هل تتحول قناة السويس إلى مركز ملاحي عالمي؟ ربما كان هذا الطرح هو ما يدور بخلد الإدارة المصرية وتحديدًا الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يعتبر تطوير محور القناة مشروعه الأول، حيث أطلقه بمجرد توليه مقاليد الحكم في البلاد، وذلك عن طريق شق مجرى موازٍ للمجرى القديم، ليحول منطقة القناة إلى ""hub (محورًا للتجارة العالمية)، بالاعتماد على إمكانيات القناة والتي تجعلها قادرة على أن تحاكي النموذج الأشهر "سنغافورة". فبعد شهور من زيارة "السيسي" إلى الجزيرة الأسطورية رائدة النمور الأسيوية، عكف نائب رئيس وزراء سنغافورة على زيارة مصر، حيث تم استقباله في قصر الاتحادية بحضور رئيس جهاز المخابرات. وحضر الاجتماع من الجانب المصري وزير التجارة والصناعة ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لكن في المقابل فإن الوفد السنغافوري لم يكن اقتصاديًا تجاريًا فقط بل اتسم بالصبغة الأمنية أيضًا، إذ ضم إلى جانب كل من وزير البيئة والموارد المائية، ووزيريّ الدولة للشئون الخارجية، والتجارة والصناعة، كلا من وزير الدفاع السنغافوري، مما يترك مؤشرًا على جدية بناء تعاون بمستوى أعلى من المستوي التجاري بين البلدين حول هذا المحور الإستراتيجي. "الحكومة السنغافورية" أبدت اهتمامًا بدعوة الرئيس السيسي بضخ استثمارات في مشروع محور تنمية قناة السويس، لاعتبارها رائدة في الخبرات الملاحية والبحرية، والتي أكسبتها ثقلًا اقتصاديًا في العالم. وفي نوفمبر الماضي قام وفد سنغافوري بزيارة إلى ميناء شرق بورسعيد للتباحث بشأن سبل تطويره، وترأسه "تان شونج مينج" رئيس هيئة موانئ سنغافورة، واستقبله الرئيس السيسي، وبحثا دفع سبل التعاون في مجال الموانئ البحرية. ودعا السيسي خلال مؤتمر مشترك بين البلدين، للاستفادة من خبرات سنغافورة في تجهيز وإعداد مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وشرق بورسعيد. وحرص الرئيس خلال المؤتمر، على تهنئة نظيره بمناسبة مرور خمسين عامًا على إطلاق العلاقات بين البلدين، على توطيد العلاقة بتدشين تعاون جديد يمثل نقلة نوعية يستفيد بها في مخططه الذي تبناه، وبدت ملامحه تظهر بدعوة الرئيس السنغافوري تمهيدًا لإزاحة الستار عن تأسيس تحالف بحري تجاري يربط منطقة قناة السويس بمنطقة التجارة في شرق أسيا، ليعملا كمحورين للتجارة البحرية العالمية، وفقًا لخبراء. وإذا ما نجح المخطط الذي يتبناه الرئيس وإدارته، فإن سنغافوره ممثلة في هيئة ميناء سنغافورة ستسهم بشكل رئيس في تطوير موانئ مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وتنظيم لوجستيات المشروع، وتجهيز المناطق الصناعية وربطها بالموانئ البحرية للمشروع من خلال شبكات الطرق والموانئ الجافة تمهيدًا لتحويل المنطقة إلى مركز صناعي وتجاري ولوجيستي عالمي وربطه بحركة الملاحة العالمية عبر قناة السويس. بينما كشف نائب رئيس وزراء سنغافورة، عن أن زيارته إلى مصر تهدف إلى تفعيل ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة السيسي لبلاده في أغسطس ٢٠١٥، وبحث سُبل تعزيز أطر التعاون المختلفة بين البلدين، منوهًا إلى أن الشركات السنغافورية الخاصة قامت بدراسة السوق المصرية، وخلُصت إلى أن فرص العمل والاستثمار في مصر واعدة ومربحة، وهو الأمر الذي يدلل على ما حققته مصر تحت قيادتها السياسية من استقرار سياسي وإصلاح وتقدم اقتصاديّ. "مكافحة الإرهاب" هي البند الثابت على أجندة الرئيس في لقاءاته خارج مصر وداخلها وأيضًا، إذ أجرى السيسي اتصالًا هاتفيًا بنظيره الروسي فلاديمر بوتين، وبحثا خلال الاتصال البعد الفكري والديني، والمواجهة الأمنية والعسكرية للسيطرة على عنف الإرهاب وحماية الأبرياء. إضافة إلى ذلك تبنى الرئيس السيسي مشروعًا جديدًا، ربما يحركه ببطء ولكن بانتظام، وذلك لحشد التأييد على الحيلولة دون استخدام وسائل التكنولوجيا والتواصل الحديثة من قبل التنظيمات الإرهابية لنشر أفكارها المتطرفة واستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها. أما الأزهر فهو الحاضر الغائب الموجود وسط الحديث عن مواجهة التطرف لكن فقط بقديم ما اعتنقه من وسطية التفكير ومنهجية البحث، ولكن الوضع الحالي يغفل أن أغلب علماء الدين في شرق آسيا من خريجي الأزهر، كما هو الحال في أغلب بلدان العالم الإسلامي.