0- إنه الحب، يقف على أطراف أصابع القلق حذرا، يلقى بالرغبة فوق شفاه عطشى لقبلة ربما لا تكون حقيقية لكنها تشتعل. إنه الحب، يترقب سقوطنا بلؤم، يشاهد بيقين الخاسر رهانا لم يحدث بعد. 1- الطريق يقظ وإشارة المرور ذبحتها أم كلثوم بحنجرتها وصوت الوحدة يقهقه بغرور ويسد مخيلة الفراغ. 2- لم تعد تفزعنى الإشاعات العابرة حتى إن كانت مدوية، ولا تقشعر روحى لقصائد الشجن الرهيف أو أشعار الحرير الناعمة، لا يغلبنى النعاس بعد الحكايا الحالمة ولا يفيد معى عدُّ الخراف وإن تجاوزت المئة، لم تعد تغرينى اهتزازات السرير وألوان الستائر الدافئة، تحولت إلى كائن يؤرقه الحياد، يقف على حافة الأشياء ولا يجيد الانتحار. 3- ليس هنالك من أوراق لأبعثرها، ولا صبر لأتمتع برخاء القراءة، أميل بأذنى ناحية أغنية قديمة مكتنزة المعنى لم أفهمها لكنه اللحن يختال بى، ما بال المساءات تأتينا فارهة الطول نحيلة وبقدمين كسولتين تشعل سيجارة العتب وتنفث دخانها بصدر امرأة فارقتها مهجة النوم. 4- أستيقظ متأخرة وقلبى الذى تعرفه يشتهى أن يطهى لك المحبة على نارٍ هادئة، يخيط لك زرًّا من الوداد سقط من قميصك الذى تفضله، أستيقظ متأخرة ويدى التى تحمل رائحتك ترتب أوراقك المبعثرة، تفرغ منفضة سجائرك، تزيل التعب عن فقرات ظهرك المتصلبة، أستيقظ وتلك الأمور الصغيرة والساذجة التى تفعلها النسوة لعشاقهن تدور فى رأسى حتى تمل. 5- أنا الجامحة كليالى الصيف، بعد أن آمنت بكل شىء وكفر بى، بِتُّ أوزِّع الأحلام نتفًا بيضاء وصغيرة على الجيران والمقربين حتى أدنو من النوم خفيفة من كل شىء، مثقلة به يقرصنى الغياب. 6- الذى نسى على الطاولة ساعته، استلّ منى نبضتين قبل أن يغادر، وقبل أن تكمل الدقيقة دورتها تذكرنى ساعته بالنبضة المطوية فى جيب معطفه ولسعة غيابه. 7- أُدخِّن سيجارته، تلك التى تركها -بطريقة غير عابرة- فوق حافَّة الطاولة لتكون رفيقتى فى ليلة باردة كتلك بينما أقلِّب بين القنوات لأصادف فيلما بالأبيض والأسود كُنا قد اعتدنا مشاهده معًا. 8- يريد أن يتوقف الآن.. هذا النبض تهمة، جريمته الغياب هذا الدم الذى يتخلص من نيكوتين حبك كيف ليدك الجرأة أن تمد له سيجارة المحبة دون عتب هذا الدم الذى اعتاد كل شىء حتى صمتك كيف سيمنحه صوتك إيقاعا تخلص منه بألم. يريد أن يتوقف الآن، يأخذ أنفاسه، يرتب. أتوقف الآن، لحظة أو لحظات، وأمضى. 9- النهار الغارق فى القُبَل، فنجان القهوة الذى ينضج بهدوء فوق السبرتاية، ابتسامتك الطازجة عندما تفتح عينيك من النوم بينما أتأمل ملامحك، أنفاسك العابرة خلف رقبتى، الوقت الحميم وتلك السيجارة التى نتشاركها فى البلكون مع كوب الشاى، تلويحة كفك وقبلة خفية فى الهواء هى أشياؤنا الصغيرة التى رسمتها فى ورقة تشبه نظارتى خبأتها فى معطفك، تَفقّد جيبك الأيسر الآن. 10- يرهقه أن نظل عاشقين، الوقت الحميم، دافىء فوق الاحتمال، يدس القليل من المنغصات، رشة خفيفة تشعل الأجواء، ويخمدها الوجد الرهيف. 11- وكنت أمرر يدى فى خصلات شعرى الكثيفة وتخبرنى أن سر نعومتها طراوة أصابعك. رقبتى الناعمة تقول ذلك أيضًا، الغريب أن دخان سجائرى ترجع خفته إلى نفس السبب! هذا وقد آثرت المغيب، لا يزال شعرى بكثافته والدخان يطير بخفته المعتادة لكنها رقبتى التى سكنها الاشتياق. أما نفسى فتهمس لى: ربما أحببته أكثر مما ينبغى. 12- مثل وردة أرهقها الندى، سكبَت كأسها الأخيرة صارخة: كل الأنوف تشابهت والهواء ثقيل! لوجه الحب مثل كل شىء يقظ، تقف الكلمات شهية ومثقلة بالحب وككل الأشياء النبيلة تأتينى ابتسامتك بذراعهيا المفتوحتين فألقى إليك بجسدى وكامل غلالة الروح وكما تشبه الأشياء الطيبة نفسها أغلف الشوق لفائف من الهوى تليق بعاشقة يزداد سواد شعرها بهجة وتتسع ضلعها اليسرى كلما رأتك. وكما يليق بالأشياء الطيبة، حملتك اسمًا يزخر برسوماتى الخمسة والأوطان ولو أنى فضلت البقاء قيد الهوى، لمددت لعظم صدرى ميما تليق بجسد الأمانى ونبوأة حاجبيك. وككل الأشياء الندية أحمل محبتك تميمية نرجسية فوق سُرَّتى، وأمرجح اللهفة قصائد وجد محمومة التفاصيل.