بنسبة تجاوزت 80% من الأصوات، فاز رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا، الذي مهدت له خبرته الاقتصادية طريق النجاح في عالم السياسة، ومن الجولة الأولى، في الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد الماضي. فصباح اليوم الأربعاء، أعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات في كوت ديفوار، فوز واتارا بأغلبية ساحقة متقدما على منافسه باسكال آفي نجيسان رئيس جزب "الجبهة الشعبية العاجية"، (التي أسسها خصمه اللدود الرئيس السابق لوران جباجبو) الذي حصل على 9.29% من الأصوات. وقالت المفوضية إن النتائج، التي ستحيلها إلى المجلس الدستوري، أظهرت فوزه بولاية ثانية مدتها 5 سنوات إثر حصوله على %83.66 من الأصوات في الانتخابات التي بلغت نسبة المشاركة فيها 54.63% من الناخبين، رغم دعوة فصيل من المعارضة إلى مقاطعة التصويت. وتحت شعار الوفاء لجباجبو، الذي يقبع في زنزانة في لاهاي بهولندا؛ انتظارا لمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية خلال أزمة ما بعد انتخابات 2010، دعا قسم من "الجبهة الشعبية العاجية"، إلى الامتناع عن التصويت ووصف بعض المرشحين الاقتراع بأنه "مهزلة انتخابية". غير أن معسكر وتارا، الواثق من فوزه بولاية جديدة في ظل تصدره استطلاعات الرأي خلال الحملة الانتخابية بفارق كبير، اعتبر نسبة المشاركة عنصرا حاسما من أجل مصداقية الانتخابات، التي جاءت هادئة وساهمت في طي صفحة أعمال العنف الدموية، التي تلت فوز الحسن واتارا في عام 2010 على خصمه لوران جباجبو، بصورة نهائية، في هذا البلد الذي يعد أول منتج للكاكاو في العالم، وقوة اقتصادية كبرى في المنطقة. ويبدو أن حظوظ واتارا كانت وافرة بالفوز، بعد أن نجح الخبير الاقتصادي في توظيف عالم الأرقام ليصنع مسيرة سياسية ويحقق نتائج جيدة، حيث يقول عنه أنصاره إنه يشكّل نقطة التقاطع المثلى بين عالمي الاقتصاد والسياسة، وأنّ تكوينه الأكاديمي وخبراته الدولية فتحا أمامه أبواب القصر الرئاسي في العاصمة ياموسوكرو على مصراعيها. واتارا ولد عام 1942 في مدنية "ديمبوكرو" وسط كوت ديفوار، وفي عامه ال 20، حصل على شهادة الباكالوريوس من "واجادوجو" عاصمة "فولتا العليا" آنذاك (بوركينا فاسو حاليا)، ثم تابع دراسته في الولاياتالمتحدة بعد حصوله على منحة أمريكية، ونال شهادة ماجستير في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا عام 1967، وفي العام التالي عمل في صندوق النقد الدولي في واشنطن. ونال شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية عام 1972، ثم تولى منصب ممثل كوت ديفوار في البنك المركزي لدول غرب أفريقيا في باريس من 1973 حتى 1975، ثم اختير مستشارا خاصا لمحافظ البنك ومديرا للبحوث من فبراير 1975 إلى نوفمبر 1982، ثم نائبا لمحافظ البنك من يناير 1983 إلى أكتوبر عام 1984. وشغل منصب منصب مدير لقسم إفريقيا في صندوق النقد الدولي، حتى أكتوبر 1988، وفي مايو 1987، أضيف إليه منصب مستشار العضو المنتدب في صندوق النقد الدولي، قبل أن يعين محافظا للبنك المركزي لدول غرب أفريقيا، ثم استدعاه الرئيس المؤسس لكوت ديفوار، فيليكس هوفوت بوانييه، أواخر حكمه، لتنفيذ إصلاحات اقتصادية لمواجهة الأزمة التي هزت البلاد في ذلك الحين، وعينه، بداية من نوفمبر عام 1990، رئيسا لوزرائه، وهي الوظيفة التي بقي فيها واتارا حتى وفاة بوانييه في 1993. وعقب وفاة بوانييه، استغل رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، هنري كانون بيدييه، نصا دستوريا يقضي بتولى رئيس البرلمان مقاليد السلطة في حال عجز الرئيس أو موته، لينصّب نفسه رئيسا للبلاد. وفي عام 1995 سعى واتارا إلى الترشح لانتخابات الرئاسة غير أنه فشل في ذلك، حيث استغلّ معارضوه قانونا يشترط أن يكون رئيس البلاد إيفواريا أبا عن جد، وهذا ما قالوا إنه لا يتوفر في واتارا "ذي الأصول البوركينية". وعقب 5 سنوات قضاها في صندوق النقد الدولي، وتحديدا في 30 يوليو 1999، عاد الخبير الاقتصادي إلى كوت ديفوار، ليتم انتخابه رئيسا ل "تجمّع الجمهوريين"، الحزب الوسطي الذي تأسس قبل 5 سنوات، قبل أن يعلن رسميا ترشحه لانتخابات الرئاسة في أكتوبر عام 2000؛ إلا أن جذوره "المشكوك فيها"، بحسب المحكمة العليا في كوت ديفوار، أقصته مجددا من السباق الرئاسي الذي انتهى بفوز خصمه لوران جباجبو، ودخلت البلاد بعدها في آتون حرب أهلية استدعت تدخلا دوليا. مدعوما بحكم قضائي، واجه واتارا في الانتخابات الرئاسية في 28 نوفمبر 2010 الرئيس المنتهية ولايته، وفي الجولة الأولى من الانتخابات حصل الأخير على 38% مقابل 32% لواتارا وأدى السباق للفوز بالرئاسة إلى التركيز على انقسام بين الشمال والجنوب كان في لب الحرب وكان السبب في تأجيلات لإجراء الانتخابات. وفي جولة الحسم الثانية، تغيرت موازين القوى لصالح واتارا، الذي فاز بنسبة 54.1% من الأصوات أمام منافسه الذي أحرز 45.9%.