«ل. ق. م».. قصة جهاز مخابرات إسرائيلي سقط في قبضة واشنطن

أنشأه شيمون بيريز في 57 من أجل مفاعل ديمونا النووي.. وانكشف أمره في 86 بعد اعتقال واشنطن للجاسوس بولارد
"جوناثان بولارد الأمريكي اليهودي" الذي ستفرج عنه الولايات المتحدة اليوم بعد سجنه 30 عامًا، لم يكن نموذجًا لقضية تجسس واحدة وفردية فاشلة قامت بها تل أبيب على حليفتها واشنطن في الثمانينات، بل إنه يعبر عن فشل أحد الأجهزة الاستخباراتية التي حاولت تل أبيب وضعها طي الكتمان لسنوات، وكان انكشاف بولارد هو بداية فضيحة هذا الجهاز الذي عرف باسم "ل. ق.م".
(مكتب العلاقات العلمية) أو كما يعرف في إسرائيل اختصارا ب"ل . ق. م" كان جهاز استخباراتي تابعًا لوزارة الدفاع الإسرائيلية بين أعوام 1957 إلى 1986، وكان الهدف من تأسيسه هو تأمين النشاطات النووية لتل أبيب، والتوصل إلى تكنولوجيا عالية لا يمكن الكشف عنها بشكل علني، هذا الجهاز كان هيئة منافسة لجهازي الاستخبارات الخارجية "الموساد" وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك".
بداية هذا الجهاز كانت في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وقتها أجرى شيمون بيريز مدير عام وزارة الدفاع وقتها اتصالات مع حكومة فرنسا التي ساهمت في إنشاء مفاعل ديمونا الإسرائيلي، ومن أجل تأمين هذا المشروع وإتاحة توفير المعلومات الخاصة به تم إقامة الجهاز، وكان له أسماء متعددة من بينها "مكتب المهام الخاص" و"المشاريع الخاصة" إلا أنه أخذ اسمه "لقم" فيما بعد، وترأسه حتى عام 81، بنيامين بلومبيرج الذي كان كبير ضباط الأمن في وزارة الدفاع ورئيس شعبة بالشاباك.
المكتب كان مسؤولاً عن تأمين عمليات إنشاء المفاعل النووي وتفتيش ومراقبة العاملية به بين عامي 1960 و1961، كما كان المسؤول عن إنتاج اليورانيوم لتشغيل المفاعل، وعلى سبيل المثال في عام 1968 وفي إطار ما عرف باسم عملية بلامبات امتلكت إسرائيل 200 طن من اليورانيوم الطبيعي، أو ما يعرف باسم الكعكة الصفراء، من شركة بلجيكية، كما كان الجهاز مسؤولًا أيضًا عن مركز للأبحاث النووية، وبمرور السنوات وسع من نطاق عمله وجند عملاء اهتموا بالحصول على معلومات تتعلق بالتكنولوجيا النووية من دول أجنبية، وكان أحد مهامه في فترة من الفترات هو الالتفاف على حظر السلاح الذي فرضته باريس على تل أبيب في أعقاب حرب 1967.
وفي سنوات الخمسينيات جند "ل. ق.م" جوناثان بولارد اليهودي الأمريكي عميلًا له بالولايات المتحدة، والذي نقل لتل أبيب معلومات توصل إليها خلال خدمته كضابط بالاستخبارات البحرية الأمريكية، وفي نوفمبر 1985 تم اعتقاله على يد السلطات الأمريكية، والضابط المسئول عنه بالجهاز ابيام سيلاع هرب إلى تل أبيب، وتم عرقلته ترقيته في سلاح الجو الإسرائيلي بسبب ضغط الولايات المتحدة وأدت القضية إلى أضرار بالغة في العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، وتم تفكيك الجهاز.