الصحيفة البريطانية: الوضع قد يخرج عن سيطرة حكومات طهرانوالرياض مع تزايد الاحتجاجات في المملكة مازالت الأزمة بين السعودية وإيران، التي اشتعلت على خلفية إعدام المملكة للشيخ الشيعي المعارض نمر النمر قبل أيام، تسيطر على الصفحات الأولى لأغلب الصحف العالمية، فجاءت افتتاحية صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم عن إعدام الشيخ بعنوان "استفزاز ظالم وغير حكيم". وقالت الصحيفة البريطانية: إن "هناك حربًا بالوكالة في سوريا واليمن بين المنافسين الأبرز للهيمنة في الشرق الأوسط، المملكة العربية السعودية وإيران، ولكن حتى الآن يتجنبان الصراع المباشر". ومع ذلك فهم يلعبان بالنار لسنوات، لذلك ليس من المستغرب أن يحدث الصدام الأخير بينهما بحريق في إحدى عواصمها، في إشارة إلى مهاجمة سفارة الرياض في طهران، ولكنها أكدت أنه "من غير المحتمل أن يكون هناك أي مواجهة عسكرية بين البلدين". وتابعت الصحيفة أن إعدام المملكة للشيخ النمر واقتحام السفارة السعودية في طهران بالتأكيد سيزيد الأمر سوءًا أكثر مما هو قائم بالفعل، كما أنه يمكن أن يضعف البراجماتيين ويؤجج الخلافات الداخلية في كلا البلدين، في وقت تدخر فيه الجهود للتوصل لتسوية في سوريا واليمن. وأوضحت "الجارديان" أن أوجه التشابه بين السعودية وإيران كثيرة، فهما متأثران "بالبعثة الإسلامية وهو ما يشجعهم على طموحات تتجاوز إمكانياتها"، وكلاهما يتجه سريعًا للعنف، في الخارج والداخل، مثل ارتفاع معدل عمليات الإعدام العلنية، كما أنهما يعتمدان اقتصاديًا وسياسيًا لسنوات على موارد النفط، "ولكن يقترب الآن يوم الحساب، فمع انخفاض أسعار النفط، وارتفاع عدد السكان وتطلعات الشعوب، الضغوط بدأت تظهر". ونوهت "الصحيفة" إلى أن هناك انشقاقات ين المؤسسات الدينية والملكية في السعودية، تعود إلى بداية الدولة، وانشقاقات بين الأغلبية السنة والجهاديين مثل تنظيم "القاعدة"، وانقسام آخر بين وسط الجزيرة العربية والمنطقة الغربية، حيث توجد ذكريات من الماضي عن الاستقلال تحت حكم الهاشميين، كما أن هناك الطائفة الشيعية، التي تشكل ما بين 10 و 15٪ من السكان، والتي تعاني التمييز في التوظيف في الدولة والتعليم، كما أن المواطن الشيعي يعتبر مرتدًا وربما خائن من جانب عدد كبير من السعوديين". فعندما وصل الربيع العربي المملكة العربية السعودية في عام 2011، أصبح الاستياء الشيعي ظاهر في العلن، فبرز الشيخ نمر النمر، والمعروف بمعارضته للنظام بشأن التوزيع غير العادل للثروة في المملكة، كزعيم لحركة الاحتجاج في المنطقة الشرقية الشيعية، وردت السعودية بعنف وكان الشيخ النمر من بين المعتقلين والمتهمين بارتكاب جرائم إرهابية، على الرغم من أنه كان دائما يتبرأ علنًا من العنف، ووصفت الصحيفة محاكمته في عام 2014 بال"مهزلة". "الجارديان" قالت: إنه "في ظل الحكومة السابقة، قد تم العثور على وسيلة سرية لتجنب إعدام النمر"، موضحة أن الملك عبد الله، الذي كان يميل بحذر إلى إصلاح، قدم لفتات تصالحية تجاه الطائفة الشيعية، "ولكن خليفته الملك سلمان، وابنه عديم الخبرة، محمد بن سلمان، ظهر أكثر عدوانية سواء في الداخل أوالخارج، فمع زيادة المظاهرات والاحتجاجات والتي تهدد بالانتشار في المناطق الشيعية، سيكون هناك ثمن لذلك الآن، في شكل زيادة عزلة الطائفة الشيعية". وتحدثت الصحيفة البريطانية عن إيران، موضحة أنها أيضًا لديها أقلية السنية وتنفذ أحكام الإعدام عليهم على خلفية التشكيك، "ولكن انقسامها الداخلي أهم بالنسبة لموازنة العلاقة بين المعتدلين نسبيًا، مثل الرئيس حسن روحاني، المحافظين والمتشددين، وينعكس هذا في المنافسة داخل مؤسسات الدولة"، وفي النهاية يحافظ المعسكر المعتدل على تواجده، ولكن إعدام الشيخ قد يؤثر على هذا التوازن. وتابعت "الجارديان" أنه على الرغم من أن روحاني ينتقد بشدة الحكومة السعودية، فإنه قد أدان الهجوم على السفارة، فيبدو أن المتشددين، الذين كانوا ضد الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي ويريدون عرقلة جهود المعتدلين، كما أنهم أقل مرونة بالنسبة لسوريا، وقد حاولوا انتهاز الفرصة لإجبار حكومتهم على سياسات أكثر عدوانية. ورأت "الصحيفة البريطانية" أن الأمر الآن يعتمد أكثر على الأحداث في المملكة العربية السعودية، "فإذا تزايدت الاحتجاجات، تم قمعها بالقوة، وتزايدت الاعتقالات، وربما الإعدامات، فإن الوضع قد يخرج عن سيطرة الحكومات في طهرانوالرياض". واختتمت بالقول "كل من إيران والسعودية تهدر مواردها على السياسات الخارجية العدوانية التي لديها فرصة ضئيلة للنجاح، فكلاهما يتحمل مخاطر كبيرة، فمع خروجهم من هذه الأزمة كلاهما يأمل أن يظهر أكثر منطقية في المستقبل".