"تشريعية النواب": تقسيمات جديدة لضمان عدالة التمثيل النيابي وفق بيانات 2025    رئيس الوزراء: صندوق النقد الدولي لا يضع شروطًا على مصر    القاهرة الإخبارية: اتفاق لبناني فلسطيني على احترام السيادة وإنهاء السلاح خارج الدولة    تشكيل توتنهام هوتسبر أمام مانشستر يونايتد بنهائي الدوري الأوروبي    رابط استعلام أرقام جلوس الثانوية العامة 2025    إيران: الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سوريا تهدد السلم في المنطقة    فرنسا: التصعيد الإسرائيلي في غزة غير محتمل.. ونبحث استخدام أدوات دبلوماسية لوقف التدهور    إطلاق أول مبنى دائم لمجلس الدولة بمحافظة الدقهلية    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    مصطفى شحاتة ينضم لفريق عمل فيلم بنات فاتن    دينا أبو الخير: تكرار الذنب لا يمنع التوبة.. والله يغفر ما دام العبد تائبًا بصدق    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي 2025 في محافظة الجيزة (فور إعلانها)    باريس: استهداف وفد دبلوماسي في جنين تصعيد مرفوض ونطالب بتفسير عاجل    بعد توصيل أطفاله للمدرسة.. اغتيال مسؤول أوكراني متعاون مع روسيا في إسبانيا (ما القصة؟)    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    «حشد ومساندة».. 3 تحركات من وزارة الرياضة لدعم بيراميدز أمام صن داونز    «تفاهة وصفر إدارة».. القصة الكاملة لحرب التصريحات بين ثروت سويلم وحلمي طولان    الزمالك يعلن في بيان رسمي توقيع اتفاقية لتسهيل تجديد العضويات    "الوفد" يعلن رؤيته بشأن قانون الإيجار القديم ويطرح 4 توصيات    أسعار الحديد مساء اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    إحباط تهريب 20 شيكارة دقيق مدعم ب مخبز سياحي في الإسكندرية (صور)    جامعة أسوان تطلق الملتقى الثاني للهندسة الرياضية    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    هل كانت المساجد موجودة قبل النبي؟.. خالد الجندي يوضح    هل يجوزُ لي أن أؤدّي فريضة الحجّ عن غيري وما حكم الحج عن الميت؟.. الأزهر للفتوى يجيب    وزير الصحة يستجيب لاستغاثة أب يعاني طفله من عيوب خلقية في القلب    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    أحمد السقا يحذف بيان انفصاله عن مها الصغير بعد انتقاده بسبب الصياغة    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    مصرع طفل غرقًا في مياه نهر النيل بكفر الشيخ    وزير خارجية إيطاليا: طالبت إسرائيل بوقف استهداف المدنيين وفتح كافة المعابر    بعثة "الداخلية" تتوج خدماتها لحجاج القرعة بزيارة الروضة الشريفة.. فيديو    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    تقارير: جنابري يقترب من العودة لمنتخب ألمانيا    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    قبل عيد الأضحى 2025.. هل ارتفعت أسعار الأضاحي؟ رئيس الشعبة يجيب    «يرافقني أينما ذهبت».. تصرف مفاجئ من محمود فايز بعد ارتباطه ب الأهلي (تفاصل)    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    مصرع محامي إثر حادث تصادم بين موتوسيكلين في الشرقية    363 شخصا فقط شاهدوه في أسبوع.. إيرادات صادمة ل فيلم استنساخ (بالأرقام)    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    مقتل 6 في انفجار حافلة مدرسية ب باكستان.. وإسلام آباد تحمل الهند المسؤولية    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع نائب رئيس الوزراء وزير خارجية بلجيكا على هامش الاجتماع الوزاري الإفريقى الأوروبى    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    قبل مواجهة بتروجيت.. قرار من أيمن الرمادي بعد انتهاء معسكر الزمالك    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزة هاشم أحمد: حرب إسقاط الهيبة
نشر في البديل يوم 19 - 11 - 2013

فى مجتمعاتنا الشرقية يسقط الرجل عندما تسقط هيبته، وما أسهل السقوط فى مصر الآن !! لقد نجح المصريون فى اسقاط النظام وتوالى بعد سقوطه سقوط كل ماله هيبة مثل أوراق الشجر الذابل، ذهب بريق الحكام والوزراء والكتاب والعلماء وذهبت معهم قناعات المصريين وايمانهم بالرمز فراحوا يتندرون ويسخرون من الجميع الى أن ضاعت هيبة الجميع فى مصر.
منذ وقت قريب كانت النكتة والدعابة هى سبيل المصريين الأمثل للهروب من همومهم وأحزانهم، وكانت أيضا وسيلة من وسائل النقد الذكى للحكام فى مراحل القمع التاريخية، كان المصريون يتبادلون النكات سرا وكأنها ممنوعات لدرجة جعلتهم يخشون أن يضبطوا متلبسين بتهمة إلقاء النكات.
وكان الرئيس السابق مبارك ونجله أبطال دائمين لتلك النكات، ولكن ما طبيعة النكات التى كانت تلقى فى هذه الفترة ؟!! كلها نكات لا تنتقص من هيبة ولا من مقام، وانما تنتقد أوضاع مختلة أو ظلم أو فساد قائم، أو تصورهم لصوص أو فاسدين مضحكين، كان هناك حاجز من الهيبة والوقار خلق حولهم سياج حديدى دعمته وسائل الاعلام التى كانت تطن فى رؤوسنا بالتمجيد والتفخيم والفرعنة والتأليه للحاكم العظيم وحاشيته.
وسقط مبارك وعائلته وحاشيته وأعوانه، وسقطت هيبتهم أرضا فأصبحوا محلا للتندر والسخرية التى انتهكت فى حياتهم الشخصية كل ما كان محظورا وممنوعا من قبل، فظهرت الفيديوهات ورسوم الكاريكاتير والمنشورات على صفحات تويتر وفيس بوك، وأصبح الجميع يتسابقون على مشاركة هذه المنشورات بل اجتهدوا فى أن يضيفوا اليها نكهات أخرى من السخرية والتندر.
مع هذا السقوط العظيم تساقط الكثيرون مثل أوراق الشجر الذابل فبدا أنصار مبارك المكلومين والحزانى المهددين يتراقصون على مسرح الأحداث مثل الأراجوزات، يبالغون فى تمجيد الثورة ونفاق الشباب فيبدون أكثر اثارة للسخرية، وتجد فيهم برامج الفكاهة مادة ثرية وثمينة للسخرية، فتستخدمهم أداة سهلة لاضحاك الناس عليهم وعلى نفاقهم وتناقضاتهم الشخصية، واظهارهم فى صورة مشوهة، وعلى رأس هذه البرامج برنامج " البرنامج " الذى يقدمه الاعلامى باسم يوسف والذى ساهم بشكل أكثر فعالية فى اسقاط هيبة الكثيرين أرضا وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد مرسى، بالاضافة الى العديد من الشخصيات العامة وشيوخ الفضائيات، الذين ذهبت ورائهم الكاميرات لتتابعهم وتتبع هفواتهم وتناقضاتهم لتنقلها للعامة نقلا ساخرا مستهزئا.
الحقيقة أنه عندما ذهب مبارك ذهبت معه أكذوبة الهيبة المزعومة، وتحطم السياج الحديدى الذى كان يحيط بالمسئولين فى مصر، فأصبحوا أناساً عاديين بل مستهدفين لوابل من السخرية التى لم تعد أداة للنقد والرفض المقنع، وإنما أصبحت أداة هدم فعالة تستخدمها الأطراف السياسية المختلفة فى حروبها وسعيها نحو السلطة.
لقد كانت الفكاهة والسخرية واحدة من أهم الاسباب التى أسقطت عن الدكتور محمد مرسى هيبته فى عيون العامة، فأصبحت كلمات حاكم مصر التى كانت فى وقت من الأوقات بمثابة أقوال مأثورة يتناقلها الكتاب مثلما يتناقلون الجواهر الثمينة عبارة عن مواد للسخرية والنكات التى زادت يوما بعد يوم، ولم تفلح محاولات الاخوان المسلمين وأنصار الدكتور محمد مرسى فى اصباغ الصفات الخارقة واحاطته بهالة واهية من القدسية، وابتكار معجزات خيالية لتعويض ما يسقط من هيبته التى راحت شيئا فشيئا إلى أن لم يتبقى منها شيئا، فسقطت هيبة الدكتور مرسى وسقط هو معها.
الآن السخرية تطال الجميع بلا استثناء وأصبحت السلاح الموثوق فى فعاليته فى الحروب والصراعات السياسية الداخلية فى مصر، والتى يتعرض لها الآن الفريق سامى عنان فى موجة سخرية مكثفة وموجهة توجيها مباشرا لشخصه وهيبته وتضعه فى موقف حرج فى توقيت شديد الحساسية بعد أن طالته يد المتندرين والمنتقمين من الاخوان والتيارات الأخرى الرافضة لصعود الفريق الى مقعد الحكم، وهو نفسه السلاح الذى تحاول أطراف معينة استخدامه فى الحرب ضد الفريق عبد الفتاح السيسى، والتى طالت بدورها بالفعل الرئيس المؤقت الحالى عدلى منصور، والذى لم يفلح صمته معظم الوقت فى انقاذه من السخرية التى استخدمت هذا الصمت كأداة للحرب المتعمدة وغير المتعمدة ضده.
لم تعد السخرية فى مصر الآن سلاحا للنقد المستتر أو متنفسا لمن يعانون من القمع بل أصبحت أداة لاسقاط حكام وتدمير المستقبل السياسى لشخصيات بعينها، وتستخدم الآن بصورة منظمة ومتعمدة لتحقيق غايات سياسية بعينها، لقد كانت السخرية سلاحا للتحايل على القمع وأصبحت الآن سلاحا نوويا للتشويه وإسقاط الهيبة.
باحثة فى علم النفس
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار – مجلس الوزراء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.