زوجة لزوجها: "عفش البيت هيتباع .. آه ولا .. لأ" طفلة لأبيها: "نفسي أشوفك وأبوسك يا أبي أنا مريم " طفلان يرفعان لافتة في المحكمة: "مصطفى وعمر وحشتنا أوي يا بابا" ربما تصمت الكلمات أو تصاب بالخرس عندما تحاول أن تصف تلك الحالة الإنسانية التي يعيشها ذلك الطفل البريء وهو يحمل لافتة صغيرة في حجم ورقة من كراسة الرسم الخاصة به ويكتب عليها بحروف "نازلة تشرب" مخاطبًا أباه الذي يقف بعيدًا عنه خلف القضبان أو خلف الحاجز الزجاجي وبينها السجانين وغيرهم يقول ببراءة تقتل من شدة الوحدة والفراق "أنت واحشني يا بابا" أي مفردات تليق بتلك الحالة وأي قانون قد لا يرحم صغير كهذا وأي قانون تخلى عن روحه وإنسانيته يتناسى ظروفًا في غاية القسوة دفعت زوجة إلى حضور جلسة محاكمة زوجها وهي ترفع لافته تكتب عليها "عفش البيت هيتباع .. آه ولا.. لأ " وغيرها من اللافتات التي تظهر في قاعات المحاكم هي فى الواقع " قليل من السياسة وكثير من القهر الإنساني" وحشتنا أوي يا بابا المستشار حسن فريد، في إحدى جلسات قضية "أنصار بيت المقدس" سمح لأهالي المتهمين ومن بينهم أطفال بالدخول إلى قاعة المحاكمة لحضور جلسة محاكمة ذويهم، وذلك بعد شكوى هيئة الدفاع في جلسة سابقة من مدى المعاناة التي شهدها الأهالي بسبب منع الأمن لهم لحضور الجلسة. وبعد دخولهم بدأ الأطفال يتواصلون مع آبائهم داخل القفص بالإشارات واللافتات ورفع بعضهم لافتات "تقطع القلب" حيث كانت إحدى اللافتات يحملها طفلان في عمر متقارب مكتوب عليها "مصطفى وعمر وحشتنا أوي يا بابا" وينظران تجاه القفص لعل والدهما يشيرا إليهما بيده وابتسامه على وجهه. أما أنس فهو طفل تبدو عليه علامات الشقاوة، عمره لا يتعدى العشر سنوات، يرفع يديه الاثنين إلى أعلى وكأنه يحمل لافتة في مباراة لفريقه الذي يشجعه لكن ملامح وجهه تبدو عليها الحزن الشديد يكتب على اللافتة "أنا أنس يا أبي" وفي صورة أخرى عدد من الأهالي يقتربون من قفص الاتهام ويبدو في المشهد من بعيد رجلان على أكتافهما طفلان يتجهان بوجهيهما إلى قفص الاتهام يلوحان بيدهما إلى القفص محاولان لفت نظر أبيهما ليراهما. فتيات تشبه الملائكة وهذة فتاة أخرى لا يتعدى عمرها 8 سنوات عينها الحالمة ممتلئة بالدموع ترفع لافتة مكتوب عليها "نفسي أشوفك وأبوسك يا أبي أنا مريم" وطفلة أخرى في نفس العمر تقريبًا ترتدي ملابس تشبه ملابس العيد، على وجهها فرحة بريئة، ذاهبة لأبيها الذي طال غيابه تحمل في يدها ورقة انتزعتها من كراسة واجبها المدرسي كتبت عليها كلمتين فقط "رقية مراد" وهو فيما يبدو اسمها ولكنها أرادت أن تقول لأبيها الذي لم يرها منذ سنوات "أنا ابنتك.. شكلي تغير شوية معلش". عفش البيت هيتباع ومن اللافتات التي أثرت في نفوس من رآها، تلك اللافتة التي حملتها إحدى السيدات في قاعة المحكمة وكانت فيها رسالة إلى زوجها "في غاية القسوة" حيث سمحت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن فريد، والمنعقدة بمقر معهد أمناء الشرطة بطرة، أمس الثلاثاء، لأهالي المتهمين في القضية المعروفة ب "أنصار بيت المقدس" بحضور الجلسة للاطمئنان على ذويهم، في القضية المتهمين فيها بارتكاب 54 جريمة تضمنت التنفيذ والتخطيط لاغتيالات أفراد الشرطة والقوات المسلحة من بينها محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق، اللواء محمد إبراهيم، وتفجيرات منشآت أمنية بعدد من المحافظات في مقدمتها مباني مديريات أمن القاهرة والدقهلية وجنوب سيناء. ورفعت زوجة أحد المتهمين لافتة صغيرة موجهة لزوجها مكتوب عليها: "العفش هيتباع.. آه ولا لأ"، فيما قالت طفلة صغيرة لأبيها: "وحشتني يا بابا بحبك أوي". وهو ما دفع الكاميرات التي تحضر الجلسة إلى تسجيل هذة اللجظة الإنسانية الصعبة أشهر الرسائل ومن الرسائل الشهيرة تلك التي قالتها كريمة الصيرفي، ابنة سكرتير الرئيس الأسبق محمد مرسي، والذي يحاكم في القضية المعروفة إعلاميًا ب "التخابر مع قطر" - وبغض النظر عن القضية- قالت كريمة في رسالتها "غدًا يكمل أبي عامه ال 51 وآخر عهدي به وأنا بنت 19 والآن أنا في عامي ال 22 ! ثلاث سنوات مرت في انقطاع تام، لا آراه ولا أسمعه ولا أعرف عنه شيء فقط أعرف عنه من الآخرين، كنت أراسله في محبسي وأبدًا لا تصله رسائلي فكانت الأحلام هي مأوانا ،لكن اليوم سأكتب إليه، علّه يقرأ رسالتي أو يوصلها إليه أحد: "لم تكن معي وأمي يوم قضينا أشهرا لا نعرف عن العالم شيء قضيناها في عوز وشدة وجوع تمر الأيام ولا يدخل جوفنا غير شوربة الإندومي وحبة بطاطس تأثرني هي بها -لأني حد قولها داخلة على جواز- يمر الأسبوع يلاحقه آخر دون أن يطرق بابنا من يقضي حوائجنا من شراء قوت نسد به جوع أدميتنا وتصبر أمي ولا تجزع أيام خلفتني 44 كيلو، لم تكن بجانب أمي يوم أشتد عليها ألم ضرسها فتقوت بالله واقتلعته بنفسها لنفسها بفتلة، يوم لن يمحوه شيء من ذاكرتي عوز منعنا من قصد طبيب يخفف عنها ألم ضرسها وحياء من السؤال بل حتى حياء مني من أن أرى ضعفها وألمها وهي من تقويني فتنأى بنفسها حتى لا أراها ولا أسمع أنينها ولا ارتفاع حرارتها، قهر وعجز تمكنا مني كما لم يتمكنا يوما، ليس سخطا بل لأنا حرمنا منك". روح القانون المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة قال ل"التحرير" إنه يراعي الظروف الإنسانية لأهالي المتهمين، وإنه حين يتعاطف معهم فإنه يغلب الجانب الإنساني، وهو الأمر الذى ينبع من "الإحساس بالإنسانية"، لأن شقيق المتهم أو أبيه أو ابنه، هو "بشر مثلنا".