اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن اتفاقية الدخول بدون تأشيرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي على حافة الانهيار بعد إصرار الرئيس رجب طيب أردوغان على عدم تغيير قوانين مكافحة الإرهاب في بلاده، والتي كانت شرطا أساسيا في الاتفاق. وقال أردوغان أمس الجمعة "سنذهب في طريقنا وأنتم اذهبوا في طريقكم". وأشارت الصحيفة إلى أنه عنددما منحت المفوضية الأوروبية عرضا مشروطا لدخول المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة، اشترطت إعادة أنقرة لكتابة قوانين مكافحة الإرهاب لأنها كانت تستخدم لمقاضاة الصحفيين ومنتقدي الحكومة. ونوهت الصحيفة بأن أردوغان ألقى خطاب تحدٍ في اليوم التالي لاستقالة رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم أحمد داوود أوغلو، بسبب خلافات لا يمكن التغلب عليها مع الرئيس، في خطوة فسرها بعض النقاد والسياسيين المعارضين على أنها "انقلاب القصر". وأوضحت أن رحيل داود أوغلو يثير تساؤلات حول صفقة التأشيرة ويفتح احتمالات أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا الخاص اللاجئين يمكن أن ينهار. فأغلو كان يتحدث بهدوء، كما كان المهندس الرئيسي على الجانب التركي من اتفاق مثير للجدل التي يتم بموجبه إرسال المهاجرين الذين يصلون إلى الجزر اليونانية إلى تركيا. "الجارديان" اعتبرت أن رحيل أوغلو هو بمثابة "صفعة للقادة الأوروبيين"، والذين لم يخفوا حقيقة أسفهم على استقالته. حيث قال مارتن شولتز رئيس البرلمان الأوروبي "أحمد داوود أوغلو كان أحد أكثر المحاورين ثقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا"، مضيفا "اتمنى من الحكومة التركية الجديدة أيا كان من سيرأسها أن تستمر في بناء التعاون الذي صدق عليه أوغلو". ولكن مع ذلك، أوضحت الصحيفة أن رحيل أوغلو لن يغير شيئا، حيث قال وزير الخارجية الألماني "فرانك فالتر شتاينماير" لمجلة دير شبيجل إنه "يتم التفاوض على الاتفاقيات بين الدول مع الحكومات وليس الأفراد". ولفتت إلى أنه من خلف أسوار الدبلوماسيات العامة، القادة الأوروبيون في قلق بسبب أن رئيس الوزراء التركي المقبل سيكون بنفس خلفية أردوغان، حيث تشمل الاختيارات وزير الطاقة "براق البيرق" صهر أردوغان. من جانبه، اعتبر "نوربرت روتجن" رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني أن رحيل أوغلو بمثابة "أحد الأخبار السيئة لأوروبا.. ولتركيا أيضا"، فيما وصف مدر بارز في الاتحاد الأوروبي أن أفعال أردوغان "لا يمكن التنبؤ بها". الصحيفة البريطانية أوضحت أنه من أجل حصول المواطنين الأتراك على تأشيره الشينغن لدخول 26 بلدا بالاتحاد الأوروبي بحلول نهاية يونيو، يصر مسؤولو الاتحاد أنه يجب على أنقرة أن تفي بخمسة معايير سياسية وتقنية حيوية من بين قائمة طويلة تضم 72 معيارا. من جانبه قال فرانس تيمرمانس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية إن "تركيا لن تحصل على "رحلات مجانية" طالما لم تحث حكومتها على اتخاذ إجراءات عاجلة بما في ذلك التشريعات المحلية المكافحة للإرهاب. حيث تقول جماعات حقوق الإنسان أن قوانين مكافحة الإرهاب في تركيا تعبث بحرية التعبير وتستخدم في كثير من الأحيان لاتهام الصحفيين وغيرهم من منتقدي الحكومة. من ناحيتها تصر الحكومة التركية على أن القوانين الصارمة هي أداة ضرورية لمواجهة خطر الارهاب الكردي وداعش سواء في الداخل أو الخارج. حيث قال وزير الاتحاد الأوروبي التركي "فولكان بوزكير" يوم الخميس "من المستحيل إعادة النظر في التشريعات وقوانين الإرهاب بينما لاتزال بلدنا في معركة شديدة ضد العديد من المنظمات الإرهابية". كما اتهم القادة الأتراك الاتحاد الأوروبي بعدم الاكتراث بالتهديدات الإرهابية التي تواجه بلدهم، وأعلى أردوغان من هذا الشأن في كلمته أمس الجمعة عندما أشار إلى المظاهرة التي قادها نشطاء أكراد يحملون علم حزب العمال الكردستاني في بروكسل قبل قمة الاتحاد الأوروبي وتركيا مارس الماضي. حيث قال أردوغان "لماذا لا تغيرا أنتم أولا عقلياتكم الخاصة التي سمحت للإرهابيين بنصب خياما بالقرب من مقر البرلمان الأوروبي، أنتوا تتركونهم ثم تدعون أن كل هذا باسم الديمقراطية". من جانب آخر، ضغط أردوغان في خطابه من أجل إجراء التعديلات الدستورية التي تسمح بتحويل النظام لرئاسي، وهي الخطوة التي يخشاها النقاد لأنها ستضع المزيد من السلطة في يد الرئيس التركي. الجارديان رأت أنه حتى بدون تدخلات أردوغان، اتفاقية منح تأشيرة الشنغن لتركيا لن تكون سهلة، فلابد أولا من موافقة الاتحاد الأوروبي عليها، والذي أعرب عن رفضه منح تركيا التأشيرة ما لم تفِ أنقرة ب72 شرطا للاتحاد.