هل هدأت الحرب؟ لا أعرف.. ولكنى تركتها يوم السبت اللى فات على حافة الاشتعال بين عشيرتين من عشائر قبيلة أرميلات. أرميلات واحدة من كبرى قبائل سيناء. وتعود أهميتها إلى الجيوغرافيا التى تشغلها. والتى يبدو أنها ستحوّلها إلى لاعب رئيسى فى حروب الشرق الأوسط. «لا أشك أنك أدركت الآن أننى أمزح». أنا باشوف مزح المواطن «اللى زيى» حالة طبيعية فى زمن هلاوس الحاكم. إحنا محكومين بجماعة، أستاذية العالم هى هدفها الاستراتيجى. «أستاذية العالم هى التمكن من العالم». لا شك أنك لو قرأت ما أنتجه حسن البنا من أدبيات. أو ألقيت نظرة عابرة من شباك سيارتك على واحدة من بقالات الشاطر. أو حتى تابعت العريان على شاشة من شاشة التليفزيونات، بلاش مرسى خالص، سوف ترى قومًا من طراز نابليون، يستحقون بجدارة أن يكونوا أساتذة العالم ومعلميه. نعود إلى قبيلة أرميلات لنقص الحكاية باختصار: شركة المقاولين العرب تعاقدت مع السفارة القطرية على توريد الزلط لغزة ب15 جنيهًا للمتر الواحد. هنا لعلك تذكّرت أن قطر خصّصت 350 مليون دولار لدعم غزة. لم تستلم حماس منها «سنت واحد» فى يدها. تتعاقد سفارة قطر فى القاهرة مع المقاولين. وتقوم ال«سى آى إيه»، كما قال هيكل، بمراجعة الفواتير.. فاتورة.. فاتورة.. المهم أن شركة المقاولين العرب «ووكيلها المحلى المسؤول عن الحركة على الأرض» وظّفت واحدًا من رجال قبيلة أرميلات للقيام بتشوين الزلط وحراسته، لماذا؟ لأن التشوين يتم بالقرب من المعبر الذى يقع فى أراضى القبيلة. شركة فلسطينية «قالوا لى اسمها، حاجة إنجليزى كده، لكنى نسيته أو بالأحرى لم أهتم به» لفّت «بالتعبير البدوى» للسفارة القطرية، وعرضت عليها أن تأخذ عقد توريد الزلط ب8 جنيهات للمتر الواحد. امتنعت السفارة القطرية عن تجديد العقد مع شركة المقاولين العرب، وأعطته للشركة الفلسطينية. طيب وين مشكلة قبيلتك هنا يا عم مسعد؟ آه، أقولك يا سيدى: الشركة الفلسطينية أعطت حق تشوين وحراسة الزلط لرجل من قبيلتى، هو غير رجل المقاولين العرب، ومن عشيرة غير عشيرته. المشكلة الآن، أن رجل المقاولين العرب، راسه و1000 سيف ما تعدّى ولا حبّة زلط إلا بأمره هو. وتركت القبيلة وسيناء كلها يوم السبت اللى فات. والعشيرتان تحشدان الرجال وما تيسّر مما تعرف. وحين سألونى، قلت هذا صراع صدر.. لصدر. وليس صراع كتف.. لكتف. وأنا رجل سلمى مدنى، من رجال الثورة المصرية. لى فى صراع الأكتاف، ليس فى صراع الصدور. وحين سألت العاقلين قالوا، إذا لم ينحل الصراع بين العشيرتين، فسوف يتدخّل الجيش ويتأبط عقد توريد الزلط مع عقد توريد الأسمنت. نسيت أن أقول لك: إن توريد الأسمنت إلى غزة تعاقد عليه الجيش. لكن ما الذى أدخل قبيلتى فى هذه الخيّة؟! القصة طويلة تبدأ من الثورة السورية. طلب حمد شيخ قطر، من خالد مشعل أن يترك بشار الأسد. تصدّى للفكرة الجعبرى قائد كتائب القسام، جناح حماس العسكرى، الذى يأتى تمويله وتمويل مقاتليه من إيران «تقريبًا 12 مليون دولار فى السنة». طار حمد شيخ قطر، مصطحبًا الشيخة موزة إلى غزة. وهناك قال لهم منى 350 مليون دولار، لكنه عرض فواتير، كما رأى الجعبرى، بينما إيران تدفع بالدولار الأخضر. اعترض الجعبرى. عرضوا عليه السلاح من ليبيا بدلًا من إيران، لكن الصواريخ القادمة من ليبيا نجحت إسرائيل فى اختراقها «الله وحده يعلم كيف؟»، وحطت فيها أجهزة تسمح لها بمراقبتها والتصدى لها وضربها فى الجو. هنا ركب الجنون رأس الجعبرى، لدرجة أن خالد مشعل هدّد بتقديم استقالته، والعودة كعضو عادى فى حركة حماس. عند هذا الحد كان لا بد للطائرات الإسرائيلية أن تقوم بالواجب. وهو الواجب الذى لا شك أنك تعرفه، والذى على إثره استشهد الجعبرى، حين كان يقود سيارته من طراز كيا سيراتو فى أحد شوارع القطاع..