أفضحك لأجل الوطن زمان عندما كنت في مرحلة الصبا كنت أستشعر خوفًا مجهولًا يسكن قلوب الناس من حولي، لم أكن لأفهم مصدره وأسبابه في ذلك التوقيت، ولم أكن حتى متأكدًا من شعوري، في هذا العمر يكون كل شيء مختلطًا بدرجة كبيرة، والغرائز ليست كافية لتقييم الأمور على وجهها الصحيح، لكن بالتأكيد كان هناك ما يمنع الناس أن تكون على طبيعتها، كل من عرفت، لم يكن له علاقة بالسياسة، أسرتي وعائلتي وأصدقاء العائلة والمعارف، لم يكن أحدهم منظمًا بأي شكل، والمناقشات السياسية كانت تتوقف عند الأمور التافهة، ودومًا هناك حديث عن مثال لقريب بعيد من العائلة لقى مصيرًا غامضًا بسبب النشاط السياسي، ودومًا عندما كانت تزداد النقاشات سخونة كان أحدهم يوقفها بضحكة مفتعلة ومتوترة "الحيطان لها ودان"، جملة لها مفعول السحر، وكأن الحاضرين روبرتات أًلقيت عليهم الكلمة المفتاح لإيقافهم عن نشاط معين، على الفور يتغير مسار الحديث. تجاوزنا ذلك من زمن، لكن البعض لديه رغبة عارمة في إعادة بعثه، يريد هذه القوة الشريرة للسيطرة، عبر بعث أسطورة أن "الحيطان لها ودان" مع إضافة المزيد إليها، الآن الحيطان لها عيون أيضًا، الكاميرات في كل مكان، كل لحظة من حياة أي فرد مسجلة. محاولات بعث مرحلة الخوف تتم بالطبع عبر الدعوة إلى إنقاذ الوطن، من ماذا؟ ليس هذا مهمًا فطالما قلت لك هيا بنا ننقذ الوطن فلا بد أن تستجيب دون أن تسأل، وإن سألت فهذا من حسن الحظ، ستكون ساعتها الخطر المهدد الذي نبحث عنه، والباقي سهل، التفتيش في حياتك بالتأكيد سيكون مثمرًا، لا بد أنك ارتكبت ما يجعلك فريسة يتم تقديمها للجمهور، لا أحد معصوم من الخطأ، إلا القائمين على التنفيذ في هذه المرحلة. قضية خالد يوسف مجرد مثال مذهل على السياسة الإعلامية الجديدة تلك، هل تعرف ما الذي ارتكبه الرجل لفضحه بهذه الطريقة، بالتأكيد لا، الكل يضرب أخماسًا في أسداس ليصل إلى السبب، لكن لا تجهد نفسك بالتفكير، خالد قد يكون عينة عشوائية، ربما سأل في لحظة إدراك: ما الذ يهدد الوطن حقيقة؟ فجاءته الإجابة مباشرة: أنت يا عزيزي من يهدد الوطن، ولدينا صور وفديوهات (كتييييير. بصوت أحمد موسى) وعلى استعداد لإذاعتها على الجمهور. زمان، كنا نسمع عن أن الأخ بيبلغ عن أخيه، لماذا؟ هناك مئات الأسباب، كلها تصب في خانة "عدو الوطن" ملف بات يتضخم ويتشعب حتى لم يعد هناك سوى الوطن يقف بمفرده وينضم للملف كعدو نفسه. الآن يتم التبشير بحقبة جديدة من التخوين المتبادل، الإعلام يبحث عما يعرضه على الجمهور المتعطش، الذي لم يفهم بعد خطورة القوة التي يساعد في إعادتها للحياة، ولن يفهم إلا بعد فوات الآوان. كل من يقف ضد إعادة إيقاظ مارد الخوف سيكون الضحية الجديدة المناسبة، ليس مهمًا أين تقف، لمن ولاءك، لا داعي لهذا التذلل والقسم بأنك في صف الوطن، والدولة، والرئيس، وأنك كنت قي طليعة المشاركين في 30 يونيو، هذه بديهيات لا بد من توافرها في كل مواطن، ولا تمنع أنك أخطأت يومًا، مثلًا.. هاتفت عصام العريان ودعوته لمشاهدة عرض مسرحيتك، ألم يحدث هذا؟ هذا هو التسجيل الصوتي، فلنعرضه على الجمهور وليكن الحكم.. نحمد الإله الذي وفقنا في القضاء على الأجانب في أرضنا، علمناهم أن عليهم التفكير ألف مرة قبل أن يطأوا أرضنا، الآن، من العدو؟ ربما الوقت مناسب ليطهر الإعلام نفسه، نعم من الضروري أن يجلد نفسه بقسوة، ليقدم للجمهور النموذج، لا أحد مقدس يا عزيزي، كلنا نستحق الفضح، وبعد أن تنتهي هذه المرحلة، بعد أن تنتهي التسجيلات، ويمل الجمهور من نوعية ما يقدم له ويجد أنه لم يعد مستمتعا، سيطلب منه أن يكون طرفًا في اللعبة، لا تقف متفرجًا بينما الوطن يضيع من بين أيدينا، هل لديك تسجيلًا ما لشخص تعرفه تعتقد أنه يستحق العرض.. لماذا لا تتقدم إلينا به، تذكر هذا كله من أجل الوطن، ولا تفكر أبدًا أن ما لديك تافهًا، كل تسجيل له قيمة، إلى متى ستقف متفرجًا، التهديدات كثيرة جدًا، افضح غيرك قبل أن يتم فضحك.