اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن حقق حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا فوزا كبيرا في الانتخابات الوطنية أمس الأحد، في انتصار للرئيس رجب طيب أردوغان بعد تراجعه في استطلاعات الرأي قبل 5 أشهر. وأوضحت أنه بعد فرز أكثر من 99% من الأصوات في وقت متاخر من مساء أمس الأحد، حصل حزب "العدالة والتنمية" على أغلبية مطلقة من مقاعد البرلمان، خلافا للخسائر التي مني بها في الانتخابات السابقة في يونيو الماضي، وحصد 49% من الأصوات بزيادة قدرها 8% على حصته في يونيو وبما يقارب مستواه القياسي. وأشارت إلى أن النتائج التي تحدت سلسلة من استطلاعات الرأي، تنبأت ببرلمان معلق (دون أغلبية مطلقة للمقاعد)، بررت قرار أردوغان الدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد أن عرقل السباق الانتخابي في يونيو الماضي، 13 عاما من حكم الحزب الواحد، لحزبه ذي الجذور الإسلامية. وبينت أن حزب "العدالة والتنمية" فاز بأصوات مختلف الأطياف السياسية، وحصل على دعم بشكل رئيسي من حزب "الحركة القومية"، وهو حزب يميني يكرر الخطاب القومي في ظل تصاعد التوترات في منطقة جنوب شرقي تركيا الممزقة عرقيا. وبحسب الصحيفة، فإنه على الرغم من أنه ممنوع دستوريا بصفته رئيسا من القيام بدور حزبي، حاول إردوغان أن يبرهن على أن التحديات العميقة في البلاد، تتطلب حكومة قوية بدلا من ائتلاف، وطالب صراحة بتغيير الدستور لزيادة سلطاته. ولفتت إلى أن هذا النجاح جاء أيضا على حساب حزب "الشعوب الديمقراطي"، وهو تجمع موال للأكراد صعد إلى البرلمان في يونيو الماضي، ولكنه شهد تراجع دعمه أمس الأحد في أعقاب تجدد القتال في منطقة الجنوب الشرقي بين القوات التركية والجماعة الكردية محظورة. ونقلت الصحيفة البريطانية، عن سنان أولجن، وهو باحث زائر في معهد كارنيجي أوروبا، قوله: "رهان أردوغان على إعادة الانتخابات نجح بشكل رائع"، مضيفا: "إنه بالتأكيد انتصار لإردوغان في المقام الأول، ثم حزب العدالة والتنمية- الشعب يرى إردوغان في مقعد القيادة". وأضافت: في حين يشعر حلفاء أردوغان الأجانب والمستثمرون، بالقلق إزاء تشكيل حكومة استبدادية، علاوة على نزعاته الدكتاتورية، إلا أنهم يأملون أن يعيد فوزه الاستقرار إلى قوة سياسية واقتصادية رئيسية في المنطقة، في وقت تتطلع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص إلى تركيا، للمساعدة في التعامل مع الحرب في سوريا المجاورة، وعشرات الآلاف من اللاجئين الفارين من القتال، وفقا للصحيفة. ورغم أن حزب "العدالة والتنمية" عجز بشكل مثير عن تحقيق ما يسمى "أغلبية عظمى" بالفوز ب330 مقعدا في البرلمان، التي كان أردوغان يسعى إليها منذ توليه منصب الرئيس في العام الماضي بعد ثلاث ولايات رئيسا للوزراء، بما يتيح لحزبه الدعوة إلى استفتاء للموافقة على تعديلات دستورية لتطبيق نظام رئاسي على غرار فرنسا أو الولاياتالمتحدة بدلا من النظام البرلماني الحالي، على حد قولها. واستدركت "فايننشال تايمز" بالقول، لكن حتى مع وجود أغلبية بسيطة، فإن سيطرة أردوغان على حزب "العدالة والتنمية"، الذي استقال منه رسميا، تعطيه سلطات فعلية أكبر من أي زعيم في ماضي تركيا القريب. واختتمت بالقول إن النصر في الانتخابات يظهر أن إردوغان حقق توقعاته بأن الشعب سيفضل الاستقرار على احتمال تشكيل حكومة ائتلافية، بينما وضع حدا للآراء بأن سطوته على الشعب التركي قد بدأ يعتريها الضعف.