قبل أن يغادر الأخ الرئيس مرسى الخرطوم عائدا إلى القاهرة بعد زيارته الأولى للسودان، كان موقع «الجزيرة مباشر» الإخبارى ينقل عن مساعد الرئيس السودانى البشير تصريحا يقول فيه إن مرسى قد وافق على تعديل الحدود وضم «حلايب وشلاتين» للسودان!!.. وقد سارع المتحدث الرسمى باسم الرئاسة المصرية بنفى ذلك قطعيا، لكن التساؤل يبقى عن مغزى تصريحات المسؤول السودانى القادمة عبر الموقع الإخبارى القطرى، وعلاقتها بما يجرى من أحداث فى الداخل وصراعات فى المنطقة؟! ولعلها الصدفة وحدها هى التى جعلت إثارة هذا الموضوع الهام الذى يتعلق بالحدود الجنوبية والعلاقات مع الشقيقة السودان، تترافق مع تطور خطير آخر يتعلق بالوضع على حدودنا الشرقية، حيث أطلق رجل أعمال فلسطينى يدعى عامر العظم دعوة على موقع «فيسبوك» لاستعادة سيناء من مصر، زاعما أنها كانت دائما جزءا من الأراضى الفلسطينية، وأنه لا ينبغى الاعتراف بالحدود الحالية بين فلسطين ومصر، لأن فلسطين كانت عند رسم هذه الحدود تحت الانتداب البريطانى، كما يقول رجل الأعمال الفلسطينى الذى عمل لأكثر من ثمانى سنوات فى وزارة الخارجية بدولة قطر!! أعرف أن الشعب الفلسطينى يرفض مثل هذه الدعوات المشبوهة التى تريد أن تبعده عن قضيته الأساسية وهى حقه فى أرضه المحتلة من قبل العدو الصهيونى. وأعرف أن شعبنا العربى الفلسطينى سبق أن أدان كل المحاولات الصهيونية والأمريكية لخلق صراع مصرى-فلسطينى، ورفض أى حديث عن التوطين فى سيناء، أو أى مساس بأمنها من جانب أى طرف عميل من داخل القطاع أو من خارجه. لكن السؤال يبقى عن مغزى الدعوة المشبوهة، ومن يقف وراءها، ولماذا فى هذا الوقت بالذات، حيث تتعرض سيناء لهجمة شرسة من عصابات الإرهاب، وتوضع العقبات أمام جهود جيش مصر لاستعادة السيطرة الكاملة على سيناء، ويجرى تداول المعلومات عن مخططات التصفية النهائية للقضية الفلسطينية، واستغلال وجود «الإخوان» فى السلطة لتحرير هذه المخططات مقابل الدعم الأمريكى لهم!! لماذا تأتى هذه الدعوة المشبوهة والمرفوضة جملة وتفصيلا حول سيناء فى هذا التوقيت؟! ولماذا تترافق مع كلام المسؤول السودانى حول حلايب وشلاتين؟!.. وإذا أضفنا إلى ذلك الوضع على الحدود الغربية مع الشقيقة ليبيا التى تواجه محاولات الفوضى والتقسيم، وحيث يواجه العمال المصريون المشكلات، وتتلقف الحدود سيلا من السلاح المهرب.. إذا أضفنا ذلك إلى المشهد، فإن السؤال الكبير هو: هل المقصود إغراق الجيش المصرى -فى هذا التوقيت بالذات- بالمشكلات على كل الجبهات؟ وهل تهديد الأمن القومى بهذه الصورة هو الرد على تطلعات شعب مصر لجيشه الوطنى باعتباره الحصن الأخير الباقى لمنع سقوط مصر فى دائرة الفوضى على يد الحكم الفاشل.. والفاشى؟! هل المطلوب هو تشتيت الانتباه فى معارك مفتعلة، حتى يتمكن الفاشيون من استكمال سيطرتهم على الدولة؟! وهل إشعال الحرائق على الحدود هو المساهمة التى يقدمها الأشقاء فى التنظيم لفرع مصر وهو يصارع للهيمنة على الدولة العربية الأكبر؟.. أم أن الأمر يتجاوز هذا كله لإدخال مصر فى مخطط التقسيم والفوضى الذى يجتاح المنطقة فى ظل الدعم الأمريكى لحكم الإخوان والجماعات المتأسلمة لتحقيق المصالح المشتركة على حساب الشعوب فى مصر والدول العربية؟ أيا كان الأمر، فالرد على ذلك كله هو أنه لا تنازل عن حبة رمل واحدة من أرض مصر، والوعى الكامل بأن أمن مصر القومى ليس محل مساومة أو صفقات، وأن جيش مصر الوطنى سيظل حاميا للوطن ومناصرا أيضا للشعب ولن يتحول إلى أداة للحكم أو عبء على النضال الوطنى. وتبقى الحقيقة الأساسية وهى أن الأمن القومى لا يمكن أن يتحقق فى ظل حكم ينتقل من فشل إلى فشل، ولا فى ظل سياسات تقود إلى الإفلاس الاقتصادى والفوضى الأمنية، ولا فى ظل فاشية تقود البلاد إلى طريق الحرب الأهلية. تأمين الحدود يبدأ من الداخل.. بإسقاط الفاشية وتحصين الوطن بالعدل والحرية. هذا هو درس التاريخ للشعب والجيش معا!!