قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الاثنين: إن "الهجمات الإرهابية في باريس يوم الجمعة، وتفجيرات بيروت يوم الخميس، وإسقاط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء يوم 31 أكتوبر، تظهر مرحلة جديدة من الحرب التي يشنها تنظيم "داعش" ضد الغرب، وهي استعدادهم لضرب أهداف بعيدة عن مناطق سيطرتهم في العراقوسوريا وليبيا". وأوضحت الصحيفة أن التحدي الذي تواجهه الدول المهددة (ضخم)، وهذا النوع من الهجمات التي يشنها "داعش" من الصعب توقعها أو منعها، ولكن في أوروبا أي شخص يعمل على زيادة حدة كراهية الأجانب من القوميين اليمينيين المتطرفين، مستعد دائمًا لتشويه صورة المسلمين والمهاجرين واللاجئين، وإغلاق الحدود الأوروبية. وترى نيويورك تايمز أنه يجب سحق تنظيم "داعش"، ولكن هذا يتطلب الصبر والعزيمة وتنسيق الاستراتيجيات والأهداف وهو ما تفتقده الدول المشاركة في الحرب على التنظيم، وخصوصًا الولاياتالمتحدةوروسيا. وكان قد أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، بتحدٍ واضح أن هجمات باريس "عمل من أعمال الحرب" وتوعد برد "بلا شفقة"، أمس الأحد، قصفت الطائرات الحربية الفرنسية مدينة الرقة، معقل التنظيم في سوريا، ومن المتوقع أن يقدم أولاند مقترحات أخرى في خطابه أمام البرلمان في جلسته الاستثنائية في قصر "فرساي" اليوم الاثنين. وبالفعل فرنسا لديها أقوى سياسات لمكافحة الإرهاب في أوروبا، لكن اتخاذ تدابير صارمة من النوع الذي طالب به القوميين اليمينيين المتطرفين مثل مارين لوبان من الجبهة الوطنية يمكن أن يؤدي إلى زيادة تنفير خمسة مليون مسلم من السكان في فرنسا، دون أن يقدم أي ضمانات ضد مزيد من الهجمات. وأكدت "نيويورك تايمز" أن اكتشاف جواز سفر سوري بالقرب من جثة أحد المهاجمين بالتأكيد يكثف من المشاعر المعادية للاجئين والدعوات التي تطالب بإغلاق الحدود الداخلية المفتوحة في أوروبا. وأشارت إلى أنه حتى وإن كان أحد المهاجمين من اللاجئين، فإن المسلح الأول الذي تم الكشف عن هويته بشكل قاطع، وهو عمر إسماعيل مصطفى لم يكن لاجئًا، ولكنه مواطن فرنسي ولد ونشأ في بلدة تقع إلى الجنوب من باريس. وتابعت الصحيفة أن إشعال عواطف الكراهية التي تحوم حول اللاجئين والمسلمين في أوروبا، هي بالتأكيد هدفًا رئيسيًا وراء هجوم داعش، كما أن اختيار الأحياء التي وقعت فيها معظم الهجمات، وهي منطقة متنوعة عرقيًا في شرق باريس ويسكنها الحرفيين الشباب، بدت أنها مصممة لإرسال رسالة مفادها أن التسامح لن يكون حماية ضد ما وصفه التنظيم في بيانه باسم العاصفة المقبلة". وذكرت أنه يجب على فرنسا أن تتخذ التدابير اللازمة لحماية مواطنيها، كما يجب على الولاياتالمتحدةوروسيا وجميع البلدان الأخرى، في الغرب والشرق الأوسط، المهددة من قبل "الحلم القاتل لخلافة جديدة". ولكنها ترى في الوقت نفسه، إنه من الواضح أن منع المزيد من الهجمات سيتطلب من الدول المهددة إيجاد وسيلة لإنهاء الحرب الأهلية السورية، والتي جعلت من الممكن لهذه المجموعة الإرهابية كسب الثروة، والأرض والسلطة، وهو ما يعني تنسيق العمل الوثيق بين البلدان المشاركة بالفعل في الحرب، وأبرزها الولاياتالمتحدةوروسيا، كما يعني إقناع المزيد من الدول في أوروبا والشرق الأوسط للمشاركة في المهمة. وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه حتى وقوع الهجمات الأخيرة، كان تركيز أمريكا على تلك المنظمة الإرهابية باعتبارها العدو الرئيسي ولم يتم تقاسمه بالكامل من قبل روسيا، التي استخدمت عملياتها العسكرية أكثر للدفاع عن حليفها الرئيس السوري بشار الأسد، ولكنها ذكرت أنه كان هناك عدة حركات واعدة في الآونة الأخيرة نحو مزيد من التعاون. ولفتت إلى الاجتماع الذي عقد في فيينا يوم السبت، والاتفاق على الانتقال التدريجي للحكومة وإجراء انتخابات في سوريا بإشراف الأممالمتحدة، وكذلك اجتماع قمة مجموعة العشرين في تركيا، التي ركزت على محاربة "داعش". واختتمت الصحيفة بالقول: إن "هجمات باريس مثلت هزة كبيرة للعالم كله، كما كانت تفجيرات بيروت وإسقاط الطائرة المدنية الروسية أمرًا مروعًا، وأثبت أنه لا يوجد حد لانتشار داعش، ولا توجد بلد آمنة دون أن يتحدوا جميعًا لهزيمة هذه الآفة".