَّ أسعار الأدوية قد تمَّت زيادتها من قبل مجلس الوزراء منذ أيام، وارتفعت جميع أسعار الأدوية التي يقل ثمنها عن 30 جنيهًا. حديث "عم منصور" كان بمثابة طرف الخيط الذي التقطه " ياخبر" لكشف حقيقة قرار مجلس الوزراء برفع أسعار الأدوية الأقل من 30 جنيهًا بنسبة 20%، وماذا يعني حديث الصيدلي ل"عم منصور" بأنَّ العقاقير التي ارتفع سعرها أقل من 30 جنيهًا، في حين أنَّ سعر المضاد الحيوي الذي ذهب لشرائه يصل ل40 جنيهًا قبل الزيادة. وكشفت معلومات، حصلت عليها "ياخبر"، أنَّ مجلس الوزراء أصدر قرارًا الأسبوع الماضي، بزيادة أسعار الأدوية التي يقل سعر أي منها عن 30 جنيهًا بنسبة 20% ما قدَّره عدد كبير من الصيادلة بأنَّ هذه الأصناف التي تقدر بهذا السعر يصل عددها ل7 آلاف صنف دوائي . وقالت مصادر مطلعة إنَّ القرار بمجرد إصداره من قبل مجلس الوزراء استغلته شركات الأدوية، وتمَّ تفعيله بدءًا من اليوم الثاني لصدوره حتى تحصل على أكبر نسبة من الأرباح بعد الزيادة، فأرسلت لوزارة الصحة عددًا من الكشوف الخاصة بأصناف الأدوية التي تقل سعرها عن 30جنيهًا من أجل إصدار منشور رسمي بأسماء هذه الأصناف من قبل وزارة الصحة ووضعها على "السيستم" الخاص بالإدارة المركزية للصيدلة وهو النظام الخاص الوحيد والمعتمد من قبل وزارة الصحة ويتابع عليه جميع الصيادلة الأسعار الجديدة للأدوية ويقومون ببيع الدواء للجمهور من خلالها بالإضافة إلى فواتير الشركات الموزعة للعقاقير. وأضافت المصادر: "بعض شركات الأدوية كانت تلجأ في السنوات الماضية إلى حيل بديلة في عمليات التغليف الخاصة بالأدوية من أجل توفير الأموال في ظل ارتفاع أسعار الدولار والمواد الخام الخاصة بالأدوية، حيث أنَّ عبوة الدواء من المفترض أن تحتوي بداخلها على شريطين من الكبسولات وتغلف العبوة ويتم بيعها للصيدليات والجمهور بأنَّ بداخلها شريطين إلا أنَّ الشركات كانت تعتمد على التوفير في العبوات فتلجأ إلى وضع ثلاثة وأربعة شرائط في العبوة الواحدة، وإذا افترضنا أنَّ عبوة الدواء التي تحتوي على أربعة شرائط يقدر سعر الشريط الواحد عشرة جنيهات فبالتالي فإنَّ سعر العبوة 40 جنيهًا وبالتالي وفقًا لقرار مجلس الوزراء برفع أسعار الأدوية الأقل من 30 جنيهًا فأن هذه الأصناف لا تخضع للزيادة". وذكرت المصادر: "الشركات استغلت الحيل القديمة من أجل تحقيق مكاسب فأرسلت المنشورات الخاصة بالأدوية إلى وزارة الصحة بالشريط الواحد وليس العبوة واستكمالاً للافتراض السابق فإنَّ العبوة التي تحتوي على أربعة شرائط بسعر عشرة جنيهات فإنَّ الشريط الواحد سيرتفع سعره بعد زيادة ال20% إلى 12 جنيهًا لتصل العبوة في النهاية إلى 48 جنيهًا بدلاً من 40 جنيهًا وهذا ما استغلته شركات الأدوية وأرسلته إلى وزارة الصحة لتجنى أرباحًا طائلة جراء هذه العملية وبالمخالفة لقرار مجلس الوزراء". وحصل "ياخبر" على قائمةٍ أعدَّها بعض الصيادلة بعددٍ كبيرٍ من أصناف الأدوية التي ارتفعت أسعارها بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء، حيث تخطت هذه القائمة مئات الأصناف من الأدوية من شركات مختلفة. من جانبه، أوضح الدكتور على عبد الله مدير مركز البحوث الدوائية ل"ياخبر": "شركات الأدوية تعتبر في المقام الأول استثمارية وتهتم بحجم الاستثمار الكبير ومن الطبيعي أن تنتهز أي فرصة لزيادة الربح الذي يتناسب مع استثمار الدواء بينما كان على الدولة وضع قواعد محددة تضبط عمليه الزيادة وهنا يتجلى الفارق بين الأداء الحكومي المتمثل في إدارة القرار من وزارة الصحة ومن التمشي مع القرار ليكون في صالح شركات قطاع الأعمال من قبل القائمين على هذه المصانع المملوكة للدولة". وأشار مدحت فكري عضو تيار الإصلاح المهني بنقابة الصيادلة أنَّ قرار رفع أسعار الأدوية جاء في صالح شركات الأدوية ولخدمة رأس المال فقط، وذلك دون الاهتمام بمصانع الأدوية التابعة للقطاع العام، حسب تعبيره. وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة بوزارة الصحة أنَّ الوزارة تنبهت لحيل شركات الأدوية وتحاول حاليًّا تعديل البرنامج الخاصة بتسعير الدواء بالإدارة المركزية للصيادلة من أجل حل ما أسمتها المصادر "الكارثة". وأفاد الدكتور محمد عز العرب رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد قائلاً: "قرار رفع أسعار الأدوية بشكل جماعي أمر مرفوض وكان على الحكومة رفع أسعار كل دواء على حدة خاصة الأدوية التي تقل عن 20 جنيهًا وليس 30 جنيهًا لتغطية تكاليف إنتاجها مع وجود هامش ربح تشغيلي مناسب ولصالح صناعة الأدوية في مصر، والمستفيد الأول من ذلك القرار المتسرع ليست شركات قطاع الأعمال ولكنها شركات القطاع الخاص".