وصف خبراء اقتصاديون قرار البنك المركزي المصري بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار بأنه خطوة جريئة ومفاجئة تهدف للقضا ء على السوق الموازية وتوفير النقد الأجنبي، مؤكدين أن القرار سيساهم في زيادة تدفقات النقد الأجنبي وتشجيع الاستثمارات، فضلاً عن أثاره الإيجابية على البورصة المصرية، محذرين في الوقت ذاته من زيادة معدلات التضخم التي ستؤثر سلبًا على محدودي الدخل بالإضافة لى رفع الفائدة على الدين العام الخارجى لمصر. وقال الدكتور فخري الفقي المستشار السابق لصندوق النقد الدولي، إن هناك اتفاقية بين البنك المركزي وصندوق النقد الدولي على التعويم "المدار" للجنيه، واصفًا إياه ب"الخطوة المفاجئة والجرئية" من قبل البنك المركزي لتوحيد سعر الصرف عند مستوى العرض والطلب. وخفض البنك المركزي المصري أمس الإثنين سعر العملة المحلية بمقدار 1.12 جنيه مقابل الدولار في أول تخفيض رسمي في عهد المحافظ الجديد طارق عامر. وباع المركزي 198.1 مليون دولار في عطاء استثنائي لتغطية واردات سلع استراتيجية أساسية بسعر 8.85 جنيه للبنوك من 7.73 جنيه في العطاء الدوري السابق يوم الأحد، ويباع الدولار بسعر 8.95 جنيه رسميًا في البنوك بعد العطاء الاستثنائي. وأضاف الفقي ل"التحرير" أن هذه الخطوة تهدف لزيادة حصيلة البنك المركزي والبنوك المحلية من النقد الأجنبي حتى ينجح فى سحب البساط من السوق السوداء وإجبار شركات الصرافة على الالتزام بأسعار البنوك الملاءمة لطبيعة العرض والطلب. وتابع أن القرار من شأنه تشجيع الاستثمارات الأجنبية وضخ أموال جديدة في الاقتصاد المصري وزيادة تدفق النقد الأجنبي وزيادة نسبة الصادرات المصرية غير البترولية لتمتعها بأسعار أقل من الأسواق المنافسة، مضيفًا أن القرار سينعكس إيجابيًا على البورصة حيث سيشجع صناديق الاستثمار الأجنبية على دخول السوق المصرية. وأشار إلى أن هذه الخطوة من شأنها توجيه تحويلات المصريين العاملين فى الخارج إلى البنوك بدلا من شركات الصرافة. وأكد الفقى أن قرار خفض قيمة الجنيه أمام الدولار من شأنه وضع الحكومة فى تحديات عديدة أهمها زيادة معدلات التضخم وظهور موجة من غلاء الأسعار سيكون ضحيتها المواطن محدود الدخل، مشيرًا إلى ضرورة قيام وزارة المالية بزيادة نسبة الدعم لحاملي البطاقات التموينية الذكية، وزيادة مواردها عن طريق تطبيق ضريبة القيمة المضافة والتى ستساهم فى توفير 35 مليار جنيه للموازنة العامة للدولة بالإضافة إلى ضرورة تفعيل الضريبة العقارية بدلا من ضريبة العوائد. وأشار أن رفع قيمة الدولار أمام الجنيه سيؤدي إلى زيادة الدين العام الخارجي لمصر البالغ 48 مليار دولار بما لايقل عن 50 مليار دولار إضافية مما سيزيد من معدلات الفائدة على الدين العام فى موازنة العام المالى الجديد 2016-2017 وأكد محمد ماهر العضو المنتدب لشركة "برايم القابضة " أن قرار البنك المركزى بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار يعد خطوة إيجابية فى تقريب السعر الرسمى للدولار مع سعر السوق الموازية وتأتى ضمن حزمة من الإجراءات الإيحابية التى يتبعها المركزى لمحاربة السوق السوداء. وأضاف ماهر ل"التحرير" أن شهادات الإدخار التى يصدرها بنكى "الأهلى ومصر " بفائدة 15% بشرط التنازل عن الدولار سيدفع مكتنزى الدولار لبيعه للاستفادة من معدلات الفائدة المرتفعة وأعلن بنك الأهلي المصري وبنك مصر أمس الإثنين إصدار شهادة إدخار بفائدة 15% سنويًا ويصرف العائد كل 3 أشهر، ومدة الشهادة 3 سنوات، ويقتصر شراء الشهادة على التنازل على العملات الأجنبية والشراء بنفس قيمة المبلغ بالجنيه المصرى تلك الشهادة. وأكد ماهر أن هذه الخطوة انعكست إيجابيًا على أداء البورصة والتي ارتفعت في مستهل التعاملات بمقدار 4.5 % مستبعدا أن يكون خفض سعر الجنيه أمام الدولار خطوة لتحرير سعر الصرف بشكل كامل، مشيرًا إلى أن البنك المركزي يضع سعر صرف مدار يتناسب مع العرض والطلب وأضاف أن البنك المركزي لا يمكنه أن يحرر سعر الصرف بشكل كامل بحيث يتحكم المضاربين على العملة فى أسعاره، مؤكدا أن السياسات الأخيرة للبنك المركزى ستساهم فى توفير العملة الأجنبية.