السياحة المصرية دخلت "غرفة الإنعاش"، بتلك الجملة وصف، إلهامي الزيات، رئيس اتحاد الغرف السياحية، وضع قطاع السياحة الحالي، مقترحًا على سرعة إنشاء شركة قومية للسياحة العارضة، ونوه بأن شركة مصر للطيران لا تنقل سوى 5% من السياحة الوافدة لمصر، في حين تحتكر الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات الشحن الجوي والبحري للسياح الوافدين عبر طائراتها، كما أن فنادقها القائمة على أرض مصر، تدر ما لا يقل عن مليوني جنيه شهريًا، ولا تنتفع منها الدولة. "الزيات" يكشف ل"التحرير" أسباب الأزمات المتلاحقة لقطاع السياحة، طارحًا عدة سيناريوهات لإنعاش القطاع، وإلى نص الحوار.. من يتحكم في سوق الطيران الوافد لمصر؟ المتحكم الأكبر في سوق الطيران العالمي شركة "تيوي إيه جي" الألمانية، التي تحتكر حركة السياحة الوافدة إلى مصر، خاصة أن مثل تلك الشركات الأجنبية تتحكم في رحلات الطيران شرقا، عبر الطيران "منخفض التكاليف"، وتستحوذ شركات الطيران العالمية على نحو 95 % من حجم الرحلات السياحية الوافدة إلى مصر، بينما شركة مصر للطيران لا تحوذ سوى على 5 %. وتحتكر تلك الشركات متعددة الجنسيات رحلات الطيران شرقًا منخفض التكاليف، وتسكن السياح في فنادق تمتلكها في مصر، وعلى رأس تلك الشركات تأتي الشركة الألمانية سالفة الذكر، كشركة سياحة وشحن بحري وخدمات لوجستية، تمتلك أكثر من 1500 فندق حول العالم، من ضمنها 57 فندقًا وقرية سياحية داخل مصر، وتدير أسطولًا بحريًا وجويًا يضم نحو 127 طائرة، عبر 47 مكتب سياحة حول العالم، وتنقل السائحين والوفود الأجنبية بأقل من 300 دولارا للتذكرة، في حين تصل قيمة التذكرة لدى "مصر للطيران" إلى 6 آلاف جنيه. هذا يعني أن الشركات الأجنبية تحصل على دخل السياحة الوافدة، فما الذي تستفيده مصر؟ لم تعد مصر تستفيد منها، منذ أن تولى حامد الشيتي، محتكر السياحة الوافدة، إدارة الفنادق القائمة على الأراضي والمنتجعات السياحية المصرية، عبر الاندماج الاستراتيجي والشراكة مع "تيوي"، وأصبح جزءًا منها بعد أن امتلك نحو 7% من حصة الشركة العالمية، وحصل على نسبة الشركة من السياحة الوافدة لمصر بصفته شريكها وممثلها في مصر. - بمعنى؟ السائح ينفق مبالغ طائلة في مختلف الأنشطة الترفيهية الداخلية، مثل مراكز البيتش باجي، والأنشطة البحرية والبازارات والهدايا وما إلى خلافه، وهذا ما دفع "الشيتي" إلى شراء الأراضي اللازمة لهذه الأنشطة الترفيهية والبحرية، وصار وحده في غضون سنوات قليلة، يمتلك أكبر مركز ل"البيتش باجي" في مدينة شرم الشيخ. - هل تقصد أن دخل تلك الأنشطة الترفيهية والفندقية يذهب خارج مصر؟ تلك الأنشطة تدر للشركة الألمانية دخلًا يساوي قيمة رحلة السائح، بخلاف الأنشطة الفندقية القائمة، والتي تدر عليها إيجارات لا تقل عن مليوني جنيه، وهي كافية لسداد نفقات الفندق الزهيدة من الأطعمة والكهرباء والمياه، ويتم تحويل القيمة الأساسية لإيجار الغرفة الفندقية خارج البلاد. - وماذا عن شركات السياحة التركية؟ لقد ناديت مرارًا وتكرارًا بخطورة سيطرة الشركات الأجنبية، خاصة التركية، على مناطق الجذب السياحي في البحر الأحمر، والآن بعد تفاقم الأزمة السياحية في مصر بسبب حظر روسيا سفر مواطنيها إلى شرم الشيخ، بدأت الشركات التركية فى تسريح العمالة وإغلاق المنتجعات السياحية التي تستأجرها، وأصبح مصير العاملين فى قطاع السياحة "العمالة المصرية المساعدة" على المحك وعلى وشك "التسريح"، فهؤلاء الأتراك أتوا إلى مصر ليمتصوا دماء العاملين بقطاع السياحة، فنحو 85% من دخل السياحة الوافدة يذهب إلى جيوبهم. - وماذا عن دور اتحاد الغرف السياحية للخروج من نفق الخسائر المتراكمة للسياحة؟ الاتحاد ينسق خلال الأيام الماضية مع وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة للقيام بأكبر حملة دعاية خارجية للترويج للسياحة المصرية في عدد من الولاياتالأمريكية وبعض الدول الأوروبية، لإعادة السياح من جديد إلى مصر بعد حادث الطائرة الروسية المنكوبة، والوصول إلى نحو 15 مليون سائح مع مطلع العام الجديد. وما الحل إذن للخروج من أزمات السياحة المصرية المتعثرة؟ كثيرًا ما طالبنا بإنشاء شركة قومية كبرى للطيران العارض؛ للتعامل مع مثل هذه الظروف المفاجئة، التي تتعرض لها حركة السياحة في مصر، مع توقف حركة الطيران الأوروبي والروسي مؤخرًا من وإلى مصر، عقب حادث الطائرة الروسية، إضافة إلى تخصيص طيران منخفض التكلفة لإعادة احياء السياحة الداخلية التي أوشكت على الغرق، ودخلت "غرفة الإنعاش". وبنظرة سريعة إلى فرنسا وأسبانيا وإيطاليا وتركيا، وهي دول تتصدر العالم في جذب السياحية طبقًا، نجد أن تلك الدول تخصص مطارات للطيران "منخفض التكلفة"، على سبيل المثال روما بها مطار "شمبينو" مخصص لذلك وبتكلفة منخفضة مقارنة بشركة مصر للطيران، حيث لا تزيد قيمة تذكرة الطيران من روما إلى باريس عن 30 دولارًا، ما يؤدي لإنعاش حركة السياحة الداخلية واجتذاب أكبر عدد من السياح إليها.