مجموعة الأحلام والأمنيات البسيطة التى يرغبها البشر هى وقود حياتهم، كل منهم ينظر إلى الأعلى، ويتمنى ويسعى لتحقيق الهدف والحلم الذى قد يبدو مستحيلًا بالنسبة إليه، «عشم»، هو اسم الفيلم الذى يضم هذه الأحلام، وهو أيضا محور أحداث ست قصص لمجموعة شخصيات تتحرك داخل مشاهده يتصلون معًا بخيط رفيع، فعلى غرار «Paris، je taime» و«New York، I Love You» تقرر المؤلفة والمخرجة ماجى مرجان أن تبنى أحداث فيلمها على نفس النهج، قصص متداخلة من شرائح عمرية واجتماعية مختلفة يجمعهم رابط واحد، أما عشم فهو الحلم، تجد الرجل المرهق من عمله، وزوجته التى تخاف من موته، والشاب الحالم بالهجرة، كل هذه القصص تتلاقى مسارات أبطالها وتبتعد مع مرور الدقائق فى الفيلم. هذه النوعية من الأفلام تعتمد بشكل أساسى على التنويع فى عرض الموضوع الذى يربطها، لكن فى عشم حدث العكس حيث دارت أحلام شخصيتين فى الفيلم، هما مجدى (مينا النجار) وشريف (هانى سيف) فى الهجرة أحدهما ضحى بحبه وفسخ خطبته، والثانى سافر تاركًا أمه، التكرار لم يضف جديدًا، وأضعف الخط الدرامى للشخصيتين، فلم نفهم الدافع وراء قرار السفر المفاجئ، وترك خلفهما ما هو مهم، قصة فريده (مروة ثروت) جاءت باهتة دون خطوط عريضة توضح الشخصيات للحد الذى جعل شخصيات القصة الأربعة تبدو وكأنها مقحمة على الفيلم ليس لهم تأثير فعلى، ولم يبدو وجود أحدهم هامًا إلا فى المشهد الذى تقابل من خلاله فريدة، عشم (شادى حبشى) فى الأسانسير، لكن فى المقابل أضافت على الطابع المميز لهذه الأفلام رابطًا من نوع آخر هو شخصية عشم الذى احتك مع كل الشخصيات التى ظلت تحارب فى سبيل حلمها، ولم تجمعه الصدفة مع من قرر الهروب، وراضٍ بحياته كما هى، فكان هو الرابط بين الشخصيات دائمًا ما يبث بهجته ناشرًا فلسفته ساعيا وراء أى عمل تحقيقًا لحلمه هو. باستثناء المخرج محمد خان، وأمينة خليل والمخرج محمود اللوزى، فالجميع وجوه جديدة على المشاهد، التلقائية التى قدمتها نجلاء يونس من خلال شخصية رضا هى الأقوى، حيث نقلت مراحل تطور الشخصية بسلاسة، فمن الفتاة القادمة من حدود القاهرة، التى تفوح منها راحة العرق بسبب رداءة نوع القماش الذى ترتديه لتعمل فى مول حتى تصل أن تكون بائعة محترفة فى محل للملابس الجاهزة يلخصها حوار الشخصية ببساطة من خلال استخدام مراد فى «الشرز» و«البلوفر» فى حديثها، شادى حبشى يمتلك حضورًا طاغيًّا على الرغم من طبيعة مشاهده التى تكون فى الغالب صامتة، وكذلك الحال مع ابتسام (منى الشيمى). المونتير أحمد عبدالله ساعد بالمونتاج فى تكوين الصورة الكبرى للقصص الست حيث إن نجاح هذه النوعية يعتمد على المونتير. العفوية والارتجال كانا السمة الرئيسية للحوار فى الفيلم، الذى جاء بعد تحضيرات طويلة، والكثير من التجارب حتى إن الارتجال وفتح مساحة أكبر للممثلين بدا واضحًا أنه منهج ماجى، حيث يظهر هذا مثلًا فى مشهد المجذوب وعشم بعد أن خرب له بالوناته التى يبيعها، الفيلم إجمالًا يمثل سينما تركز على العواطف وحالات الحنين إلى الماضى فى بنائه، التجربة جديدة وتستحق كل متابعة خاصة، وأنه العمل الأول لمخرجته وحالة سينمائية يجب أن تستمر فى الظهور بمصر.