أهتم المجتمع المصري القديم بالمرأة اهتمامًا كبيرًا باعتبارها رمزًا للأمومة وشريكة للرجل في البيت وفي العمل أيضًا، بل ولقد حظيت المرأة المصرية بمكانة تفوق كثيرًا مكانتها في العديد من مجتمعات العالم القديم المعاصرة لها، حيث لم يكن للمرأة حق اختيار الزوج أو الخروج إلى العمل بل وكانت تعتبر ضمن متاع بيت زوجها ليبيعه أو يورثه كيفما شاء، على حين أباح المجتمع المصري القديم لها حق اختيار الزوج وحق الطلاق والميراث كما أباح لها ممارسة نشاطها المناسب لها في بيئتها الخاصة طالما تمتعت بالثقافة والكفاية الشخصية وذلك في العديد من شئون المجتمع المدنية والدينية. ولقد أكدت العقيدة المصرية القديمة على مكانة المرأة ودورها فنُسىبت إلى بعض الإلهات عددًا من الوظائف اللاتي اختصصن بها عن غيرهم من الآلهة الذكور فنسبوا للإلهة «إيزيس» حرفة الطب وعلاج الأمراض، وكذلك بعض فنون الكتابة أيضًا. وذكروا إنها قالت: «أرشدني أبي إلى سبيل المعرفة»، وإنها التي ابتكرت خطًا جديدًا ومٌختصرًا للكتابة وهو الخط الديموطيقي، وكانت الآله «سشات»، راعية للمعرفة والكتابة واعتبروها أول من حسب وخط بالقلم. وكفل المجتمع المصري للمرأى حقها في التر قي إلى بعض الوظائف المرمو قة التي كان يقوم بها الرجال إذا ما تلقت تعليما مناسباً ومُتخصصًا فنعلم أن السيدة «نبت»، التي كانت الحماة الثانية للملك «بيبي الأول»، من الأسرة السادسة في القرن 32 ق.م كانت تشغل منصب القاضية في ساحة العدل وكذلك منصب الوزيرة الملكية، بل وحملت السيدة «بسشت»، التي عاشت في الأسرة الربعة في القرن 32 ق.م لقب «رئيسة الطبيبات»، ويعتبر هذا المثال الأ قدم للطبيبات حتى الآن. ومن الطريف كذلك أن بعض السيدات قد مارسن مهنة المشاريع التجارية كسيدات للأعمال فيذكر التاريخ السيدة «نينفر»، صاحبة العقارات والأراضي الشاسعة في عصر الدولة الحديثة والتي تمكن وكلائها التجاريون من تسويق منتجات مزارعها وتجارتها حتى أطراف سوريا الشمالية. ولعل أقدم الوظائف التى شغلتها المرأة كانت وظيفة الكهنوت النسائي، حيث كان يجب على الكاهنة أن تتلقى قسطًا من التعليم في المعاهد الدينية التي يشرف عليها كهنة متخصصون بتعليم الفتيات لتعليمهن قواعد الطقوس وفنون الإنشاد والر قص الديني قبل التحاقهن بالمعابد للعمل ككاهنات بل ولقد شغلت بعض الملكات والأميرات أرفع المناصب الكهنوتية خاصة في عصر الدولة الحديثة والعصر المتأخر وهو منصب «حرم آمون المقدس»، الذي كان منصبًا يجمع بين الصبغة الدينية والنفوذ الإداري الأعلى في معبد الكرنك مثل الأميرة «أمون رديت إس» نجلة الملك «كاشتا»، في الأسرة ال 32 وكانت صاحبة هذا المنصب تحظى بشيء من حرمة الإله وتشرف على طقوسه ومقدساته وكاهناته. وحظيت الدواوين الحكومية بطبقة من السيدات اللاتى عملن تحت درجة «كاتبة» في الإدارة ووصل بعضهن لدرجة مديرة إدارة ومديرة الاختام ورئيسة المخازن وكذلك مديرة لقطاع الإنتاج خاصة في صناعة النسيج، ولعل من أشهر السيدات اللاتى تميزن في حقل الإدارة كانت السيدة «تشات» وكيلة أملاك «خنوم حتب الثاني»، حاكم إقليم بني حسن بمصر الوسطى والتي كانت مسئولة عن جميع أملاك سيدها خلال الأسرة الثانية عشر في القرن العشرين قبل الميلاد.