يختار أغلب السوريين الفارين من جحيم الحرب الدائرة منذ أكثر من 4 سنوات في بلدهم، ركوب البحر في مراكب متهالكة ليصلوا إلى القارة الأوروبية، لكن سوريين آخرين فضلوا الوصول لأوروبا بعيدا عن مخاطر البحر وشبح الموت غرقا أو برصاص حرس الحدود، ولكن فعلوها على طريقتهم الخاصة، ودخلوا القارة العجوز عن طريق القارة المتجمدة. ولكن كيف يحدث ذلك؟ فالقارة القطبية الشمالية، منطقة متجمدة، وتتدنى الحرارة في الشتاء في هذه المنطقة إلى 15 تحت الصفر. في البداية يدخل اللاجئ السوري إلى تركيا عبر المعابر الحدودية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، ثم يحصل على تذكرة طيران إلى روسيا - الداعم الأكبر لنظام الرئيس بشار الأسد - ثم إلى مورمانسك في شمال غرب روسيا ومنها إلى كيركينيس الحدودية مع النرويج، ثم العبور من معبر ستورسكوج الحدودي، ولم يدخل من هذا المعبر سوى 5 أشخاص فقط على مدار عام كامل، قبل مجئ اللاجئين السوريين. ويقول قائد الشرطة في النرويج ستاين هانسن، أنه "في العام الماضي تم تسجيل 5 حالات عبور بمعبر ستورسكوج الحدودي"، وقال هانسن: "تمكنا من احتواء التدفق إلى الآن، ووصل حوالي من 60 إلى 70 من المتقدمين بطلبات اللجوء بالدراجات من روسيا". وتابع، سجلنا مرور 220 من طالبي اللجوء في العام الجاري معظمهم من سوريا. ويدخل اللاجئين المعبر الحدودي مستخدمين، الدراجة لأنها تعتبر مركبة، حيث توجد معاهدة متعلقة بالحدود بين البلدين لا تسمح للأشخاص بعبور الحدود على الأقدام. وتقول رئيسة لجنة المساعدة المدنية في موسكو سفيتلانا جانوشكينا، وهي مؤسسة غير ربحية تساعد اللاجئين، إن طريق الدائرة القطبية الشمالية ملائم لأن "الحدود تتميز بحرية الحركة وعبورها سهل إلى حد ما". وعلى عكس ما يحدث في بلدان أوربي أخرى، مثل المجر التي تقف حجر عثرة في وجه اللاجئين السورين، وتمنع نقلهم بالقطارات إلى دول أوروبا الغربية وقيامها بنشر الجيش لمواجهة اللجوء، او مقدونيا التي أغلقت حدودها في وجهم، يجد اللاجئون معاملة محتلفة فبعد دخول الحدود النرويجية، يتم تحرير الطلبات الخاصة باللجوء، وبعدها يتم إرسالهم بطائرة إلى العاصمة النرويجيةأوسلو، حيث يتم تقييم حالاتهم هناك. واتفقت الأحزاب النرويجية على صيغة قرار يسمح للحكومة باستقبال ثمانية آلاف لاجئ سوري على أراضيها، بدءاً من العام الحالي وانتهاءً بالعام 2017، وذلك بعد الدعوة التي وجهتها الأممالمتحدة للدول الأوربية باستقبال لاجئين. ويشجع القرار البلديات في المقاطعات النرويجية على استقبال أعداد أكبر من اللاجئين السوريين داخل أراضيها، وذلك بتخصيص مبالغ مالية إضافية لذلك الغرض. كما اقترحت رئيسة وزراء النرويج إرنا سولبرج، أمس الأربعاء، أن تستضيف بلادها -وهي من بين أكثر الدول مساهمة في المساعدات الخارجية - مؤتمرا للدول المانحة لمساعدة الأممالمتحدة في تمويل برامج المساعدات للاجئين السوريين. ويأتي هذا العرض بعد أيام من تصريحات للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند دعا فيها إلى مؤتمر دولي للاجئين في وقت يسعى فيه مئات الآلاف منهم إلى بلوغ غرب وشمال أوروبا هربا من الحروب والاضطرابات, خاصة في سوريا والعراق وأفغانستان. حسام الحمصي، لاجي سوري في النرويج، يقول "إن النرويج من بين البلاد التي لا يرغب اللاجئين السوريين مؤخرا في تقديم طلبات لجوئهم فيها، وذلك بسبب التأخير الكبير في إجراءات الإقامة، بالإضافة إلى وجود مشكلة في السكن والعثور الصعب عليه، كما أن الإقامة التي تعطى للاجئين هي من النوع السنوي، والتي لا يمكن للاجئ أن يستقدم عائلته وفقها". ويعيش في النرويج خمسة آلاف لاجئ وسوري في مراكز الإيواء التابعة للدائرة الهجرة النرويجية، ورغم حصولهم على الإقامة الإنسانية في النرويج، إلا أن مشكلة العثور على السكن تمنعهم من الخروج خارج تلك المراكز، حسب ما أشار إليه الحمصي.