إما أن تكون فلاديمير بوتين أو شارل ديجول، كانت هذه هي الرسالة التي أرادت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية إيصالها لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان، لافتة إلى أن التعامل مع الاحتجاجات الشعبية في أنقرة لن يخرج عن طريقتين، إما طريقة الرئيس الفرنسي الأسبق الذي تحاور مع المعارضة واستقال عندما أدرك الخطر الذي تتعرض له باريس، أو طريقة الرئيس الروسي الذي قمع المتظاهرين بقنبال الغاز والاعتقال وقوات مكافحة الشغب. وبعنوان «تركيا تحتاج شارل ديجول»، قالت الصحيفة «غاز مسيل للدموع، دوي مكتوم للهراوات، لم يكن من المفترض أن تكون تلك هي الطريقة، التي اختار بها رجب طيب أردوجان رئيس وزراء أنقرة التعامل مع الاضطرابات في بلاده، والتي أجبرته على أن يقرر أي نوع من الزعماء هو ومدى ديمقراطيته» . وذكرت «مثل شارل ديجول، الرئيس الفرنسي الأسبق الذي واجه انتفاضة في مايو 1968، الرجل الأقوى في تركيا محاصر الآن من قبل أولئك الذين يشعرون بأنهم مستبعدين من اهتمام نظامه الحاكم». وأضافت «أردوجان ليس ديكتاتورا، لكن فترة حكمه تبدو وكأنها حكم الأقلية، في الانتخابات الأخيرة فاز حزب العدالة والتنمية بما يقرب من نصف الاصوات، والباقي اقتسمته أصوات قومية، وعلمانية وكردية، إلا أن أردوجان يتصرف كما لو كان لديه الحق في تحديد هوية تركيا، عندما يسافر يأخذ معه حاشية ، وعندما تم إهانة ابنته الممثلة على خشبة المسرح، هدد بقطع كل التمويل الحكومي للمسارح». ولفتت إلى أن أردوجان يريد أن يظل حاكما حتى عام 2024، وسياساته كلها تدور حول تحقيق هذا الأمر، ومن شأن دستور جديد للبلاد أن يسمح له بالعودة منتصرا العام المقبل للسلطة ليحكم فترتين كل منهما 5 سنوات، هذا يجعله يبدو كثيرا كزعيم أخر هو فلاديمير بوتين، زالذي يريد أيضا أن يظل في الحكم حتى عام 2024. وأوضحت أن «بوتين عاد رئيسا لروسيا مواجها احتجاجات من قبل أقلية أنكر عليها الحق في إيصال صوتها إليه، مستخدما قوات مكافحة الشعب والغاز المسيل للدموع واعتقال المتظاهرين، بينما هاجم السيد أردوجان المحتجين له من خلال قوات الشرطة وبشكل أكثر وحشية». وختمت تقريرها بالقول «على السيد أردوجان الآن أن يختار، إما أن يكون ديجول أو بوتين، إذا أراد أن يكون مثل الأول فالطريق واضح، وهو الحوار مع المتظاهرين، وإصدار تعليمات بإقالة قيادات الشرطة، وإجراء لقاءات مع المحتجين، لقد استقال ديجول عندما أدرك أن الأمة الفرنسية قد تنقسم بسببه، إذا فعل أردوجان هذا سيجنب تركيا عشرة سنوات من الاحتجاجات ضد نظام حكمه وهي السنوات التي بدأت للتو». ولفتت إلى أن «أردوجان بدا مؤخرا أبعد ما يكون عن ديجول، فقد وصف رئيس الوزراء التركي المتظاهرين باللصوص والسفاحين، وفي هذا بدا متشابها أكثر فأكثر مع الزعيم الروسي الذي كان منشغلا بتقليص حرية التعبير في بلاده».