كتب- صلاح لبن وأحمد سعيد حسانين: الزمان: 30 مارس 2016 المكان: مركز رافيال الطبى بالعاصمة البريطانية لندن. الحدث: معوض عادل "الشهيد الحى" يعود للحياة بعد 4 سنوات ونصف. الأجواء: فرحة عارمة تسيطر على أفراد أسرة معوض عادل، مصاب أحداث محمد محمود، بعد إفاقته من غيبوبة استمرت 5 أعوام. على بعد ساعة والنصف من العاصمة لندن، يقبع معوض عادل أحد مصابى أحداث محمد محمود فى مركز رافيال الطبى، كان يرقد بين الحياة والموت، بعد إصابته بطلق نارى فى رأسه تسبب فى إحداث كسر فى عظام الجمجمة وارتشاح فى المخ وشلل كامل فى الأطراف، ما أدى إلى دخوله فى غيبوبة استمرت 5 أعوام، لكن شعاعًا من النور بدأ يظهر فى الأفق. لم تكن ليلة 29 مارس هذا العام متشابهة مع الأيام التى تلت 20 نوفمبر 2011 عندما سقط معوض أرضًا نتيجة الطلق النارى الذى استهدفه. فى غرفة متواضعة فى المركز الطبى، بينما تتجمع أسرة معوض وبعض أصدقائه، الذين شاركوا معه فى ثورة 25 يناير، لم يتمالك مصطفى محمود صديق عمره نفسه، عندما وجد معوض ينظر إليه لأول مرة بعد غياب عن الوعى استمر سنوات، سقط كوب من المياه كان يحمله، محدثا صوتًا، دفع جميع من داخل الغرفة إلى التركيز، ثم فجأة تعالت الأصوات بشكل هستيرى، وبدأت الفرحة تسود بين أفراد أسرته، بعد أن وجدوا "الشهيد الحى" يعافر من أجل دخول العالم الذى غاب عنه مرة أخرى. 4 سنوات ونصف كانت كافية لأن تتبدل ملامح وجه معوض، التى تغيرت بعض الشىء، ولأن يبدو جسده نحيلًا بسبب مرضه، ليس قادرًا على الكلام مثلما كان فى الماضى بدأ يوجه نظرات باستغراب لكل من حوله، يحاول التدقيق فى الوجوه التى غابت عنه طوال السنوات الماضية، ورويدا رويدا بدأ معوض يكتشف كل من حوله.. الشهيد الحى الذى غاب عن الوعى لسنوات لم يشهد برلمان الإخوان، ولم يعلم شيئًا عن انتخابات الرئاسة، كما غابت عنه فترة وصول الجماعة للسلطة، وأن شفيق كان منافسا لها فى جولة الإعادة، ولم يعاصر فترة تمرد، أو أحداث 30 يونيو، ولم يشاهد أحداث فض رابعة، أو يتابع دخول قيادات الجماعة السجون، وهروب بعضهم إلى خارج البلاد، وهو بالتبعية لا يعرف شيئًا عن داعش وأنصار بيت المقدس، أو أن البلاد العربية أصبح يسيطر عليها الفوضى. استمعت الأسرة إلى تمتمات تخرج من معوض، ظل يردد اسم البرادعى، وهو ما دفع والدته إلى القول: أه لو يعرف إنه اتحول إلى خائن بقدرة قادر، لم تمر دقائق على هدوئه حتى ذكر اسم مبارك، فأجاب صديقه عايش ملك فى مستشفى المعادى العسكرى، وقبل أن يفقد وعيه ذكر الثورة، ليرد أحد أفراد أسرته: هى فين!! فى اليوم التالى، بدأت حالة معوض تتحسن شيئًا ما، كان من الطبيعى أن يسأل عن وضع البلد التى دفعته إلى التضحية بحياته، نظر إلى صديقه مصطفى محمود موجها له أسئلة واضحة لكنه لم يكن يعرف أنه سيحصل على إجابات صادمة. - معوض: صحابى عاملين إيه؟ - مصطفى يجيب بصوت يملؤه الحسرة: أغلبهم فى السجون.. - إزاى ده؟ - بضحكة ساخرة.. حكمة ربنا، ياريتها جت على قد كده يا معوض. - تقصد إن ثورة يناير فشلت؟ - نجحت فى إسقاط نظام مبارك، لكن كل من ينتمى لها تتم محاربته وشيطنته. - قل لى إن أهداف الثورة تحققت. - بصراحة يا صديقى كلنا نفسنا نشوف اليوم ده. - إزاى ما تحققتش بعد سقوط مبارك؟ - والله ما لاقى إجابة لسؤالك. - طيب إزاى قدرنا على نظام مبارك؟ - نجحنا فى القضاء على نظامه، لكن وقعت تغيرات بعد كده، لكن معظم مساعديه حصلوا على براءات، ومافيش عقوبات لأولاده، ودلوقتى ناس بتخرج تدافع عنهم دون خجل. - مين اللى وصل للحكم بعد ثورة يناير؟ - الإخوان المسلمين بعد فوز مرشحها محمد مرسى على شفيق فى جولة الإعادة، لكن سعت إلى ضرب معارضيها للاستحواذ على الحكم، والشعب نزل إلى الميادين وأسقط النظام مرة أخرى. - هو كمان شفيق وصل للإعادة؟ - مش بقولك، إنت فاتك كتير أوى يا صديقى فى الأربع سنين ونصف اللى فاتوا، أومال لو عرفت إن شفيق هرب بره بعد فوز مرسى وبيشكك فى تزوير الانتخابات لصالح الإخوان، ولو عرفت إن حسين سالم اللى كان بيتحاكم الدولة بتتصالح معاه دلوقتى، ولو عرفت إن جمال وعلاء مبارك خرجوا براءة فى كل القضايا، ولو عرفت إن أهالى الشهداء لسه لحد دلوقتى بيدورا على حق ولادهم، ولو عرفت إن علاء عبد الفتاح ودومة وأحمد ماهر والدكتور أحمد سعيد فى السجون دلوقتى، والبرادعى اعتبروه خاين وعميل بعد رفضه فض ميدان رابعة، والسيسى بيحكم دلوقتى بعد نجاح 30 يونيو، وشباب الثورة اللى كانوا بيهتفوا دلوقتى فى السجون، والتعذيب فى أقسام الشرطة لسه مستمر، ومرتضى منصور وتوفيق عكاشة وسعيد حساسين وعبدالرحيم على فى البرلمان دلوقتى، حاجات كتير حصلت عايز يتعمل فيها كتب مينفعش احكيهالك فى يوم أو اتنين - مين الرئيس الحالى؟ - السيسى، وهو صاحب خلفية عسكرية، فاز على حمدين باكتساح. - وهو مؤمن إن 25 يناير ثورة؟ - ظهر أكثر من مرة مدافعا عنها، ودباجة الدستور تعترف بالثورة، واللى بيحصل على أرض الواقع حاجة مختلفة تماما، يتم التنكيل برفاق الميدان سواء فى وسائل الإعلام ويتم انطلاق حملات التخوين لكل من شارك فى الثورة.