توفى عصر اليوم الثلاثاء، الكاتب المسرحي علي سالم، بعد 50 سنة من الكتابة المسرحية المحترفة، قدم خلال هذا المشوار الطويل مجموعة من الأعمال اللافتة، تصل إلى 40 مسرحية، و15 كتابًا ورواية، ورغم أنه قدم مجموعة من الأعمال المسرحية بدأها مع «ولا العفاريت الزرق» في 1965، إلا أن أكثر هذه المسرحيات نجاحًا حتى هذه الأيام «مدرسة المشاغبين»، والتي اعترف في أكثر من لقاء صحفي وتليفزيوني له بأنها سحبت البساط من كل أعماله التالية له. كانت «مدرسة المشاغبين» ومازالت سببًا في اتهام سالم بفساد منظومة التعليم في مصر، وتحديدًا العلاقة بين الطالب ومعلمه، بسبب سخرية طلابها عادل إمام، وسعيد صالح، وهادي الجيار، وأحمد زكي، ويونس شلبي من مدرسيهم وكذلك ناظر مدرستهم الذي قدمه الراحل حسن مصطفى. «كي تتعرف على حجم الجدية في المجتمع شاهد أعماله الكوميدية» كانت هذه العبار هي التي يعلق بها الراحل علي سالم باستمرار عن سخريته من أوضاع البلد في أعماله، معتبرًا أن كتّاب الكوميديا هم الأكثر جدية، ولعل ذلك كان ضمن العوامل التي دفعت بوجود صدام بينه وبين جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، ولكن لم تكن هذه الصدامات لأسباب سياسية فقط، وإنما أخرى متعلقة بالدين. وتبين ذلك من خلال ما تعرض له سالم عند عرض ثان مسرحياته بعنوان «الراجل ضحك على الملايكة» عام 1966، إذ تدور أحداثه حول رجل مزوّر فقد الوعي بعض الوقت، وحلم بأنه مات والملائكة حضروا لحسابه، ولكنه وقع معهم في مشكلة حسابية، دفعته ليطلب منهم إعادة الحساب مرة أخرى، وخرجت الكوميديا أثناء إجراء هذه العملية، فطلب منهم أن يحسبوا له ساعات نومه أثناء عمله باعتباره أن «نوم الظالم عبادة»، وهو ما لم تقبله الرقابة، وطلبت منه إجراء بعض التغييرات في النص، ووافق عليها سالم بشرط أن يتم تحويل الملائكة إلى شياطين يتخفون في مظهر ملائكة ليبرر أفعالهم دراميًا، وتغير عنوان المسرحية إلى «الرجل الذي ضحك على الأبالسة». كما مرّ بصدام آخر في مسرحية «انت اللي قتلت الوحش» التي قدمها عام 1989، واستعرض فيها العلاقة بين الشعب والحاكم، واتهم فيها بمعاداته لجمال عبد الناصر، وتعمده إظهار أخطاءه في هذا العمل، لذا تم إيقاف عرضها بعد أسبوعين فقط، ومع أن سالم كان يعتبر هذه المرحلة مؤلمة بكل تفاصيلها، إلا أن الدرس الذي استفاده منها ألا يخاف، ويتعامل مع الرقيب دون قلق. ومن الأعمال اللافتة له أيضًا مسرحيتي «حدث في عزبة الورد» التي قدم فيها ثلاثي أضواء المسرح جورج سيدهم وسمير غانم والضيف أحمد، والتي استمر عرضها لمدة 4 أشهر متتالية، وهي السابقة الأولى من نوعها في وقتها، كذلك قدم ثلاثي أضواء المسرح في عرض آخر بعنوان «طبيخ الملايكة»، ومن أبرز مسرحياته أيضًا «بكالريوس في حكم الشعوب» والتي قام ببطولتها نور الشريف، وليلى علوي، وممدوح وافي، وأحمد بدير، وأخرجها فيصل عزب. لم يستطع علي سالم طوال مشواره هذا التخلي عن عشقه للكتابة رغم أنه لم يجد تقديرًا من قبل الدولة نحوه، إذ لم يحصل على ولا جائزة في حياته، بل إنه لم يستمع في مرة عن ترشيحه لجائزة ما، ومع ذلك ظل سالم متمسكًا بالكتابة، معتبرًا أن اهتمام القراء بقراءة كتاباته، والجمهور بمتابعة أعماله هو أفضل تكريم قد يناله المبدع.