3 أسابيع كاملة والآلاف من أهالي مدينة "طنجة" المغربية يجوبون الشوارع ليلًا ممسكين في أياديهم شموعًا، مطفئين الأنوار بالمنازل والمحلات.. ليس هذا من قبيل الرومانسية، وإنما تعبيرًا عن الاحتجاج ضد الغلاء وارتفاع الأسعار، وبالأخص فاتورة الكهرباء التي امتنع المتظاهرون عن دفعها، 21 يومًا مرت ليتدخل بعدها العاهل المغربي محمد السادس مؤخرًا لوقف الاحتجاجات عبر بعث كل من رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران ووزير الداخلية محمد حصاد إلى هناك. شركة فرنسية وراء الأزمة بطل الأزمة هو شركة فرنسية تسمى "أمانديس" والمسؤولة عن إدارة قطاع الماء والكهرباء في طنجة، والتي دفعت المواطنين إلى الشكوى من رفعها لأسعار الخدمات التي تقدمها، وفي محاولة من الحكومة لإنهاء الأزمة دعت وزارة الداخلية في بيان لها الشركة الفرنسية إلى "ضرورة العمل بجدية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتجنب الوقوع في أخطاء مماثلة من جهة، وتحسين خدماتها المقدمة للمواطنين من جهة أخرى". رئيس الحكومة يتحدث عن الفتنة الغضب الشعبي ليس موجهًا فقط ضد الشركة، فالتظاهرات الليلة التي لا تنتهي تأتي أيضًا بسبب موقف رئيس الوزراء نفسه، فبنكيران الذي بعثه الملك المغربي لحل الأزمة، أدلى بتصريحات كان لها وقعها على الشارع الطنجاوي، ودفعت المواطنين إلى الدعوة لمظاهرات أخرى يوم السبت القادم، مستنكرًا الاحتجاجات، متسائلًا في خطاب له "سؤال الحكومة مشروع، لماذا يستمر هذا الاحتجاج بهذه الطريقة؟"، مضيفًا "الملك جعل من المدينة ابنه المدلل، ويزورها باستمرار، ويعطف عليها ويخصها بالتوجيهات". وفي تصريحات رأها المواطنون مستفزة، قال بنكيران "مدينة طنجة الجميلة تغيرت للأحسن، ولا يناسبها أن يسمح لها بإثارة الفتنة، حين ندخل طنجة نشعر بالفرحة، إلا اليوم، لا أعرف لماذا، لا تتركوني أقول: إن "هناك جهات عندها غرض في إثارة الفتنة، من له الحق في إثارة القضية والدفاع عن طنجة هم أبناؤها، المشاكل الاجتماعية في المدينة لا تحل بالوقفات والاحتجاجات، لأن لذلك أضرار على السياحة والساكنة والوطن، ويمكن أن تكون له عدوى في مدن أخرى". شيخ سلفي يرفض الاحتجاجات ودخل الشيخ محمد الفزازي، أحد أبرز شيوخ السلفية في المغرب على خط الاحتجاجات، وقال في تدوينة له على "فيسبوك": "تعليقي على الاحتجاجات والمظاهرات والدعوة للخروج إلى الشارع السبت المقبل، سأختصرها في جملة واحدة، وهي أن الفتنة نائمة لعن الله موقظها، فخير الكلام ما قل ودل". سياسة العين الحمراء "الحكومة تستخدم معنًا سياسيًا بالعين الحمراء".. كان هذا أحد تعليقات المغاربة على موقف رئيس الحكومة من الأحداث، والذين انقسموا بين اعتبار تصريحات بنكيران تهديدات مباشرة للمحتجين، وبين من رآها إنقاصًا من قيمة المواطنين الذين يخرجون بالآلاف في الشوارع، وعلى موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كتب أحد المحتجين "الفتنة الحقيقية أن تدافع عن شركة تمتص دماء المواطنين، وترفض فسخ العقدة معها، الفتنة أن تهدد الناس بالقمع وتبحث عن قرابين للتضحية بهم، الفتنة ألا تكون بجانب شعبك وتحقق مطالبه". بينما قال آخر: إن "خطاب رئيس الوزراء بنكيران يضعه "في فوهة المدفع"، مضيفًا "عندما خرج عشرات الآلاف ليقولوا بشكل حضاري وسلمي: لا للنهب، لا للسرقة، لا لعربدة شركة الاستعمار. أمانديس إرحل.. تم وصف هؤلاء المحتجين بأنهم يريدون إشعال الفتنة"، وناشط ثالث قال "بنكيران يغامر بالبلد، ويصب الزيت على النار، ولم يأت سوى لإشعال الحرائق.. وأنا أقول التقطوا الإشارات قبل فوات الأوان.. عالجوا الاحتقان الشعبي قبل أن تكبر دائرته.. سيروا في خط الشعب، والتزموا خط بوصلته كي لا تتيهوا". رقعة الاحتجاجات تتسع ورغم تحذيرات الحكومة يبدوا أن دائرة المظاهرات تتسع، حيث شهدت مدن أخرى مثل تاوريرت وتازة والدار البيضاء، خروج المواطنين للتعبير عن تضامنهم ومساندتهم لأهالي طنجة، مطالبين برحيل شركة أمانديس.