اتهم مسئولون أتراك اليوم السبت الحكومات الأوروبية بمحاولة تصدير مشكلة المتطرفين لديهم إلى سوريا، وقالوا إن الاتحاد الأوروبي فشل في تأمين حدوده أو الالتزام بتعهدات تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون في محاربة تهديد الجهاديين، حسبما ذكرت صحيفة "الجارديان". وكشفت الصحيفة البريطانية أن مسئولين أتراك أطلعوها على هذه الإخفاقات عبر العديد من الأمثلة الموثقة لمقاتلين أجانب يغادرون أوروبا بجوازات سفر مسجلة في قوائم مراقبة الإنتربول، ويصلون إلى تركيا من مطارات أوروبية وبصحبتهم أمتعة محملة بالأسلحة والذخيرة، ويتم إطلاق سراحهم بعد ترحيلهم من تركيا على الرغم من تحذيرات أنقرة بأن هؤلاء الأشخاص تربطهم صلات بشبكات تجتذب المقاتلين الأجانب. وقال مسئول أمني تركي - في تصريح للصحيفة البريطانية -"ساورتنا الشكوك في أن يكون السبب وراء ذلك أنهم يريدون أن يأتي هؤلاء الأشخاص إلى تركيا، لأنهم لا يريدونهم في بلدانهم، أعتقد أنهم كانوا كسولين للغاية بل وغير مهيأين لذلك وظلوا يؤجلون النظر في هذا الأمر حتى أصبح مزمنًا". وأوضحت الصحيفة أنها أجرت تلك الحوارات مع المسئولين الأتراك قبل وقوع الهجمات الإرهابية الأخيرة في بروكسل، والتي أعلن تنظيم داعش مسئوليته عنها، إلا أن التفجيرات والهجمات التي شهدتها باريس في نوفمبر الماضي أبرزت إخفاقات أوروبا على نحو صارخ في مواجهة التهديد من الأوروبيين الذين يعتزمون السفر إلى سوريا أو العراق للقتال إلى جانب داعش ثم يعودون ليرتكبوا فظائع في بلدانهم. واستشهدت الصحيفة في هذا الصدد بما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء الماضي، بأن إبراهيم البكراوي أحد منفذي الهجوم الذي استهدف مطار زافينتيم في بروكسل، كان اعتقل في غازيانتيب في يونيو من العام الماضي بسبب شكوك بأنه ينوي السفر إلى سوريا كمقاتل أجنبي. ولفت إلى أنه على الرغم من إبلاغ السلطات البلجيكية باعتقاله، إلا أنهم ردوا على تركيا بأنهم لا يملكون دليلًا على أن له صلة بالإرهاب ولم يطلبوا تسليمه إليهم، وتم ترحيله إلى هولندا قبل أن يعود إلى بلجيكا. ونقلت عن أحد المسئولين البارزين في تركيا قوله إن أنقرة حذرت أيضًا السلطات الفرنسية حول عمر إسماعيل مصطفى، الذي ظهر اسمه في تحقيق حول خلية من الرعايا الفرنسيين المشتبه في صلتهم بالإرهاب استمر من أواخر عام 2014 إلى صيف 2015، مشيرًا إلى أن مصطفى كان أحد مسلحي داعش الذين اقتحموا مسرح باتاكلان في نوفمبر من العام الماضي. ونفى المسئولون الأتراك في مقابلات مع الجارديان اتهامهم بالتقصير في مكافحة خطر الإرهاب، وقدموا تفاصيل عن عدة حوادث تثبت أن الحكومات الأوروبية سمحت لهؤلاء الأشخاص بالسفر إلى تركيا. وأوردت الصحيفة البريطانية بعضًا من هذه الحوادث، حيث أعادت إلى الأذهان أنه في يونيو 2014 استجوب ضباط الأمن التركي في مطار إسطنبول مواطنًا نرويجيًّا، قال لهم علنًا إنه جاء إلى تركيا بهدف السفر إلى سوريا ل"الجهاد"، وعندما فتشوا حقائبه وجدوا أنه تمكن من الخروج من أوسلو بحقيبة كانت تحوي زيًّا مموهًا وإسعافات أولية وسكاكين، ومخزن بندقية وأجزاء من مدفع كلاشينكوف "إيه كيه 47"، وهي المحتويات التي تمكن من تهريبها من سلطات الجمارك في أوروبا. وعلى الجانب الآخر، أكد مسئولون أوروبيون ومسئولون من قوات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضرورة أن تبذل تركيا المزيد من الجهد لتأمين حدودها، فيما اتهم منتقدو أردوغان أنقرة بأنها تغض الطرف عن تدفق المقاتلين الأجانب. وأضافوا أن تركيا تأمل في تقويض الرئيس السوري المحاصر بشار الأسد، وشددوا على غياب ما يعرقل الجهاديين في منطقة الشرق الأوسط من السفر عبر تركيا إلى سوريا. واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إنه ليس من الواضح سبب قلة تبادل المعلومات الاستخباراتية بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا. وأوضحت أن المسئولين الأتراك عللوا ذلك بعدة عوامل؛ لخصوها في "محاولة أوروبا تصدير مشكلة الإرهاب لساحات القتال في سوريا، بدلًا من معالجة تصاعد مشاعر الكراهية والخوف من الإسلام "الإسلاموفوبيا" ومشاكل الاندماج، والقوانين التي تحد من سلطات المراقبة الأوروبية، فضلًا عن انعدام الثقة الشخصية في أردوغان بين الزعماء الأوروبيين بسبب جذوره الإسلامية.