أراجوزات السلطة ثقلاء الظل، وإعلاميوها غير النابهين يُسمح لهم، بل ويُطلب منهم، أن يقوموا بسب المعارضين والمختلفين مع توجهات النظام، وتجريحهم بالباطل بإثارة قضايا جوفاء يتناقلها البسطاء على المقاهى، وعبر وسائط التواصل من نوع "عيلاء" الأسوانى تترجم رواياته إلى العبرية! كأنما رئيس الجمهورية لا يقابل نتنياهو بترحاب فى المحافل الرسمية العلنية، وينسق معه ومع رجاله فى أمور تخص الأمن القومى فى جلسات رباعية سرية تضم أمريكا والسعودية ولا نعرف أخبارها إلا من الصحافة الغربية! وعصام حجى تم إعفاؤه من التجنيد لأنه يتلعثم! كأنما التلعثم يمثل جريمة مخلة بالشرف، أو دليلاً دامغًا ينتقص من قدراته العلمية! ثم يتطاول أحدهم عليه قائلاً إنه ليس عالمًا، بل ربما يكون عاملاً للبوفيه فى وكالة ناسا! متجاهلاً بحماقة شديدة أن حجى كان معينًا كمستشار علمى لرئيس الدولة المؤقت بقرار لم يعترض عليه السيسى عندما كان على قمة هرم تحالف الثلاثين من يونيو، وأن عبد العاطى فنى المعمل المدان فى قضايا نصب وفتح عيادة دون ترخيص لعلاج الأمراض المستعصية بالأعشاب تم منحه رتبة لواء دون أن تكتشف أمره أجهزة الجيش الرقابية التى اكتفت بإبعاده عن الصورة عندما فضحت الميديا أمره! يتشدق الموالاة قائلين إن القانون يجب أن يقطع ألسنة قليلى الحياء ممن يسيئون إلى القيادة السياسية، ولكن ماذا عن ألسنة الهجامين المدعومين من النظام التى تقطر بذاءة بدعم وحماية من السلطة ويتم تلميعهم وملء جيوبهم بالمال؟ أجب عن سؤالى التالى كمواطن مصرى بغض النظر عن موقعك كمؤيد أو كمعارض للسلطة: هل تحترم السلطة التى توافق على احتكار إعلامها لمنهج تشويه معارضيها وسبهم وتخوينهم والخوض فى حياتهم الشخصية، وتقوم بتسريب مكالماتهم الهاتفية وصورهم الشخصية بلا سند من قانون، ثم تتدخل دائمًا بلا خجل لتحمى رجالها، الذين يؤدون ذلك الدور الرخيص، من العقاب. لكنها تنزعج وتكشر عن أنيابها وتبطش بالمعارض، الذى يتبنى نفس منهجها، ويتطاول على رموزها؟! مفتاح الإجابة الموضوعية يكمن فى أن السلطة والمعارضة قد يتطابق موقفهما فى استخدام سلاح السخرية والتطاول، ولكن الفارق أن السلطة تمنح لنفسها حق البطش بمن يسخر منها، بينما تحمى من يمسح البلاط بخصومها وتشمله برعايتها. تفعل هذا لأنها تعتقد يقينًا فى امتلاكها للشرطة والنيابة والمحاكم رغم أنها جميعها مؤسسات لدولة لا لنظام، ويفترض أن يخضع لسيفها كل المتجاوزين. "إيش جاب لجاب يا أخى! إنت حتساوى بين راس عيل أراجوز وراس حكامنا أسياد الناس؟" نعم يا حضرة المواطن المحافظ الأبوى النزعة المرعوب من المؤامرة الكونية التى تحاك ضد دولة تتسول خبز يومها من بلاد، كأمريكا، تتهمها بالتآمر ضدها! نعم، أساوى بينهما لأن القانون عندما يعجز عن التعامل بين أكبر رأس فى الدولة وأصغر رأس بها بنفس قواعد القياس لا يستحق أن يحترمه الناس. الانتقائية فى تطبيق القانون تزيد سخرية الناس من السلطة، ولا تخيفهم ولا تخرس ألسنتهم. لو تم تطبيق القانون على أحمد موسى، الذى اصطحبه رئيس الجمهورية فى رحلاته الخارجية، عندما صدر ضده حكم واجب النفاذ بقذف وسب الغزالى حرب لما فتح أحد فمه بكلمة ضد سلطة تحترم القانون، ولا تتهاون فى تطبيقه على الجميع بلا تمييز. السلطة التى تظن أنها تملك المؤسسات وتديرها لحسابها لكى تؤمم السخرية وتجعلها سلاحًا حصريًّا توجهه لخصومها لتشويههم وتخوينهم كلما ارتفع صوتهم ضدها فى قضية تحتمل الخلاف، ينتهى الأمر بها إلى الانشغال بصناعة فكاهة "حمضانة" فى برامج هزيلة لسب المعارضين، ولمحاولة تبييض وجهها مثل "بنى آدم شو ومافيش مشكلة" لمحمد صبحى، وغيرها من البرامج الماسخة التى يوجهها أصحاب الياقات البيضاء الجالسين خلف مكاتب الإدارات السيادية بالريموت كنترول. لماذا تغضب السلطة وتستنفر قواها وتستعرض عضلاتها عندما يشرب كبراؤها من نفس الكأس التى يدور بها صبيانها على المعارضين؟ فى البلاد المحترمة التى لا تدار فيها السياسة بالفهلوة يلوم الحاكم المنتخب نفسه عندما يقل أداؤه عن التوقعات، وعن حجم الوعود التى يسكبها بلا حساب أكثر من إحساسه بالغضب من التهكم والسخرية من أدائه ومن شخصه، ومن المفترض أن يصبح ذلك دافعًا له على تصحيح المسار الذى يمثل خط دفاعه الوحيد والعملى لإخراس ألسنة المتطاولين. لأن الرغبة فى الانتقام تؤكد صحة الانتقادات. هذا هو الثمن الذى يدفعه من يتصدى للعمل العام، وهذه إحدى الآليات التى تستخدمها الديمقراطية الشعبية لممارسة الضغط على السلطة لتغيير مسار سياساتها التى لا ترقى لتطلعات الشرائح المطحونة من المواطنين. محاولات السلطة المستميتة لتتويج نفسها على عرش المهرج الأوحد بتأميم الفكاهة الساخرة لدى شعب يبرع فى استخدامها تزيد الطينة بلة، وتجعلها تخوض وتتعثر فى مستنقع البطش الأحمق الذى يلطخ ثيابها الرسمية، ويفجر فى وجهها سخرية أشد تجعل منظرها بائسًا وهى تشعر، بكل جبروتها، بالرعب من حفنة شباب يعتريهم الإحباط، كأعضاء فرقة "أولاد شوارع"، الذين تتهمهم دولة "قد الدنيا" بمحاولة قلب نظام الحكم! محاولة اقتلاع شجرة السخرية من جذورها تلقى ببذورها إلى مدى أبعد لتنبت أشجارًا جديدة، ومحاولة تنفيذ الحكم بالإعدام على السخرية أمر يثير السخرية!