بصفتي رجلًا شرقيًا أولًا وطبيبًا مخضرمًا ثانيًا فأنا مدرك تمامًا للأحساس الذي ينتاب المريض المصري حين يكتب له طبيبه (لبوسًا) في روشتة العلاج.... الموضوع صعب جدًا......بجد.... الحقيقة أن المريض المصري بينه وبين اللبوس... أو (الأقماع) بلغة إخونا الصيادلة... علاقة غير عاطفية بالمرة.... ما أن يسمع المريض كلمة لبوس حتى يتجهم ثم يخفض رأسه بانكسار غريب ويهمس بصوت خفيض لا تكاد تسمعه: * مافيش حاجة تانية غير اللبوس ده يا دكتور؟؟... برشام ولا إن شاء الله حقن بس بلاش لبوس.... * ليه يا سيادة المريض المصري؟... مع إن اللبوس مش بيوجع زي الحقن!!! * معلش أصل اللبوس ده نوع من العلاج مؤذي للنفسية... * مؤذي ليه بس كفا الله الشر؟ * علاج كده مافيهوش (حسن نية) * وإيه علاقة اللبوس بحسن النية؟؟؟ * إنت فاهم كويس يادكتور....ماهو إنت مصري برضك زينا هكذا علمتني الأيام ألا أكتب لبوسًا لمريض مصري إلا مضطرًا لأن المريض المصري يرتاب في اللبوس ارتيابًا عجيبًا يصل حتى الشك في (حسن نية) الطبيب الذي يصفه له....!!!! المقدمة دي مهمة قوي علشان نعرف نتكلم في موضوع الدستور.... النظام عمل دستور... وقال عليه أعظم الدساتير ونبراس الحريات وثمرة ثورتان عظيمتان... وووو... ثم حشد له عشرين مليون مصري صوتوا (نعم) بنسب مذهلة وصلت إلى أكثر من 98% .... مش بس كده دول المواطنيين نزلوا رقصوا عشرة بلدي قدام اللجان احتفالًا بهذا الدستور إلى درجة أذهلت كل المراقبيين...!!!! معقولة بعد ده كله نطلع نقول لهم كما قال المذيع اللوذعي القصير أبو رأسين: ( إحنا لبسنا الدستور).......؟؟؟؟ لبسناه؟؟؟؟.... يا نهار أسود !!!! تسعين مليون مصري لبسوا مأتي ورقة فلوسكاب من النوع العريض هكذا ببساطة شديدة وبدون صرخة ألم واحدة؟؟؟؟...إزاي!!!! وبعدين إيه حكاية إن الدستور ده (حسن النية)؟؟؟؟....حسن النية إزاي وهو لبوس كما تفضلت وشرحت لنا كتيبة الإعلاميين المتحديين أصحاب الحق الحصري في الكلام باسم النظام... كيف يكون لبوسًا ويكون (حسن النية) في ذات الوقت؟؟؟... هذا لا يمكن أن (يستقيم) في بلادنا من واقع خبرتي الطبية المتواضعة. من الآخر كده: يا إما يكون لبوسًا يا إما يكون (حسن النية)... ما ينفعش يكون الاتنين... أصل مافيش في مصر لبوس (حسن النية).. أبدًا.. أبدًا.. أبدًا مش نفوق بقه يامصريين؟؟؟؟