بدأت بتجارة القطن إلى أن أصبحت واحدة من كبرى شركات توزيع السيارات وتتميز بحضور قوي في مختلف المجالات والقطاعات حول العالم.. إنها «مجموعة منصور المصرية» التي تعد إمبراطورية دولية تمتد من أصغر الجزر إلى أكبر المناطق في العالم، وبلغت قيمتها أكثر من 6 مليارات دولار خلال جيلين فقط، ويعمل بها نحو 60 ألف موظف وتتمتع بمعدل نمو يتراوح ما بين 10- 20 في المئة سنويًّا، وهي نسبة ليست سيئة بالنسبة إلى شركة تعمل في أصعب الأماكن ووسط اضطرابات جيو سياسية. وفي مقابلة حصرية ونادرة مع مجلة "أريبيان بزنس" يكشف محمد منصور، رئيس «مان كابيتال»، عن الأسرار الداخلية بالشركة العائلية. قال محمد منصور الابن الأكبر للعائلة «إن النمو لا يزال الركيزة الأساسية في المجموعة منذ أن أسسها والده في خمسينيات القرن الماضي، حيث يستذكر في مكتبه الخاص في العاصمة البريطانية لندن ما دار على طاولة الغداء في أثناء استضافة دون فيتس، رئيس مجلس إدارة شركة المعدات الثقيلة والمحركات «كاتربيلر» عام 1996، وهي العلامة التجارية التي ساعدت على حصول مجموعة منصور على حقوق توزيع منتجاتها في مصر قبل 20 عامًا»، مضيفًا «كانت حصتنا في سوق مصر عام 1996 تقدر بنحو 60 في المئة، حيث إنه من بين كل 10 آليات يتم بيعها، يباع 6 من معدات كاتربيلر. ولقد وجهت سؤالًا لدون فيتس، في أثناء اجتماعنا على الغداء بأنه إذا أردت تنمية أعمالي مع شركة كاتربيلر، فما نسبة الزيادة التي يمكن أن أتوقعها على نسبة النمو التي تبلغ اليوم 60%، هل هي 70% مثلاً؟ وقلت له إننا «نمتلك سيولة نقدية جيدة، فإما أن أبدأ بإقامة استثمارات في شركات أخرى أو أن أستثمر لديهم»ز وأكد أنه عرضت شركة "يونيليفر" لدى "كاتربيلر" أعمالها في جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى لمجموعة منصور، وهي منطقة نائية لم نكن نعلم عنها شيئًا، لكن عمل «كاتربيلر» ازداد نموًّا في إفريقيا. وتوسّع عمل "منصور" وحصل على حقوق توزيع منتجات كاتربيلر عبر أراضي سيبيريا الروسية التي تتميز بمناخها المتجمد وطبيعتها غير الملائمة والصعبة. وأوضح منصور "إن المساحة التي تغطيها أعمالنا في روسيا في الواقع أكبر من القارة الأوروبية، كما أن إمكاناتنا هناك كبيرة أيضاً.. وتعد الشركة اليوم خامس أكبر موزع لمنتجات كاتربيلر في جميع أنحاء العالم، وهي أيضا أكبر شركة توزيع لمنتجات جنرال موتورز (حيث حصلت على حقوق المبيعات المصرية في عام 1975). وتملك الشركة عقودا حصرية مع كل من (ماكدونالدز) التي تم إبرامها عام 1994، و«شفروليه» و«ريد بول» و«يو بي إس» و«إمبيريال توباكو» وغيرها من العلامات التجارية العالمية الشهيرة، وذلك في مصر وحدها التي يوجد فيها ما لا يقل عن 90 مليون مستهلك. وأشار إلى أنه في الوقت الذي استند فيه اسم المجموعة إلى العديد من العلامات التجارية المشهورة، فقد أوجدت أيضًا أكبر سلسلة سوبرماركت في مصر تحت اسم «مترو»، وذلك في عام 1998، وقامت المجموعه في السنوات الأخيرة بتأسيس شركتها الخاصة «مان كابيتال» التي يرأسها محمد منصور شخصيًّا. وتابع بأن الشركة تتمتع بحضور عالمي، لكن منصور يرى أن هناك منطقة واحدة ذات فرص هائلة، حيث يقول «تعد إفريقيا المنطقة الأنسب بالنسبة إليّ رغم حضورنا الضعيف فيها. إفريقيا هي إحدى القارات التي تنمو باستمرار، على عكس قارة آسيا حيث تبدو الأمور صعبة بعض الشيء إذا نظرتم إلى الأسواق الناشئة، وهي الحال ذاته في البرازيل، ناهيكم بالقارة الأوروبية التي يتوقع أن يبلغ معدل النمو فيها من 1- 1.5 في المئة، لكن الأمر مختلف بعض الشيء في الولاياتالمتحدة التي تعد واحدة من الاقتصادات التي أعتقد أنها ستستمر بتحقيق نسب نمو معقولة ومقبولة. ويضيف: «ما يميزنا هو حضورنا في قارة إفريقيا منذ عام 1996، لذلك فإننا نعرف ظروفها جيداً. فالكثير من الدول الإفريقية التي نوجد فيها تعاني من ظروف صعبة، كما أنها ليست مستقرة من الناحية الأمنية، فقد ظهر مرض إيبولا هذا العام، فضلاً عن انخفاض سعر النفط، الأمر الذي سيؤثر على الناتج المحلي الإجمالي في نيجيريا». وأوضح منصور أنه (لا تزال مصر التي تمثل «روح الشركة وقلبها النابض» تشكل نحو 50 في المئة من أعمال المجموعة. ولقد تأثرت مجموعة منصور بشكل واضح في أعقاب الاضطرابات التي رافقت ثورة 2011، لكنها الآن تحقق أرقاماً قياسية. لقد كانت مبيعات الشركة التي تحمل العلامة التجارية «جنرال موتورز» الأعلى خلال الستة أشهر الماضية مقارنة بالثلاثين سنة الماضية. وتعد شركة «بالم هيلز» التابعة لمجموعة منصور ثاني أكبر المطورين في مصر. وتعكس التدفقات الجديدة للاستثمارات الأجنبية المباشرة الاستقرار المتزايد الذي حدث في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. ولقد صرّح البنك الدولي في وقت سابق من هذا الشهر بأن الأعمال التجارية في مصر ستنمو بمعدل 4 في المئة تقريبًا في عام 2015، وهي نسبة تفوق حجم النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذي يبلغ 2.4 في المئة). ويضيف: «لقد بذل الرئيس السيسي جهودًا كبيرة في سبيل إعادة الأمن، لأن الفترة ما بين عام 2011 و2014 كانت بالفعل كابوسًا. ويكمن التحدي الآن في كيفية إعادة قطاع السياحة إلى ما كان عليه، لأن السياحة تشكل ما نسبته 15 في المائة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي، لذا فإن الأمر في غاية الأهمية». واختتم قائلًا «الأسرة هي الأساس، لأنها تمثل أواصر الترابط والأشخاص الذي يكنون لنا الحب ويصارحوننا بالحقيقة. سيتم غرس تلك الدروس ذاتها في نفوس الأجيال القادمة، ففي الوقت الذي يوجد فيه سبعة أحفاد للطفي منصور يعملون في الشركة، فإن العائلة لا يزال لديها الكثير من النجاحات لتحققها». يذكر أن منصور شغل منصب وزير النقل لمدة أربع سنوات في حكومة الرئيس الأسبق حسني مبارك، بين عامي 2005 و2009، ويقول معربًا عن رأيه في هذا الشأن: «أعتقد أنني قد أتممت واجبي على أكمل وجه»، ولقد حان الوقت الآن لأن أبدأ مرحلة أخرى لجعل مجموعة منصور شركة عالمية كبرى ومتعددة الجنسيات.