في النصف الأول من شهر شعبان، تنطلق الوفود والقوافل من جميع ربوع محافظات الجمهورية متجهةً إلى محافظة قنا، حيث تحل ذكرى الاحتفال ب مولد سيدي عبدالرحيم القناوي الذي سكن محافظة قنا قادمًا من بلاد المغرب العربي، تلك الليلة التي يتوافد إليها آلاف المحبين والدراويش من كل حدب وصوب للمشاركة والمباركة بالولي الشهير والذي لقب ب"الأسد القناوي". ليلة القناوي ... ليلة العاشقين والمحبين بمختلف المحافظات "شي الله يا سيدي عبدالرحيم يا قناوي"، و"مدد يا سيدي"، و"مدد يا جدي"، كلمات يرددها الآلاف من مصر وخارجها بإقامة احتفالات وحلقات ذكر وابتهالات، يشارك فيها كبار المشايخ، وينظمها أبناء محافظة قنا ومحبي صاحب المقام السيد عبدالرحيم بن أحمد بن حجون، الشهير ب"عبدالرحيم القناوي"، وتختتم بليلة كبيرة يحييها أحد كبار المنشدين في مصر. وتنتشر في محافظة قنا، الزينة والأنوار يكتسي بها مقام القطب الصوفي وبخور يملأ أركان المقام وسط حالة روحانية تحضرها ملائكة الرحمن كما يطلق عليها محبي ومريدي سيدي عبدالرحيم الذين يتوافدون من كل أنحاء مصر وأحيانا من الوطن العربي، وسط مظاهر احتفالية وهي بائعي الطراطير، وحلوي المولد، وحلقات الذكر والدروس الدينية، أشهر الملامح التي يشتهر بها مولد سيدي عبدالرحيم القنائي، فيما اختفت بعض ملامح المولد التي كانت تشتهر بها أيضًا وهي "السيرك، والراقصات، والبهوان، وألعاب الدراجات النارية" وتم إلغاؤه لدواعٍ أمنية في السنتين الماضيتين. وتبدأ حلقات الذكر في الساعات الأخيرة من بعد صلاة العصر وتستمر حتى ساعات الفجر، وسط تهليل وتكبير أبناء الطرق الصوفية الذين يحرصون على الحضور سنويًا، هذا فضلًا عن أبناء الطرق الصوفية "الإدرايسية والأحمدية والشاذلية والأدريسية الأحمدية والدندراوية وغيرها من الطرق التي تبدأ حلقات الذكر بساحة مسجد سيدي عبدالرحيم القنائي. مسجد القناوي.. بناه همام الهواري والملك فاروق يعد مسجد السيد عبدالرحيم القنائي بمحافظة قنا، واحدًا من بين أهم المزارات الدينية المهمة في محافظات الصعيد، خاصة مع طرازه المعماري الهندسي المتميز والذي تم بناؤه على يد الأمير إسماعيل بن محمد الهواري، ثم قام الأمير همام بن يوسف الهواري، أمير الصعيد، بتوسعته وزيادته، ثم تمت إعادة بنائه في عهد الملك فاروق مرة أخرى عام 1948، الذي أمر بإزالة المبنى القديم. ويتكون من صحن مربع مغطى بسقف يعلو قبة صغيرة، ويحيط بالصحن أربعة إيوانات عميقة متعامدة، أكبرها هو إيوان القبلة ويقع في الجانب الشرقي من المسجد، أما المدخل الرئيسي للمسجد فيقع في الجهة الجنوبية، وهو مرتفع بمقدار ست درجات، أما المئذنة فتوجد فى الركن الجنوبى الشرقي للمدخل، أما الضريح فيقع خلف الإيوان الشمالى، وهو فى شكل غرفة كبيرة تعلوها قبة. عبد الرحيم القناوي.. مغربي الأصل يزور ضريحه كبار المسؤلين وبسطاء المواطنين هو الشيخ عبدالرحيم بن أحمد بن حجون بن محمد بن جعفر بن إسماعيل بن جعفر الذكي بن محمد المأمون بن أبي الحسن علي بن الحسين بن علي بن محمد الديباج بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين رضى الله عنه، الشهير بسيدى "عبدالرحيم القنائي"، ربيب المشرق والمغرب. القناوي.. عالم دين وتفسير إسلامي مغربي ولد فى مدينة ترغاي، بإقليم سبتة في المغرب، سنة 521 هجرية، وتعلم على يد والده، وحفظ القرآن في الثامنة، قبل أن يبحث عن العلم شرقًا عملاً بمقولته "الدنيا كلها ظلمة ليس فيها طريق إلا العلم" ، وصل دمشق وعمره 18 عاماً، ومكث بها عامان، لتمتزج بداخله ثقافة المشرق والمغرب العربي ليكون وسطيًا وكأنه يعد روحه ليسكن مصر، ومع عودة الشاب ذي العشرين عامًا إلى وطنه حل محل والده، وأمضى خمس سنوات معتليًا منبر الجامع، يعلم الناس ويعظهم، بأسلوبه الخاص الذي يبكي الروح والعين، قبل أن تناديه مكة فيشد الرحال إليها. القناوي حفظ القرآن في الثامنة من عمره الجامع بين العلم والعمل يقول أبرز المشايخ القدامي في محافظة قنا،عن عبد الرحيم القناوي، إنه حفظ القرآن وتعلم الإسلام الصحيح وكان مذهبه مالكي، وكانت له مدرسة، تعلم على يديه الكثير من كبار المشايخ أبرزهم أبوالحجاج الأقصري، وعلم الدين المنفلوطي، ونسبه ينتهي إلى آل البيت، وهو قطب صوفي جمع بين العلم والعمل، وسيرته معروفة في المشرق والمغرب. ساعد جو قنا الهادئ الشيخ عبدالرحيم على حياة التأمل فأمضى عامين كاملين يتعبد ويدرس ويختلي بنفسه ليتعرف على خباياها، إلى أن توفى سنة 592 ه، ودفن بمحيط مسجد السيد عبدالرحيم بقنا الذي سمي باسمه، وبات مزارًا تقام الاحتفالات به، ويزوره كبار المسؤولين في الدولة، وبسطاء المواطنين.