لم يلحق النجم خالد صالح أن يستمتع بوصوله للبطولة المطلقة التي نالها في آخر الأعمال التي شارك فيها بعد مشوار طويل من الأدوار الصغيرة، والبطولات الجماعية، بعد أن شارك في مسرح الجامعة ومسارح الهواة، وغيرها من التجارب التي وضعته على بداية طريق الفن، حتى خطفه الموت، وأبعده شخصه وجسده عن حياتنا، فيما بقت أعماله لتُخلد ذكراه، ويصبح باقيًا بها، بل إن له في كل عمل شارك فيه جملة عالقة في ذهن الجمهور. صالح الذي يتزامن اليوم موعد ميلاده الذي كان مقررًا أن يتم فيه عامه ال52 قدم العديد من الأعمال المتميزة، والتي لفت بها الأنظار رغم وجوده ضمن فريق كبير من الممثلين، ودور القاضي الذي قدمه في مشهد واحد فقط من فيلم «محامي خُلع» الذي قام ببطولته هاني رمزي، وداليا البحيري، وظل هذا المشهد في ذاكرة الجمهور، وجملته التي رددها فيه تعليقا على سؤال رمزي بأنه «هل يختلط الزيت بالماء؟» ليبادره قائلًا «خلاص يا أستاذ.. ماتسكتيه يا رشا». ثم شارك أحمد السقا فيلمه «تيتو» مجسدًا شخصية «العقيد رفعت السكري» أو «رمزي» حسبما ظهر باسمين ضمن أحداث العمل السينمائي، الذي شهد على صداقة قوية بينه وبين السقا، كذلك ساهم في تعريف قطاع آخر من الجمهور بصالح، ويُعرفه بجملته الشهيرة في هذا الفيلم «أنا بابا يلا». بداية موفقة لخالد صالح لم يستعجل وقتها حصوله على البطولات، أو يفكر في وضع اسمه، إنما الاهتمام بالمشاركة في أعمال مع صنّاع سينما متميزين لديهم خبرتهم ورؤيتهم السينمائية التي تضيف له، حتى إن قدم أدوار في أعمال مقبولة منها «ميدو مشاكل» مع أحمد حلمي، ومسلسلي «يوميات زوج معاصر» مع أشرف عبد الباقي، و«محمود المصري» مع محمود عبد العزيز. حتى فاجئنا بدور «إبراهيم» في فيلم "أحلى الأوقات"، إذ شكل ثنائي غير عادي مع "يسرية" أو هند صبري، وقدما نموذجًا للزوجين المصريين، بالمشكلات والحياة التي يعيشونها، وكل التفاصيل الخاصة بها، حتى أن الخلاف الذي دار بينهما في أحد المشاهد بسبب عدم تحضيرها للطعام، وانشغالها مع صديقتيها "سلمى" حنان ترك، و"ضحى" منة شلبي، حتى تطلب منه أن يهدأ حتى تُحضر له الطعام، فيشتد النقاش بينهما، حتى تقول له "أطلع ارميلك نفسي من السطوح عشان ترتاح يا إبراهيم" فيبادرها "تفتكري كده هشبع يا يسرية؟". كذلك المشهد الذي تفصح فيه "يسرية" عن رغبتها كإمرأة في أن يفاجئها زوجها بباقة من الورود، ولا يستبدله ب"كيلو كباب". ثم شارك النجمة يسرا بطولة مسلسلها "أحلام عادية" بشخصية "فرج خنزيرة" الذي كثيرًا ما أثار ضحك الجمهور لطريقة حديثه المختلفة والمميزة، أيضًا دور رجل الأرشيف في "فتح عينيك"، والمحقق في "خالي من الكوليسترول"، والمحامي في "ملاكي إسكندرية". والتقى مرة أخرى بالسقا في "حرب أطاليا" مقدمًا شخصية "بكر الرويعي" رجل الأعمال الذي يتسبب في إيقاف عمل السقا كمحامي، حتى قدم ضمن بطولة جماعية في "تمن دستة أشرار" شخصية اللص الذكي وخفيف الظل، وهو العمل الذي كان بداية للإشارة بولادة نجم جديد قادر على تحمل أفلام بمفرده، وتأكد ذلك مع أفلام "عمارة يعقوبيان"، "عن العشق والهوى"، و"أحلام حقيقية". أولى البطولات التي نالها صالح كانت في الدراما التليفزيونية من خلال مسلسل «سلطان الغرام» الذي حقق مشاهدة جيدة وقت عرضه في رمضان 2007، وشاركته البطولة النجمات لوسي، مايا نصري، روجينا، وأخرجته شيرين عادل، التي تعاونت معه مجددًا في مسلسلي "بعد الفراق" مع صديقته هند صبري، وقدما قصة رومانسية منعت الظروف الاجتماعية من اكتمالها، ونال المسلسل مشاهدة قوية، وأيضًا "تاجر السعادة" لشخص كفيف يعرف الكثير عن الحياة. خلال هذه الفترة التفت إليه المخرج خالد يوسف ليدخله عالمه واستعان به ليظهر كضيف شرف في فيلم "حين ميسرة"، ويقدم شخصية "رضا" ابن هالة فاخر العائد من العراق، إلى أن قدمه بطلاً في فيلم "هي فوضى"، مع منة شلبي، ليجسد نموذج لأمين الشرطة الفاسد الذي يبتز المواطنين مقابل تمرير مصالحهم، كذلك يعشق جارته، ومن إصرارها على تكرار رفضها له يقوم باغتصابها، ثم يتبرأ من فعلته، ولكن إصرار الضابط يوسف الشريف على كشفه، وبحثه المستمر عنه، يدفع في النهاية ليضرب نفسه بالرصاص أمام الجميع. واستمر في التعاون مع خالد يوسف في أفلام أخرى منها "الريس عمر حرب" وهو اسم الفيلم والشخصية التي قدمها أيضًا لرجل يعرف ويتحكم في كل ما يدور في كازينو القمار الذي يديره، وشاركه بطولة هذا الفيلم النجوم هاني سلامة، غادة عبد الرازق، سمية الخشاب. كذلك فيلم "كف القمر" مجسدًا شخصية الشقيق الأكبر لياسر المصري وهيثم أحمد زكي وحسن الرداد وصبري فواز، وهو الذي يعشق فتاة تعيش معه في بلدته، لكن أهلها يرفضون هذه الزيجة، فيتفرقا، ليسافر مع أشقائه بحثًا عن لقمة العيش، وبمرور الوقت تزيد الخلافات ويتفرقوا، ويسعى لأن يجمعهم ليعود بهم إلى أمهم "قمر" التي قدمتها وفاء عامر. ونالت الدراما التليفزيونية تركيزًا من صالح قبل رحيله، إذ قام ببطولة أعمال منها "موعد مع الوحوش"، "الريان"، "9 جامعة الدول"، "فرعون"، وأخيرًا "حلاوة الروح". ولكن قبل أن يرحل صالح ترك أكثر أدواره تميزًا وهي شخصية الشيخ جعفر التي قدمها في الجزء الثاني من فيلم "الجزيرة"، الذي حقق أعلى إيرادات في شباك التذاكر وقت عرضه في العام قبل الماضي، والذي قام بتصويره أثناء أزمته المرضية، ومع ذلك لم يتوقع أصدقائه وشركاءه في بطولة العمل أنه سيكون آخر لقاء فني بينهم وبينه. وكان هذا العمل أفضل ختام لمشوار نجم اكتسب حب واحترام كل من يعرفونه داخل وخارج الوسط الفني، إذ تميز بالسيرة الطيبة وحُسن الأخلاق.