البحر بيته الأول، مركبه وسنارته وشباكه، بمثابة رفاق الدرب له، خلال أربعين عامًا قضاها على الشواطئ، بحثًا عن الرزق، إنه شيخ الصيادين "عربى حسين".. حب البحر دبّ فى قلب عم عربى منذ طفولته، فيحكى كيف كان يقضى أوقاته على الشاطئ، يناجى الله ويدعوه، فيقول "من وأنا صغير كنت باقضى أغلب الوقت أحكى للبحر ومن وقتها وأنا ما فرقتوش". نشأ عم عربى فى قرية الإخصاص جنوب محافظة الجيزة، حيث ورث هناك حرفة الصيد عن أبيه وأجداده، منذ الصغر، فيقول "كنت أرفع إيدى للسما، وأدعى ربنا يرزقنى بصيد كتير"، مضيفا "أن الرزق كان يأتيه من حيث لا يحتسب، لتبدأ قصة تعلقه بصيد السمك". مع أذان الفجر تبدأ رحلة عم عربى، مع مركبه، لينطلق به بحثًا عن رزقه، فتنفتح له أبواب الحظ أحيانًا، فيجد ما يكفيه ويفيض من الصيد، وفى مرات أخرى رغم قلة ما يجنيه، إلا أنه يعود إلى بيته شاكرًا ربه على ما معه. أربعون عاما قضاها عم عربى داخل البحر أهلته للحصول على لقب «شيخ الصيادين» بين أهل منطقته، فيقول "أنا عارف كل خبايا البحر وحافظ دهاليزه بسبب الخبرة والتعامل"، مضيفًا إن لو كان هناك نقابة للصيادين لكان استحق أن يكون نقيبها عن جدارة، وهو ما يتفق عليه صيادو المنطقة. لم يكتف عم عربى بتعلم صيد السمك فقط، بل أتقن مهنة صناعة الشبك وسنارات الصيد، فيرى أن الإنسان إذا أحب مهنة لا بد أن يتقنها من جميع مجالاتها، حتى يصبح متمكنًا بها، إضافة إلى توفير نفقات شرائها. «من البحر خرج الخير اللى أكلت بيه ولادى وعلمتهم»، هكذا يقول عم عربى، مدينا بالفضل إلى مهنة الصيد التى تكفلت بتربية ثلاثة أبناء وتعليمهم وإدخالهم الجامعات رغم حصول أولاد عم عربى على شهادات جامعية، فإنهم فضلوا امتهان عمل أبيهم، "أنا علمت ولادى حب البحر"، هكذا يقول عم عربى، مضيفا أنهم وجدوا فى الصيد مجالا محببا لهم، تعلموه منذ طفولتهم وتشبعوا به، وأتقنوه. "بعد عمل ابنه الكبير فى بنزينة قرر تركها والعودة إلى البحر مرة أخرى، فيرى عم عربى، أن من يرتبط بالبحر لا بد أن يعود إليه مرة أخرى، البحر فيه دايما حاجة بتنادينا عشان نرجعله تانى". "مستعد أعيش عمر فوق عمرى جوه البحر عشانهم وعشان أربيهم وأفتخر بيهم"، هكذا يحكى عم عربى عن أولاده، مقررًا عدم تركه للصيد حتى آخر أيامه. "ربنا عمره ما بيسيب حد من غير رزق خاصة لو كان فى مهنتنا" يقولها عم عربى بنفس راضية تشكر الله على كل عطائه.