محافظ البحيرة: دخول 37 مدرسة جديدة الخدمة مع بداية العام الدراسي    شركات التمويل الاستهلاكي تضخ 47.4 مليار جنيه خلال 7 أشهر    الرقابة المالية تطلق استراتيجية التدريب الشاملة لقطاع التأمين المصري    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإسباني تعزيز التعاون بمجالات السياحة والتعليم    أهم أخبار السعودية اليوم.. المملكة تدين عمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة    كانسيلو يخضع لفحص طبي لتحديد مشاركته مع الهلال أمام الأهلي في الدوري السعودي    وزير الرياضة يطمئن على استعدادات منتخب مصر للكرة الطائرة في بطولة العالم    ضبط 15 عاطلا و10 سيدات يستغلون 31 طفلا بأعمال التسول بالقاهرة والجيزة    عقب زيارته للصين.. وزير الثقافة يوجّه بمشاركة فرقة الحرية في مهرجان الصين الدولي للفنون الشعبية    منال الصيفي تحيي ذكرى رحيل زوجها الفنان أشرف مصيلحي    محافظ قنا يعلن موعد التنفيذ الميداني لمبادرة "القرية الصحية النموذجية" ببخانس    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    فتح باب اشتراكات القطارات لطلاب المدارس والجامعات    منال عوض: خطة شاملة للمحافظات للتعامل مع مخاطر الأمطار    الملك تشارلز يصطحب ترامب فى جولة فى قصر وندسور بعربة ملكية.. صور    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    دفاع المجني عليه في قضية طفل المرور في محاكمته يطالب بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بالبحيرة لجلسة 15 أكتوبر    صفقة "إنقاذ" تيك توك تتضح: مستثمرون أمريكيون يسيطرون على 80% من المنصة    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة    الأونروا: منع السماح بدخول مساعدات الوكالة إلى غزة منذ سبعة أشهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    وزير التعليم يبحث مع وفد الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    إنزاجي: ندرس ضم مهاجم جديد للهلال    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    وزارة الشباب والرياضة تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    جامعة القاهرة تحتفي بالراحلين والمتقاعدين والمتميزين في «يوم الوفاء»    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    تخفيضات وتذاكر مجانية.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    محافظ قنا يفتتح مدرسة نجع الرماش الابتدائية بعد تطويرها بقرية كرم عمران    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    «عودة دي يونج».. قائمة برشلونة لمباراة نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    مسلسل سلمى الحلقة 25 .. خيانة تكشف الأسرار وعودة جلال تقلب الموازين    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قناة السويس معتمر أمين
نشر في التحرير يوم 12 - 05 - 2013

يحكي محمود يونس اول مصرى يتولى مسئولية قناة السويس في كتابه «قناة السويس ماضيها حاضرها ومستقبلها» ان مشروع القناة الذي كان يطلق عليه برزخ السويس له تاريخ حافل من التضحيات الجسام التى دفعها الشعب المصري من دم جيل بأكمله راح منه ضحايا بالألاف، هذا بجانب تكلفة مادية مباشرة تقدر بالملايين، وأخرى غير مباشرة عصفت بزراعة القطن مورد مصر الأساسي. وهذه التكلفة المهولة لم تكن لتدفع على هذا النحو في بلد يحترم حقوق شعبه! لكن ما جرى ان الخديوية لم يكونوا يقيموا للمصريين وزن ورضوا بأن يعمل المصريين بالسخرة في حفر القناة فقضى 120 الف مصري نحبهم أثناء الحفر. لاحظ ان تعداد السكان سنة 1862 كان يناهز 4.8 مليون نسمة أنشغل نصفهم بحفر القناة بطريقة دورية على مدار 10 سنوات مدة المشروع بواقع 60 ألف كل ثلاثة شهور (20 الف ذاهبون للحفر، 20 ألف في الحفر، و20 ألف عائدون من الحفر، هذا لو قدر لهم العودة بعد أعمال السخرة والأمراض وسوء التغذية). وتضررت زراعة القطن أشد تضرر فبعد ان كان أنتاجنا يصل الى 1.8 مليون قنطار سنوياً، تدهور الى 700 ألف قنطار.
اما لو كان لمصر حاكم يراعي مصالح المصريين لرفض السخرة وأمر الشركة بأستعمال أدوات الحفر الحديثة التى كانت تعمل بطريقة شبه أتوماتيكية وترفع الرمال عبر جرادل مثبته في سير مثل الساقية. بيد ان التكلفة كانت عالية فأثر ديليسبس استعمال السخرة. ويبدو انه ظن ان العالم كله مثل مصر يستطيع ان يصبر على المكاره، بسماحة وطيب خاطر. فحاول ديلسبس ان يستعمل نفس الأساليب في حفر قناة بنما فلم يفلح ووجد نفسه مجبر على استعمال ادوات الحفر الحديثة ذات التكلفة العالية بعد ان هجر العمال البنميين مواقع الحفر. كانت التكلفة باهظة والتربة بحاجة لمهندس ماهر، ففشل ديلسبس في حفر القناة وأفلست الشركة ورمي ديليسبس على أثرها في السجن! لكن تمثاله بقى على مدخل قناة السويس تكريما في غير محله حتى تم دحر العدوان الثلاثي ببورسعيد فنسف الأهالي التمثال. والحقيقة ان الذي كان أولى بالتكريم هو المهندس الإيطالي لويجي نجرللي الذي رسم مسار القناة وراهن عليها متحدياً نظرية أرتفاع البحر الأحمر عن الأبيض ب9 أمتار ونظريات أخرى كثيرة عن مسار القناة ومخرجها على البحر الأبيض!
ثم يبحر بنا محمود يونس لموضوع أخر مؤلم وهو تكلفة حفر القناة. فبعد التكلفة البشرية المهولة وانعكاسها على الأقتصاد المصري يقول محمود يونس ان شركة القناة كانت مكونة من 400 ألف سهم وثمن السهم 20 جنية بأجمالى 8 مليون جنية مصري (ما يعادل 200 مليون فرانك ذهب وقتها). بيد ان الأكتتاب لم يغطي بالكامل، وعزفت بريطانيا وأمريكا وبعض الدول عن المشاركة فهرع الوالي محمد سعيد باشا لأنقاذ الموقف وأكتتب في الأسهم المعلقة بدون شراء الى سنة 1860 وعددها حوالي 113 ألف سهم. وبهذا أرتفعت ملكية مصر الى 177 ألف سهم تمثل 44% من قيمة الشركة. المدهش ان سعيد باشا أستلف من بنوك فرنسا لتغطية تكلفة شراء الأسهم. فاقترض مبلغ حوالى 3.5 مليون جنية ورهن في المقابل أراضي كثيرة بمصر لتغطية ثمن الدين! جدير بالذكر ان أجمالي الناتج القومي المحلي كان في حدود 5 مليون جنية! بمعنى ان سعيد استلف ما يساوي 70% من الناتج القومي لتغطية تكلفة الأكتتاب!!
لاحظ ان أعمال الحفر نفسها تكلفت حوالى 8 مليون جنية وباقى الأعمال تكلفت 8 مليون جنية اخرى. دفعت مصر تقريباً تكلفة الحفر بالكامل وجزء من باقى التكاليف. وبالرغم من ذلك لم تزد حصة مصر في ملكية الشركة، وبقيت 207 ألف سهم ملكاً لفرنسا تمثل 52% من الملكية. ما زاد الطين بله ان الخديوي أسماعيل نشب بينه وبين الشركة نزاع وتم رفعه لنابوليون الثالث أمبراطور فرنسا فحكم حكم أشبه ما يكون بعقوبة سليمان الحلبي! نابوليون أمر بأن تدفع مصر 3.3 مليون جنية للشركة، اي ان مصر دفعت ما يوزاي كل حصتها في الشركة لتسوية نزاع!! وياليت الأمر وقف عن هذا الحد، بل ان نابوليون حكم ضد مصر بغرامة تقدر ب2.6 مليون جنية نظير تنازل الشركة عن السخرة وعن بعض الأراضي الممنوحة له بحق الأمتياز. آه والله!!
ويستمر مسلسل نهب مصر عبر الشركة التى عقدت اتفاق مع الخديوي أسماعيل تتنازل فيه عن الأعفاء من الرسوم الجمركية وعن بعض المباني وهي حقوق ممنوح لها في فرمان الأمتياز! وفي المقابل طلبت الشركة من مصر مبلغ 1.2 مليون جنية مصري! ولما كانت الخزانة خاوية، وافق الخديوي أسماعيل على ان تدفع مصر التكلفة عبر التنازل عن أرباحها من القناة لمدة 24 سنة (1870-1894). اضف الى هذا المبلغ قرض أخر بمبلغ 1.4 مليون جنية تكلفة حفل الأفتتاح الأسطوري. ولما وصلت ديون مصر الى 90 مليون جنية وبات الأمر خارج السيطرة كاد أسماعيل ان يرهن اسهم مصر بالشركة (44%)، لكن ديلسبس نصحه ببيعها!! وقبل أسماعيل!! وتنامي الأمر الى مسامع دزرائيلي اول رئيس وزراء بريطانيا يهودي الديانة!! فاقترض من روتشيلد!! أكبر راسمالي يهودي في الغرب!! مبلغ وقدره 4 مليون جنية مصري وأشترى حصة مصر بالكامل!!
لكن يا ترى هل انقذت هذه الملايين الأربعة الموقف في مصر؟؟ تعالوا نراجع ما جرى!! غضبت بريطانيا من تنازل الشركة عن أرباحها لمدة 24 سنة!! فحكمت على مصر بدفع 200 ألف جنية في السنة لمدة 20 سنة!! 200*20= 4 مليون جنية مصري!! أي ان أنجلترا أستردت كل ما دفعته في شراء الشركة على داير مليم ثم آلت اليها ارباح الشركة بداية من سنة 1894. علماً بأن أرباح بريطانيا من القناة سنة 1936 وحدها كان حوالي 8 مليون جنية!! تقريباً أول مليم يدخل مصر من القناة كان بعد 68 سنة من حفرها فبعد ألغاء الأمتيازات الأجنبية سنة 1936 بدأت الشركة بدفع مبلغ 300 الف جنية سنوياً لمصر سنة 1937!!
وقبل ان أصل الى التأميم واختم المقال، وجب التطرق الى حادث شهير راح ضحيته بطرس باشا غالي جد الوزير الهارب بطرس غالي رائد الخصخصة!! اغتيل بطرس باشا غالي سنة 1909 على يد صيدلي مصري أسمه أبراهيم الورداني. وكان سبب أقدام الورداني على ذلك انه تبين من خطب المرحوم محمد فريد ان أنجلترا تحاول مد امتياز قناة السويس أربعين سنة اخرى فوق حق الأمتياز لتنتهي عام 2008 بدلاً من 1968 مقابل 4 ملايين جنية!! ويبدو ان بطرس باشا غالي كان على وشك الأنتهاء من الأتفاق لولا ان وصلت اليه يد الأغتيال وضربته ب7 رصاصات في جسده!!
وبعد ثورة يوليو 1952 كان الحلم المسكوت عنه هو أستعادة القناة كاملة وعودتها الى مصر وكان الحلم في انتظار من يستطيع ان يجسده حتى تفاعل عبدالناصر مع اللحظة التاريخية وأمم القناة وأعاد الحق لأصحابه. وكان محمود يونس على رأس القوة التى اممت القناة. ولعب دوره الممثل احمد ماهر في فيلم ناصر 56. صحيح ان التأميم جرجر مصر الى حرب 1956، وصحيح ان القناة كانت ستعود الى مصر بعدها ب12 سنة بموجب انتهاء الأمتياز! لكن صحيح ايضاً ان الشواهد كان تقول بعكس ذلك وان حرب 1956 فرضت علينا ولم تسعى لها مصر! وكان من أثر الحرب ان وضعت مصر في موقع الريادة الأقليمية. وكما قال ناصر، الآن اصبحت القناة ملكاً لمصر بعد ان كانت مصر ملكاً للقناة!!
والآن بعد ثورة 25 يناير 2011 قرر الأخوان عبر مجلس شورتهم ان يناقشوا مشروع قانون مقدم من حكومة الأخوان فاق كل تصور لبطرس غالي وزير المالية الهارب عن الخصخصة فهو قانون لا يخصخص شركة ولكن يخصخص السيادة المصرية على القناة. ولم يتسنى لنا ان نعرف كيف انبعثت روح الأمتيازات الأجنبية مرة أخرى على يد أول رئيس منتخب بعد الثورة؟ وهل لروح ديلسبس اي علاقة بالموضوع ام ان الأمر كله موكل للمكرونة الأسباجتي؟؟ انتهى!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.